صوامع استثمارية تهدد البشر والشجر
انتصبت صوامع الحبوب العملاقة التابعة لشركة منذر العساف وغسان الدردري وشركائهم في منطقة زراعية خضراء هادئة على أطراف مدينة طرطوس، وسط عشرات الهكتارات من بيارات البرتقال التي تنتشر كجنات خضراء على الشريط الساحلي القريب من البحر، مستفيدة من هجمة المنشآت الصناعية الخاصة على الساحل السوري الضيق أصلاً، فصارت هذه المنشآت تملأ هذا المتنفس المناخي والسياحي لكل السوريين بشكل عشوائي.
وقد فوجئ أهالي قرى الرباص وضهر الطاحون والهيشة بالصوامع العملاقة للشركة المذكورة أعلاه ترتفع أكثر من ثلاثين متراً مشكلة جبلاً معدنياً راح ينشر الغبار في كل الاتجاهات محولاً البيارات الخضراء المحيطة إلى أشباح بيضاء، وذلك إثر تطاير بقايا قشور القمح والحبوب المختلفة.
والغريب أن هذه المنشأة العملاقة أقيمت بناء على القانون /10/ عشرة بترخيص مجلس الوزراء، لكن دون أية موافقة من الجهات المعنية بالمحافظة، إذ لم تؤخذ موافقة مديرية الزراعة واتحاد الفلاحين في هذا الشأن، ولا موافقة الجهات البيئية، ولا بلدية يحمور التي يتبع مكان إقامة المنشأة إدارياً لها.. كما لم تؤخذ موافقة الأهالي والجوار، حيث فوجئ أهالي المنطقة بكثافة الغبار وضجيج المكروفونات وأصوات الشاحنات التي لا تهدأ ليل نهار، جاعلة هذه المنطقة الرائعة المجاورة للبحر مدينة صناعية تنفث سمومها على البشر والشجر.
والأسوأ من ذلك هو أن هذا المارد الاستثماري لا يهتم بصحة الإنسان ولا سلامة الطبيعة ولا حتى براءة الطفولة، إذ أصيب العديد من الأطفال بأمراض «التحسس الرئوي»، ووضع الطلاب ليس بأفضل، فمعظمهم لا يستطيعون الدراسة بسبب الضجيج المتواصل والغبار المنتشر في كل مكان.
ونتيجة لهذا الواقع المأساوي تقدم أهالي المنطقة بشكاوى عديدة إلى محافظ طرطوس ووزارات الزراعة والبيئة والسياحة وبلدية يحمور. وقد قال رئيس بلدية يحمور لقاسيون: «إنني لم أعط أية موافقة لهذه الصوامع، ولم ترخص في بلدية يحمور باعتبار أن هذه المنطقة تابعة إدارياً لبلديتنا»..
والغريب أن هذه الصوامع لم تقم في المنطقة الصناعية، والأغرب أنها تنتصب مقابل معسكر طلائع البعث والشبيبة على البحر، ولا تبعد عن تجمع الشاليهات السياحية أكثر من /1/ كم.. ولهذه الأسباب جميعها قام السيد رئيس اتحاد الفلاحين والبيئة ومدير السياحة بالكشف على المكان بعد الشكوى التي وصلت إلى محافظ طرطوس، ووصلت نسخة منها إلى جريدة قاسيون ممهورة بعشرات التواقيع.
إن الأهالي المتضررين يطالبون جميع الجهات المسؤولة بوقف هذه الجريمة بحق المنطقة، ونقل هذه الصوامع إلى المنطقة الصناعية أو إلى منطقة بعيدة غير مكتظة بالسكان، وإذا كانت كل الجهات المعنية بالمحافظة لم تعط الموافقة لإقامة تلك المنشأة، فلماذا تستمر مهددة حياة البشر والشجر تحت حماية ودعم قانون الاستثمار رقم /10/؟..
نص العريضة
«نحن أهالي مزرعة الرباص وضهر الطاحون مجاورة الصوامع مع الحبوب الذي يملكها السيد منذر العساف وغسان الدردري في منطقة الهيشة نعرض ما يلي:
إن الصوامع التي بنيت في هذه المنطقة بنيت دون ترخيص من أي جهة من محافظة طرطوس، وبدون موافقة الجوار، وهي منشأة صناعية لها مكانها في المنطقة الصناعية بعيداً عن الأماكن السياحية والزراعية والسكنية، وقد نتج عن عمل هذه الصوامع ضرر كبيراً جداً خصوصاً للأطفال، لإصابتهم بمرض الشرى والتحسس الربوي وغيرها، وتسببت بإتلاف محاصيل زراعية ومحمية، وألحقت أضراراً بالحمضيات نتيجة الغبار الكثيف الناتج عن هذه الصوامع، حيث غطت طبقة من الغبار كامل المنطقة من أشجار وبيوت سكنية وبيوت محمية، عدا الضجيج الناتج عن المكنات والأبواق وأصوات المكرفونات وأصوات تساقط الحبوب من القمح إلى السيارات الذي يصب في آذان كل مواطن كبير وصغير ليل نهار، مما يؤدي إلى ضجيج دائم يؤثر على متابعة الطلاب دروسهم في البيت، ويمنع الأهالي من النوم حيث الغالبية من الفلاحين الكادحين الذين يعملون في الأرض، وليس لهم مورد آخر سوى عملهم. كما أن هذه الصوامع مجاورة لمعسكر طلائع البعث وشبيبة الثورة وتؤثر سلباً على كل منهما، فنرجو من كل جهة معنية بالأمر أن تمد يد العون لنا، والإسراع بالحل المناسب لأن المنطقة أصبحت منكوبة، ونطالب بتشكيل لجان معنية بالأمر لإزالة هذه الصوامع ووضعها في المنطقة الصناعية..
نرجو الإطلاع على الواقع لأنه يثبت حقيقة ما نقول... ولكم الشكر»..
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 415