المواطن منهوب... الدولة منهوبة... ماذا بعد ذلك ؟؟؟

لقد جرت العادة عندنا نحن الشيوعيين السوريين تاريخيا، أثناء صياغة خطابنا الوطني أن نركز على الخطر الخارجي،

وإذا كنا نؤكد اليوم على ثبات موقفنا من ذلك الخطر وضرورة مقاومته فإننا في الوقت نفسه نؤكد أن العديد من خطوط التماس تنتقل يوما بعد يوم إلى الداخل، لدرجة يمكن القول إن المجابهة في الكثير من تجلياتها تبدأ من الداخل وإحدى هذه الجبهات هي جبهة الاقتصاد واكبر التحديات في هذا المجال هو النهب الذي يتعرض له الاقتصاد الوطني، وبالأخص النهب الكبير، إذ يقدر حجمه بـ20 بالمئة من الدخل الوطني، وهذا النهب بشكليه المكشوف والمستتر ترك تأثيره على اتجاه التطور العام في البلاد وطبعه بطابعه.

ومن نافل القول إن هذا النهب المفضوح و المستمر منذ عقود زاد من حدة الاستقطاب الاجتماعي حيث أغلبية الشعب السوري تعيش تحت مستوى خط الفقر المعروف عالميا مقابل حفنة من الأثرياء ذوي الأرصدة والممتلكات المقدرة بالمليارات في الخارج والداخل، وهؤلاء استحوذوا على هذه الثروات الطائلة عبر صفقات مشبوهة، أو عبر النهب المباشر للثروة الوطنية، تحت حجج مختلفة، أو من خلال نهب مؤسسات وشركات القطاع العام، ومن الجدير بالذكر هنا إن هذا الثراء الفاحش، والبذخ الاستفزازي، والتمركز الهائل للثروة بيد تلك الحفنة ما كان له أن يكون لولا ذلك التحالف غيرا لمقدس بين قوى السوق ونخبة من جهاز الدولة في إطار تقاسم الثروة المنهوبة على قاعدة وحدة المصالح.

والملاحظ في الآونة الأخيرة تسارع في وتيرة النهب بعلاقة طردية مع تصاعد التهديدات الخارجية ضد البلاد، وكأن النهّابين على موعد مع شيء. ما سيحدث للبلاد، ويتجلى ذلك في استمرار النهب التقليدي عبر التحايل والاختلاس و استخدام النفوذ والسطوة للحصول على صفقات مشبوهة، أو عبر آليات النهب المتطورة في سياق النشاط المحموم لقوننته، و منها قرارات تأجير (الستارة الخجولة للخصخصة) العشرات من مؤسسات وشركات قطاع الدولة والتي تعتبر إحدى آليات النهب ونتيجة من نتائج سيادة علاقات الإنتاج الرأسمالية ذات الطابع الطفيلي و التي هي بالضد من مصلحة الجماهير الشعبية والوطن، وآلية النهب الجديدة هذه وكما هو معروف هي تنفيذ لبرنامج قوى السوق، أي إن حيتان السوق بدأ ت بابتلاع الكل بما فيه جهاز الدولة عن طريق كسر عموده الفقري ( قطاع الدولة ) و وضعه في خدمة تنفيذ برنامجه المتكامل، وا لترجمة الحرفية لذلك هي تحطيم بنية الدولة بكل مكوناتها، لان العديد من هذه المكونات مازالت تقف عائقا أمام تنفيذ ذلك البرنامج، والأعمى وحده لا يرى ما بعد ذلك....

إذا كانت البرجوازية السورية العتيدة وشركاؤه استفادت من تجارب الغير و تجنبت تطبيق (الإصلاحات) بطريق الصدمة خوفا من رد فعل الأغلبية المتضررة من هذه الإصلاحات، فإنها على ما يبدو لم تعد تحسب حسابا لاحد، وتصول وتجول كما تريد، وتبيع ما لاتملكه أصلا، على مرأى ومسمع الجميع ومن هنا ننوه إلى ايجابية رد وود الفعل الأولية ولو كانت بسيطة من قبل العديد من النقابيين وبعض التجمعات العمالية في التصدي للخطوة الأولى في طريق السير نحو الهاوية.

وإنها معركة مفتوحة بين شرفاء هذا الوطن وأبنائه الطيبين من جهة وناهبيه المكشوفين

والمستترين من جهة أخرى.

 

■ عصام حوج

معلومات إضافية

العدد رقم:
230