دير الزور.. التهاب الكبد الوبائي .. بين التلوث والتستر!!
في خطوة ايجابية غير مكتملة تُشكر عليها مديرية الصحة كان التهاب الكبد الوبائي بأنواعه الخمسة، موضوع ثلاث ندوات أقامتها مديرية الصحة في البوكمال والميادين وآخرها يوم الخميس 14/5 في ديرالزور. تركزت هذه الندوات حول معلومات طبية مع شرح مفصل عن المرض، ولم تتطرق إلاّ جزئياً للأسباب والحقائق بالأرقام في سورية، وهذا يندرج تحت باب التستر علىالسبب الحقيقي وهو التلوث، خاصة المياه، بل وصل الأمر إلى أن أحد المسؤولين اعتبر من يتحدث عن تلوث المياه خيانة وطنية، وهذا الاتهام لن نقبله ولن نسكت عنه، وسنكشفه لأنه يمس حياة المواطنين!!
ولتبيان حجم المأساة نذكر بعض الحقائق من الواقع والندوة:
ـ رئيس مكتب نقابة عمال الصحة في مؤتمر سابق لاتحاد عمال المحافظة قال إن 40% من إصابات التهاب الكبد في سورية تتمركز في ديرا لزور، وتساءل كيف تخفض وزارة الصحة كمية العلاج وفترته من سنة إلى 6 أشهر في ديرالزور وتبقيه في دمشق؟ وطالب بتشكيل لجنة مختصة لدراسة التلوث ومنه تلوث المياه. فأجيب بإجابة وحيدة من أحد المسؤولين بأن يترك الحديث عن المياه لأهل المياه، وعندما حاول توضيح الأمر مُنع من ذلك.
ـ نقابي آخر أشار إلى تلوث المياه، وان التعقيم بالكلور لم يعد يجدي وطالب بالتعقيم بالأوزون، ففي عموم محافظة ديرالزور لا توجد أية محطة معالجة للصرف الصحي، وجميع المجاري في المدينة والريف تصب في نهر الفرات، ونسبة التلوث فيه عالية، والتهاب الكبد ينتقل بالدرجة الأولى عن طريق التلوث بالبراز، والخضروات والمزروعات تروى من مياه النهر، إضافة إلى مياه الشرب التي تؤخذ منه!
ـ تبين أن نوعاً واحداً من التهاب الكبد يدخل في اللقاح الوطني، وأغلب المشافي العامة والخاصة لا توجد فيها محارق نظامية للنفايات الطبية، أحد الأسباب الرئيسة للعدوى.
ـ الإحصائيات التي قُُدمت في الندوة تناولت فترة زمنية قصيرة وأماكن محدودة جداً خلال شهر وفي مشفى أو بنك الدم واقتصرت على شريحة واحدة مثلاً المتبرعين بالدم وهم من الذكور حصراً وفي سنٍ محددة، ومقدمة من منظمة الصحة العالمية بشكل شمولي عام، ولدول أجنبية وعربية، بينما لم تُذكر إحصائيات لوزارة الصحة خاصة بسورية.
ـ تبين ارتفاع النسبة من الإصابات في منطقة البوكمال كونها آخر منطقة حدودية مع العراق وآخر نقطة للنفايات النهرية.
ـ اتساع المساحة التي تغطيها المراكز الطبية المختصة بالوباء، وقلة الإمكانات والعناصر الطبية المخصصة.
ـ الحديقة البيئية التي أنشأتها جمعية أصدقاء البيئة (حياة) لتكون متنفساً بيئياً للمواطنين الفقراء، تتعرض للتخريب والسرقة، وقد سرقت ثلاث مرات وآخرها سرقة الخلايا الضوئية للطاقة الشمسية، مع أنها تبعد عن قيادة شرطة المحافظة حوالي 200 متر فقط، ولم يحرك أحد ساكناً.
واقع ليس مؤلماً فقط، وإنما يتنافى مع ما يقال عن تنمية المنطقة الشرقية. فعروس الفرات موبوءة وكل من يتهاون أو يتستر على هذا الواقع تجب محاسبته، لأن ذلك يمس عدداً كبيراً من أبناء الوطن يستحقون الحياة، كما جاء في الفقرة الأخيرة المصورة من برنامج الندوة التي لم تُعرض لضيق الوقت!
نطالب المسؤولين كافة عن هذا الأمر، وخاصة وزارة الصحة ورئاسة مجلس الوزراء، بحلول إسعافية وجذرية للمرض، وحل مشكلة التلوث، وأولها ماء الشرب ونهر الفرات والهواء والتربة، وخاصة التلوث الناجم عن شركات النفط المستثمرة، ونقترح جرّ مياه الشرب من بحيرة سد الفرات، لأن أغلب محطات التصفية في الريف تقع عند مصبات الصرف الصحي، وهذا يشكل تلوثاً بيئياً وصحياً خطيراً، يهدد كرامة المواطنين النابعة من كرامة الوطن، التي هي فوق كل اعتبار!
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 405