العودة المشروطة معيقة للتعافي!
ما زال جزء هام من أهالي مناطق (السبينة- البويضة- الذيابية- حجيرة- الحسينية) في ريف دمشق الجنوبي، لم يعودوا حتى الآن إلى مناطقهم وبيوتهم، على الرغم من الأحاديث الرسمية كلها عن ذلك.
تلك المناطق كانت قد أُعلنت مناطق آمنة، وتم العمل على إعادة تأهيل البنى التحتية فيها، من أجل استعادة الإقلاع بالخدمات العامة، كما تم الإعلان عن أن عودة الأهالي إلى بيوتهم فيها ستكون على مراحل، وذلك منذ العام المنصرم، إلا أن تلك العودة لم تستكمل حتى الآن.
أرقام رسمية
في تصريح لوزارة المصالحة عن الموضوع، عبر وسائل الإعلام بالشهر الخامس من هذا العام، قيل: أن هناك احتمال لعودة 30 ألف عائلة إلى السبينة، و3 آلاف عائلة إلى البويضة وألف عائلة لكل من حجيرة والذيابية، وذلك بعد أن أصبحت هذه المناطق جاهزة ومؤهلة لعودة الأهالي إليها.
في حين، وبتصريح سابق قيل: أن هناك توقع بعودة 150 ألف مواطن إلى هذه المناطق، مع الإشارة إلى أن الأرقام المسجلة في اللوائح الاسمية، هي أكثر من ذلك بكثير، وبأن عدد النازحين منها على أثر هجوم التنظيمات المسلحة كان أكثر من 200 ألف مواطن، وبأن تلك العودة من المقرر أن تبدأ خلال شهر، وقد كان ذلك في الشهر الثالث من هذا العام!.
بقي أن نشير إلى أن تلك المناطق كان قد أعيدت السيطرة عليها من قبل الجيش بأواخر عام 2013، وبدأت إجراءات العودة لمنطقة الحسينية منذ عام 2015، وتحديداً في الشهر الثامن منه.
العودة المشروطة!
ثلاثة أعوام كاملة، على استعادة السيطرة على تلك المناطق، وعامان على بدء العودة المشروطة بمراحل، ووفق جداول اسمية، وحتى الآن لم تستكمل تلك العودة للأهالي جميعهم، وحتى من عاد منهم إلى تلك المناطق ما زالوا محكومين بالدخول والخروج بموجب بطاقات إقامة يجب إبرازها، كما ممنوع دخول الزوار إلى تلك المناطق من أقرباء ومعارف، ناهيك عن الحواجز الموجودة على طول الطريق، إلى هذه البلدات وعلى مداخلها، مع ما يستبع ذلك من سلوكيات سيئة تجاه المواطنين أحياناً من قبل بعض أفرادها.
ليست استثناء
هذه المناطق القريبة من العاصمة، حالها كحال غيرها داخل العاصمة نفسها، مثل القدم ونهر عيشة، وكحال الكثير من المناطق الأخرى في مدن أخرى، التي تعتبر مؤهلة لعودة الأهالي إليها، باعتبار أن الدمار الذي لحق بها كان جزئياً، على مستوى الأبنية كما على مستوى البنى التحتية، والتي عملت الجهات العامة على إعادة تأهيل البنى التحتية فيها، وما زالت!.
استعداد للمساعدة بمقابل الاسراع بالعودة
لقد أعرب الأهالي في تلك المناطق، عن استعدادهم للعمل على إعادة تأهيل أبنيتها بالتعاون مع الجهات العامة أيضاً، بغرض الإسراع بعودتهم إلى بيوتهم، ومتابعة حياتهم، بعد أن شردتهم الحرب والأزمة، وتضرروا بسببها، وقد تم التعبير عن ذلك عبر اللقاءات الرسمية مع الجهات المعنية، حسب ما تناقلته وسائل إعلام محلية عديدة.
استمرار المعاناة غير مبرر!
لعل أهم ما يعاني منه هؤلاء، بالإضافة لواقع التشرد والنزوح، وعمليات التعفيش التي أتت على ممتلكاتهم، هو ما يتكبدونه شهرياً لقاء بدلات الإيجار التي يدفعونها، على حساب متطلبات حياتية ومعيشية ضرورية أخرى، والتي لم تعد مبررة لهم بعد استعادة السيطرة على مناطقهم، وعودة الخدمات إليها، كما لم تعد الشروط الموضوعة للعودة بالنسبة لهؤلاء، مبررة هي الأخرى، كما الإجراءات على الحواجز المنتشرة.
وجل ما في الأمر بالنسبة لهم على مستوى تأخير العودة وعرقلتها، هو: المزيد من الإنفاق على بدلات الإيجار، والمزيد من التشرد وعدم الاستقرار، خاصة وقد لمس البعض منهم، بأن هناك خيار وفقوس بموضوع العودة والاستقرار، بموجب القوائم الاسمية المسجلة لهذه الغاية، والتي من المفترض أن يعمل بموجبها بالحد الأدنى، إن لم يكن هناك من مبرر لإلغائها أصلاً، باعتبار أنها غير مستكملة على مستوى تسجيل الأهالي جميعهم فيها، خاصة وأنها تحت وصاية اللجان المخولة رسمياً بمسكها وتحديثها، والموجودة في تلك المناطق، والتي يصعب وصول الأهالي جميعهم إليها، بفعل الحواجز، ومنع الدخول لمن لا يملك بطاقة الإقامة، وغيرها من الأسباب الأخرى.
إيجابيات لا يجب إغفالها
يجب ألا يغيب عن الذهن، بأن عودة الأهالي إلى المناطق المسيطر عليها والمؤهلة لذلك، باعتبار الدمار فيها جزئي وليس كلياً، بالإضافة إلى أنه عامل مساعد على استعادة العافية الحياتية والاقتصادية والاجتماعية إليها، فهي تقدم خدمة مباشرة على مستوى المناطق المكتظة سكانياً بفعل التشرد والنزوح بنتيجة الحرب والأزمة، مع ما يستتبع ذلك كل من تخفيف ضغط على مستوى الخدمات العامة في تلك المناطق، ناهيك عن تخفيف الضغط بالطلب على الإيجارات، ما يعني تخفيض بدلاتها الشهرية تباعاً هي الأخرى، ناهيك عن عوامل الاستقرار المجتمعي التي تنعكس إيجاباً على مناحي الحياة الأخرى كافة، وخاصة على الجانب الاقتصادي والوطني العام.
السوريين عموماً لم يلمسوا إيجابيات استعادة الكثير من المناطق لسلطة الدولة، على الرغم من مضي سنوات على بعضها، وخاصة على مستوى عودة أهاليها إليها، وهم لن يستكملوا فرحتهم إلا بهذه العودة مع نتائجها الإيجابية، وخاصة على المستوى الاقتصادي الاجتماعي، وهم على ذلك حالهم كحال هؤلاء الأهالي، في اعتراضهم على الشروط والعراقيل غير المبررة الموضوعة أمامهم، من أجل استعادة حياتهم واستقرارهم!.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 787