دردشات المرحلة الحرجة
عودة عبد الحليم خدام إلى (البروزة) في المحطات التلفزيونية، أعادتني للكتابة عنه خصوصاً وقد سقط قناع الزيف عن وجهه، وظهر على حقيقته، بإعلان انضمامه إلى المعارضة المشبوهة، التي تستقوي بالأمريكان، ليحققوا الديمقراطية في بلدنا. . .
هبت موجة ضخمة من الانتقادات والإدانات بحقه من مختلف الأوساط الرسمية والحزبية والثقافية، وأبرزها كانت جلسات أعضاء مجلس الشعب، الذين انطلقوا يصبون جام غضبهم عليه، هذا يصفه باللص الكبير الذي سلب ونهب، وذاك يتهمه بالخيانة الوطنية. . . ويطالب بإصدار حكم الإعدام بحقه، وآخر يتطرق إلى جرائم أولاده في طمر بقايا مواد نووية في الأراضي السورية، وغيره يذكر توزيعه لمئات السيارات الحكومية على الأقارب والزلم والخلان والخليلات. . ..
وبعضهم اغتنمها فرصة سانحة وشن هجوماً قوياً على الفساد والمفسدين الكبار المعششين في مرافق الدولة.
لقد شكلت مداخلات أعضاء مجلس الشعب، من حيث مضمونها قفزة جريئة عكست نبض الشعب، وبردت منه الغليل، وتمنى أن يكون بادرة أولية، تستمر لتطال رؤوساء كبار من ناهبي خيرات الشعب والوطن، لكن هيهات، لقد كانت أشبه بهدير رعود ربيعية، وسكتت شهرزاد عن الكلام المباح، إلا بوحي وتوجيه.
إن ربع خدام الذين هم من نفس طينته، ولم يقصروا ب. . . . .الفساد عنه، منتشرون في أجهزة الدولة وخارجها، ومسكوت عنهم، كما كان مسكوتاً عن خدام، ويشكلون ـ كما ورد في قاسيون ـ بوابات العبور للعدوان الخارجي بتهيئة الظروف المناسبة له، من خلال زيادة الاستعصاء واستحكامه اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً.
وهاهو خدام في مقابلته الأخيرة بتاريخ 16/9 يقول حرفياً: (إذا لم تجر تغييرات في سورية، ستتحول إلى الحالة العراقية (أي الاقتتال الداخلي) ويحرض البعثيين السوريين على الانضمام إلى صنعه لإجراء التغييرات اللازمة ويطمئن المسيحيين في سورية بعدم الخوف من تحالفه في (جبهة الخلاص) مع الإخوان المسلمين. . . . ألا تتقاطع هذه الدعوة العلنية للنشاط التخريبي في سورية مع التكالب الأمريكي على سورية وإيران، بعد أن حققت المقاومة اللبنانية هذا الانتصار الكبير الذي عرقل ولادة مشروع الشرق الأوساط الجديد، كما كان مرسوماً في تفكير كونداليزا رايس.
إن البلدين مدعوان لتقوية جبهتهما الداخلية المقاومة، أكثر من أي وقت مضى ـ وإذا كان الخطاب السياسي يتمسك بخيار المقاومة نرى ممارسة الحكومة الاقتصادية وتصرفاتها تجاه مطالب الجماهير الشعبية المعاشية والديمقراطية، تسير بالاتجاه المعاكس تماماً فرغم قرارات المؤتمر القطري العاشر الإصلاحية الهامة ما يزال الفاسدون والمفسدون ينتشرون في أجهزة الدولة وخارجها، يتمتعون بالغنائم الكبيرة بكل أريحية والبطالة تتفاقم، والغلاء يتصاعد باستمرار ضاغطاً صدر ذوي الدخل المكدود والفقر ينتشر أكثر فأكثر، مقابل تنامي ثروات الحيتان المالية، وعشرات الآلاف من العائلات الكردية تعاني الأمرين بسبب انتزاع حق المواطنة منها و.....
إن هذا يدل على أن ثمة أيد خفية متنفذة، تضع العصي في دواليب الإصلاحات، الأمر الذي يؤدي بالضرورة إلى نشر التذمر والاستياء بين أوساط الجماهير الشعبية، وإضعاف روح المقاومة لديها.
إن المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد، من الضغوط والتهديدات الأمريكية ـ الإسرائيلية والحصار المفروض عليها ومن تآمر خدام وربعه، الذين يستقوون بالقوى الخارجية ويبشرون باستلام مقاليد أمور البلد كلها تستدعي بإلحاح تلبية مطالب الجماهير الشعبية المعاشية والديمقراطية على اختلاف أنواعها، لتتحول سورية إلى منارة تشع بالحريات في المنطقة وإلى قلعة مقاومة وصمود في وجه كل عدوان مرتقب على بلادنا.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 282