بعد فضائح الفساد.. الكرة السورية تحتاج إلى آخر الدواء؟!

كاد المنتخب السوري في عام 1986 أن يتأهل لنهائيات كأس العالم بالمكسيك، حيث كان يحتاج إلى التعادل فقط في مباراته الأخيرة أمام المنتخب العراقي، ولكنه بكل أسف، خسر المباراة رغم أدائه الطيب..

وفي الدورة العاشرة لألعاب البحر المتوسط التي استضافتها سورية، استطاع منتخبنا الكروي الفوز بالميدالية الذهبية، وفي مطلع التسعينات فازت سورية ببطولة آسيا للشباب وتأهلت لكأس العالم بقيادة المدرب الروسي إبراهيموف الذي كان يتقاضى أجراً شهرياً لا يتعدى الـ /500/ دولار نتيجة لاتفاق رياضي بين سورية وروسيا للتعاون، وعندما فاز في تلك الفترة الفريق السوري على الفريق السعودي، كتبت صحيفة البيان الإماراتية: «مدرب بـ/500/ دولار يتفوق على مدرب الـ/7000/ آلاف دولار»، في مقارنة مع المدرب البرازيلي للسعودية، كما أن منتخبنا الشاب كان في مشاركة سابقة بكأس العالم للشباب قد وصل إلى الدور الثاني..
ويمكننا القول إن المنتخب الوطني السوري، ورغم الفارق المادي الكبير بينه وبين فرق الخليج، كان غالباً ما يفوز عليها أو يخسر بصعوبة.. وهكذا كان الحال في لقاءاته مع معظم فرق آسيا وأفريقيا..

نقول هذا الكلام للتأكيد بأنه ليس بالمال وحده تتطور الرياضة رغم أهميته الكبيرة، ولكن تبقى أشياء أخرى أكثر أهمية، وهي الإدارة الناجحة والإخلاص للوطن والإرادة في تحقيق الفوز ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب ومكافأة المتفوق ومحاسبة المقصرين، ولكن للأسف فإن الرياضة السورية عموماً، وكرة القدم خصوصاً، راحت تعاني من الفساد على كل المستويات وتفشي المحسوبيات وتهميش الكفاءات.. وما فضيحة الفساد الأخيرة في الدوري السوري بكرة القدم سوى غيض من فيض لما يحدث في القطاع الرياضي المتردي، حيث أصبحت مظاهر اليأس والمرارة والخيبات هي الصفة الملازمة لواقعنا الرياضي، وخاصة في كرة القدم، وأصبح لسان حال المواطن السوري الذي ما يزال يحلم بالفوز وتحقيق الانتصارات، يقول: «فالج لا تعالج».. وتمر الشهور والسنوات والجمهور السوري ينتظر الفرج.. ينتظر الإصلاح.. ينتظر الانطلاقة السليمة، لكن لا حياة لمن تنادي، والكرة السورية أصبحت تحتاج معجزة وربما (فرج بليلة قدر) لكي يحلم السوريون مجرد حلم بتحقيق بطولة آسيا أو التأهل لكأس العالم؟ والحقيقة تقول إن الرياضة ليست مسألة ترفيهية كما يتصور البعض، بل هي شأن حضاري وعلمي وسياحي وثقافي، وإن تراجعنا الرياضي هو دليل واضح على تراجعنا على كل المستويات الأخرى في الحياة، ولهذا لا مجال لإصلاح جذري في كرة القدم السورية إلا بإصلاح إداري وسياسي واسع يشمل منظمة الاتحاد الرياضي العام وجميع الأندية الموزعة في المحافظات.. نعم لقد آن الأوان لكي يكون لكل كفاءة في هذا البلد الحبيب دوره كمواطن سوري فعال ومبدع ليس هناك من يمارس أي سلوك تمييزي ضده على أساس المحسوبيات أو على أساس حزبي.. لأن الجميع سوريون، والجميع أبناء هذا الوطن، ولا أحد على رأسه ريشة.. فدون تلك النظرة الوطنية للأمور لن يكون الإصلاح الذي ننشده جميعاً..
إن القائمين على واقعنا الرياضي أصابوا الناس باليأس والإحباط، ورفعوا لديهم ضغط الدم ونسبة الكولسترول، وتسببوا لهم بالجلطات والأزمات القلبية، ولولا الومضة والشعلة التي أضاءها نادي الكرامة في فترة من الفترات لمات الكثيرون من داء الكرة السورية القاتل، فهذا النادي المثابر إدارةً ومدرباً ولاعبين، بات كالأسبرين الذي يهدئ قليلاً من أوجاعنا الكروية، ولكنه غير قادر على معالجتها، والحقيقة أن ما نحتاجه هو العلاج الناجع المبرئ، وليس المسكّن المؤقت.. ويبدو أنه لم يعد ينفع مع الإدارات القائمة والخطط القائمة والممارسات السائدة سوى آخر الدواء.. وهو الكي!!

■ صلاح معنّا
باسم رابطة مشجعي نادي الكرامة في الساحل

معلومات إضافية

العدد رقم:
412