حين يعطش نهر الفرات!

نهر الفرات الذي شهد على ضفافه أرقى الحضارات وشرب منه أشهر منتجي الحضارة في تاريخ هذا العالم، تحول إلى مجرد مجرى ماء ضحل يستطيع الأولاد المشي بين ضفتيه.

هو مشهد يتكرر خريف كل عام، وإن صار موسم الجفاف في كل عام يعاود الحضور بصورة مبكرة عن العام الذي سبقه في عموم البلاد، وأكثر ما تتأثر به هي المسطحات المائية وتحديداً الأنهار..
في منطقة الميادين وعبر الجسر الذي يربط منطقتي الشامية والجزيرة، وقفت أتأمل نهر الفرات الذي دعي يوماً ما بالخالد وورد ذكره في الكتب المقدسة كأحد أنهار الجنة، حتى أنه بما يعنيه من خصب وخير وعطاء وحياة، أصبح أحد أركان الحلم الصهيوني الطامع في بلادنا عندما فصلت الحدود المزعومة للكيان الصهيوني من الفرات إلى النيل،
يزود نهر الفرات أكثر من نصف سكان سورية بماء الشرب والري والصناعة والنفط .. وحتى لغسيل السيارات، فهو شريان الحياة الحقيقي لقسم كبير من البلاد وأهم مصادر ثروتها المائية، وفقدانه سيشكل كارثة اقتصادية وبشرية وبيئية لا يمكن تحملها..
ومع ذلك كله، يجري العمل لزيادة مساحات الأراضي المروية من مياه الفرات على طول مجرى النهر، فهناك مشروع استصلاح أراضي منطقة الموحسن والصور ومنطقة الميادين وذيبان ومشروع ري سهول حلب وإدلب،  والعمل في هذه المشاريع جار وكأن الفرات ما يزال كعهد أجدادنا به.. فرق الدراسات والمسح تجوب القرى وسهول البادية لشق أقنية الري، طبعاً دون أي تقييم للآثار البيئية الناجمة عن تلك المشاريع، وحال النهر هذه الأيام، أي في موسم الجفاف، هو مقدمة لما يمكن أن يصير إليه في المستقبل في موسم الفيضان، وما آلت إليه أنهار الجنة الأخرى كبردى والعاصي وقويق وغيرها تؤكد أن المسألة جدية جداً، وليست مجرد رغبة في التهويل..  

معلومات إضافية

العدد رقم:
283