أحمد الأحمد أحمد الأحمد

فساد مزمن.. وهواجس مواطن عادي

منذ سنين طويلة ونحن نلتقي ونتحدث.. لا نترك باباً من أبواب الحديث إلا ونطرقه... وأخيراً، يأخذنا الحديث إلى حيث لا مهرب منه. إلى وضع البلد طبعاً، وما يعانيه من أزمات. نبدأ بخلافٍ كبيرٍ في الرأي حول ماهية الأزمة، وكيف ولدت ونمت، ومن الذي رعاها لتصبح عصية على الحل، ومن غير أن ندري أو نريد نتقارب في الرأي ونتفق أخيراً بأن جوهر مشكلة بلدنا هو الفساد والإفساد.

طبعاً نريدكم أن تسامحونا على هذه البساطة في الطرح كوننا غير مختصين إلا بحب بلدنا هذا، ولأننا نخاف، نهرب دائماً من اتهام السلطات العليا بالفساد، ونذهب إلى حيث نستطيع أن نتهم، حيث نعرف أشخاصاً قريبين، نضعهم أمثلةً لحديثنا.
وبما أنني من عمال مؤسسة الإسكان العسكرية الغارقة في الفساد والمحسوبيات، لذا تكون المؤسسة غالباً موضوعاً لحديثي. وهنا سأذكر أمثلة بسيطة مما أعرف:
يوجد في مؤسسة الإسكان العسكرية فرع يسمى فرع السكن الوطني المختص ببيع المساكن للمواطنين، وفي هذا الفرع يتضخم جزء من الموظفين ليصبح من أصحاب الملايين بزمن قياسي، فكيف يحدث ذلك؟
في العموم، هناك قلة من العاملين يعرفون كل أساليب السرقة والابتزاز في هذا الإطار، لكن الشكل الواضح والقانوني الذي يُمارس وأعرفه جيداً هو التالي:

يأتي الإعلان عن بناء مساكن في مكان ما (قرى الأسد بالديماس مثلاً).. يأخذ «أصحابنا» موافقات بالتخصص بمسكن هناك (طبعاً يبيعه ويربح الكثير)، ثم يأتي التخصص في مساكن أخرى (يوسف العظمة بالجديدة مثلاً)، ويأخذ موافقة أيضاً في ضاحية مصياف... وكم هي البراعة حيث يستطيع أن ينقل تخصصه إلى مساكن الوراقة، فيزداد بذلك ربح شقته مليون ليرة إضافية على الأقل، ولن ننسى طبعاً أنه قد تخصص في ضاحية الإسكان العسكرية، ويسكن فيها، واشترى إحدى محلات السوق التجاري ليجزئه إلى محلين دون أن يعترضه أحد، أو يقول له أحد إن ما يفعله مخالف للقوانين. ولو لم يكن هو من فعل ذلك لكان أول من ادعى بالحفاظ على تنفيذ القوانين ليمنع غيره من فعل ذلك. بعض من سيقرأ هذه الكلمات سيعرف من المقصود بها بالاسم، وأعتقد أن الكثيرين في الفرع المذكور حالهم كحال صاحبنا هذا، والكثيرين أيضاً في الفرع المذكور ممن لا يستطيعون أن يشتروا خبزاً لعائلاتهم، وربما تتكرر الأمثلة في أفرع أخرى.

نورد قضية أخرى..
أعرف شخصاً، منذ سنين وهو ينتظر وظيفته الموعودة عن طريق مكتب العمل، وتم فعلاً ترشيح اسمه، لكن نجح شخص آخر، وتم ترشيحه مرة ثانية وثالثة ورابعة، ولم يُقبل في أية وظيفة، وربما لن يقبل في أي منها أبداً.. ليس لأنه غير كفء، بل لأنه لا يعرف كيف يدفع ثمن الوظيفة لأصحاب القرار.. فمن نتهم هنا؟ وزارة الشؤون التي لم تضع ضوابط لهذه المسألة، وليس لديها لجان اختبار نزيهة، أم الجهات المتوفرة فيها الشواغر التي تكون مهيئة الظرف لشخص بعينه دون سواه؟؟.
نأتي في ختام أحاديثنا، ونحن بحالة قريبة من اليأس والاستسلام، فنكتفي – كوننا عاجزين (أو معجّزين) عن الفعل- بالدعاء والاستجداء إلى الله لينقذ بلدنا من الفساد، وأن ينقله إلى مصاف الدول التي يكون فيها الجميع تحت سقف القانون.
لا أريد لأحد أن يطلب مني البوح باسمي.. فلست ممن يجرؤ على التصريح بذلك، فقد أدفع ثمن ما قلته غالياً، وبالقانون، لذا سأوقع ما قلت باسم مستعار!!

معلومات إضافية

العدد رقم:
415