زهير مشعان زهير مشعان

الدعاوى العمالية في دير الزور.. العمال بين الحقوق المهضومة وميزان العدالة المائل؟!

تعرضت حقوق العمال في السنوات الأخيرة، لكثير من التعديات والتراجعات عن المكاسب، بسب السياسة التي يطبقها الفريق الاقتصادي، والقوانين التي تصدر بين الحين والآخر، فيما يخصُّ قطاع الدولة، والقطاع الخاص، وخاصة من وزارة العمل. وكل هذه القرارت تأتي ضد مصلحة العمال والاقتصاد، وضدّ مصلحة الشعب والوطن؟!

والدعاوى العمالية التي تعدّ بالمئات، أحد أهم جوانب الهضم والغبن لحقوق العمال. فبعضها اكتسب الدرجة القطعية ولم يُنفذ من وزارة العمل والحكومة ككل، وبعضها مضى عليه سنوات من المماطلة في القضاء العمالي والإداري، وكثير منها وقعت في مفارقات عجيبة غريبة، كأن يحكم القاضي نفسه، في القضية نفسها، حكمين متناقضين!! وكل الشكاوى في المؤتمرات العمالية، والمذكرات والبرقيات المرفوعة للجهات المسؤولة يجري تجاهلها.

ومنذ اكتشاف النفط الذي كانت تستثمره (وطنياً) الشركة السورية للنفط، ثم شركتا الفرات ودير الزور فيما بعد، ودخول الشركات الأجنبية (توتال وبكتن وشل وشلمبرجير والنفط القطرية) حدثت خلافات كثيرة وكبيرة بين العمال والشركات حول العديد من الحقوق، فتكدست أروقة المحاكم بالدعاوى المدنية، ولكون الشركات الأجنبية تخضع في علاقاتها مع عمالها لقانون العمل 91 لعام 1959، فقد نفذ قسم قليل من الأحكام القضائية، والقسم الأكبر لم ينفذ، وحتى لا تدفع هذه الشركات المبالغ الكبيرة، تدخلت الحكومة للحدّ من الدعاوى، وأخرجتها من سلطة القضاء العادي، وأحالتها إلى القضاء الإداري بالقانون 77 لعام 2002 الذي نص في مادته الأولى على ما يلي : «مع عدم الإخلال بالنصوص الواردة في عقود التنقيب عن النفط وتنميته وإنتاجه، والمصدقة بنصوص تشريعية، يعتبر القضاء الإداري هو المرجع المختص دون غيره بالنظر بالمنازعات الناشئة عن عقود العمل أو عقود الإشغال التي تبرمها الشركات العاملة المشكلة بموجب تلك العقود) وبناءً على ذلك أحيلت الدعاوى المقامة بمواجهة شركة الفرات للنفط، وهي شركة وطنية، إلى القضاء الإداري لأنها تعمل مع شركة شل الأجنبية بموجب عقد مصدَّق بنص تشريعي، كما استقدمت شركات أجنبية أخرى للعمل مع الشركة السورية للنفط في مجال النفط والغاز، كشركة كونوكو للغاز، وبعقد مصدق بنص تشريعي, وأصبحت كل المنازعات من اختصاص القضاء الإداري.
 قد نسلِّم بذلك، لكن أن تحال دعاوى عمالية إلى القضاء الإداري في دمشق مع شركات تعمل في النفط بعقود غير مصدقة بنص تشريعي، وهو ما حدث في محاكم استئناف العمل في دير الزور في الفترة الأخيرة، فهذا أولاً مخالف للقانون ولرأي وزارة العدل، وثانياً يدخل العمال في متاهات وتكاليف باهظة، ويكلفهم الكثير من العناء في السفر إلى دمشق، وتوكيل المحامين  للحصول على حقوقهم، ناهيك عن الفترة الزمنية الطويلة للتقاضي مع وجود آلاف القضايا أمام المحاكم الإدارية، والتي تحتاج لسنوات طويلة قبل فصلها نظراً للواقع العدلي الموجود حالياً، وما جرى هو مخالفة للقانون، ومؤكد أنه ليس لمصلحة العمال، فمن يكون وراء ذلك؟!

ونضيف هنا أيضاً أن القانون أعطى السيد المحامي العام بدير الزور «حقّ الطعن» في ذلك، وفي تنفيذ هذا الطعن يستفيد العمال في دير الزور، وهم شريحة مهمة ومنتجة من أبناء الوطن، ينعكس رفع الظلم عنها وإعطاؤها حقوقها  على الواقع الاجتماعي والاقتصادي بشكل إيجابي، وخاصةً في هذا الوقت الذي يعاني فيه معظم أبناء الوطن، ومنهم هؤلاء العمال من الغلاء، وانخفاض المستوى المعيشي، إلى درجة أن نسبة كبيرة منهم قد أصبحت تحت خطّ الفقر، بسبب السياسة التي يتبعها الطاقم الاقتصادي!!

معلومات إضافية

العدد رقم:
408