ماذا تقول يا صاحبي (الصورة والرمز)

* سأبدأ حديثي معك اليوم بتحديد معنى مفهوم أدبي غالبا ما استخدمه ويستخدمه نقاد الأدب في تناولهم لنتاج الأدباء ولا سيما الشعراء منهم, ألا وهو مفهوم الصورة والرمز, ففي كتابه (حركة الشعر العربي الحديث من خلال أعلامه في سورية)، يسردد. أحمد بسام ساعي وجهة نظره في المفهوم المذكور، بأن هناك حقيقة في طبيعة الأشياء وراء الحقيقة الظاهرة, يسعى إليها الشاعر ليكتشفها, ولا يستطيع ذلك بالطرق العادية, وعندها يقف منها موقفا جديدا, حتى يضع يده على دخائلها الخفيّة, فيمكننا (أي الشاعر) من خلال ذلك, من التوصل إليها معه، فهو يكتشف تأثير الأشياء فينا بعد أن كان واقعها الظاهر يحجب عناصر تأثيرها الحقيقية عن مداركنا العادية, ثم يستطيع بما يملك من قدرات فنية أن ينقل إلينا هذا التأثير عن طريق اللغة!.

- إذا كنت تريد أن نتحدثفيما تحمله المفاهيم والمصطلحات الأدبية من معان ومدلولات, فهات إذن ما لديك.
* لا.. لست أريد أننتحدث في مجال الأدب, وإنما قصدت إلى التوطئة للحديث عن الهمّ الوطني بالتدقيق في فهمنا واستيعابنا لمكوناتالأوضاع التي تحيطببلادنا والمنطقة عامة وعدم الاكتفاء برؤية ظواهر الأشياء وما يطفو على السطح الطبيعة, إن فهم الصورة والرمز لا ينحصر في ميدان الأدب وحده، بل يتعداه إلى سائر مجالات الحياة والكون، وهو برأيي المدخل العلمي والعملي لفهم الواقع الراهن بكل تفصيلاته ومكوناته وبشكل معمق ودقيق, وكلاناندرك لا شك، كما هي حال غالبية المواطنين المتابعين للأوضاع، أن الهم الوطني هو الشغل الشاغل لأبناء الشعب دون تجاهل الهم المعيشي الاجتماعي, فالمعركة على جبهتي لبنان وسورية قد دخلت مرحلتها الثانية بضراوة وشراسة لا تقل عن ضراوة وشراسة الحرب على لبنان (بعد أن هدأت مؤقتا أصوات المدافع والقذائف)، فالأساطيل الأمريكية والأوروبية تحتشد على شواطئ لبنان وفي حدود المياه الإقليمية السورية, وكذلك القطعات العسكرية البرية والجوية, هذه الحشود التي تترافق بإعلان صريح عن هدفها الرئيسي في إقامة شرق أوسط جديد!!! وبتحرك علني وسري لأدوات وعملاء معسكر الإرهاب الدولي.
 -أتعني أن المواجهة وشيكة بيننا وبين الأعداء؟!
* نعم ... والقلق يساور النفوس في أن الاستعدادات لهذه المجابهة التي قد تداهمنا بأسرع مما يتوقعه «البعض» ليست على المستوى المطلوب, وخصوصا بعد أن تعرت أهداف وأطماع الحكومة الأمريكية وكلب حراستها الكيان الصهيوني في حصار سورية عسكريا من داخل لبنان وبتواطؤ مفضوح مع عناصر أساسية في حكومته, ومن المياه «الدولية» قرب شواطئنا البحرية, وحتى من داخل العراق وشرقي الأردن.
إن خطورة الأوضاع تدفعنا إلى التيقظ وعدم هدر الوقت المتناقص أصلا , وبزج كل الإمكانات والطاقات المتوفرة لدى شعبنا ووطننا, ولنستفد ولنعتبر بتجربة إخوتنا في المقاومة اللبنانية الباسلة التي بيّنت بجلاء أوضح من ضوء النهار أن الدفاع عن الوطن وتحرير المحتل من أرضه، يتطلب أول ما يتطلب إعلان موقف محدد تجاه الامبريالية الأمريكية والصهيونية كعدو رئيسي لبلادنا ولشعوبنا, وتهيئة كل مستلزمات المعركة القادمة لا محالة على كل الأصعدة - برمجة وتخطيطا وعملا ملموسا - وهذا هو مفهوم الوضع الراهن (صورة ورمزا) في الدفاع عن الوطن وتحرير الجولان بتوفير مقومات مشروع المقاومة باعتباره الخيار الوحيد.... المجد للمقاومة ولا مساومة.... فماذا تقول يا صاحبي؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
281