جامعة الفرات.. الظلم يطال الجميع
ثمة الكثير من الآهات في جامعة الفرات.. آهات الطلاب من الاستغلال والإهمال والتهميش والبلطجة.. وآهات الأساتذة والمعيدين من المزاجية والفوضى وهيمنة الشللية! وآهات العملية التعليمية برمتها ومستقبلها المجهول.. وإن كنا نتحدث هنا عن مؤسسة تعليمية فهذا لا ينفي أنه حال أغلب المؤسسات الحكومية في شتى أنحاء البلاد.
اشتكى الطلاب من الاستغلال أثناء التسجيل، واشتكوا من الممارسات غير المتحضرة والبلطجة وإثارة النعرات..
واشتكى الأساتذة - من أبناء المحافظة والمقيمين خارجها - من استبعادهم وتطفيشهم.. ومن بعض ممارسات رئيس الجامعة السابق وبعض عمداء الكليات.. وآخر زفرة ألم وصلتنا من الدكتورة انتصار مشهور التي تركت عملها خارج الوطن وجاءت لخدمة أبناء الوطن، لكن ما حصل لها يثير الأسى والشجن!!
د. انتصار مشهور تحمل دكتوراه دولة في الجغرافيا الاقتصادية (الجغرافيا الزراعية) منذ عام 1999، ولها أبحاث وكتب وأعمال علمية عديدة منها: الأزمة الزراعية في حوض الفرات الأسفل ولماذا يعتبر مشروع الفرات مصيرياً في سورية، وعن الأهمية الاقتصادية لحوض الفرات في اقتصادنا، وعن أمراض مشاريع الاستصلاح، وعن سبل تطويرها، وعن مراعي البادية وغيرها .. وشاركت بمؤتمرات عديدة وعضو في أربع جمعيات جغرافية، وعملت في وزارة الزراعة... وهذا ما يدل على اهتمامها بمصلحة الشعب والوطن. لكن ماذا حصل معها، وكيف جرى الاستبداد بها.. هذا ما تقدمت به لقاسيون مع الوثائق بعد أن اشتكت لأغلب الجهات ومنها وزير التعليم العالي, ولم ينصفها أحد لا معنوياً، ولا مادياً. تقول :
«بعد إحداث جامعة الفرات، تركت عملي في الخارج وإقامتي في دمشق وتقدمت بالأوراق الثبوتية والموافقات الأمنية إلى رئيس الجامعة، ووجه لإجراء التعاقد معي في كلية التربية بتاريخ 20/9/2007، وكلفت بمحاضرات نظرية وعملية عن البيئة السكانية، وكذلك محاضرات في كلية الآداب /قسم التاريخ. واتجهت إلى إزالة الفجوة في العلاقة بين الأساتذة والطلاب بألا تكون فوقية، وكذلك تشجيع الطلاب على البحث العلمي والعملي، وقمنا بدراسات ميدانية في المعامل والشركات حققت نتائج مفيدة جداً، بالإضافة لصنع نماذج وتنفيذ استبيانات مهمة... لكن يبدو أنّ هذا التوجه لم يعجب البعض، وأنهيت الفصل الأول من العام الدراسي 2008 ولم أهتم بالأمور المالية لإدراكي الإجراءات الروتينية في العقود، لكني فوجئت ببداية الفصل الثاني بتكليف أستاذ آخر (من محافظة حلب) بدلاً عني، وعوملت كمحاضرة وليس كمتعاقدة من قبل عميد كلية التربية، وهذا مخالف لحاشية رئيس الجامعة!؟ كما أنني كنت مكلفة بساعات وأعمال متعاقد: 17 ساعة، 14 في التربية، و3 في الآداب، وهي أكثر من نصاب المحاضر بكثير. فلماذا سكت طيلة الفصل الأول وهذا مخالف للقوانين!؟ كما أن استقدام دكتور من حلب يكلف أضعافاً، إضافة لأذون السفر وذلك لاعتبارات وعلاقات ومصالح شخصية على حساب العلم والمعرفة!؟
بعد ذلك تقدمت بشكوى لرئيس الجامعة، وجرى إهمالها، وشكويين لوزير التعليم العالي الأولى بتاريخ 3/4/2008 أهملتها رئاسة الجامعة، والثانية بتاريخ 28/8/2008 فرد رئيس الجامعة السابق عبود الصالح بالاتفاق مع عمادة كليتي الآداب والتربية، بأنني غير قادرة على التدريس تحت حجج واهية وغير علمية، منها ما جاء في رد عميد كلية التربية محمد موسى الصالح أن المسح الذي أجري في معامل دير الزور لمعرفة أثر المعامل في البيئة والإنسان لا يمت للبحث العلمي بأي صلة».
وهنا نتساءل كيف وافق العميد على إجرائه وعلى استمارة الاستبيان!؟ ولا نريد الخوض في تفاصيل الردود التي لدينا نسخةً منها تبين أنها غير موضوعية.
أما القضايا المادية، فهناك قرار من كلية الآداب برقم 12 تاريخ 12/1/2008 وقرار من مجلس الجامعة رقم 299 تاريخ 29/1/2008 بصرف مستحقاتها كاملة، أما كتاب محاسب الإدارة للرواتب بتاريخ 5/11/2009، فيؤكد أن المحاضرة كلفت بأكثر من السقف المسموح شهرياً وفق قرار 38 لمجلس التعليم العالي/ المادة الخامسة منه، هي 12 ألف ليرة شهرياً، وصرفت لها 51 ساعة فقط من أصل 156 ساعة.والمستغرب أن هذه المادة تتعلق بالمتعاقدين وليس بالمحاضرين!؟ بينما جاء في رد معاون وزير التعليم العالي بتاريخ 29/4/2008 أن المادة التاسعة من المرسوم 86 تحدد 400 ليرة لحامل شهادة الدكتوراه أجرة الساعة التدريسية للمحاضرين العاملين في الدولة، وهنا تبرز تناقضات قانونية وإجرائية تبين هضم حقوق د. انتصار المشهور .
وأخيراً ثمة ما نود التأكيد عليه، وهو أن السياسة التعليمية في بلدنا ترتكز على المادة النظرية والذاكرة، وليس على البحث العلمي والخبرة العملية التي هي أساس تنمية وتطوير التعليم الجامعي لمصلحة الشعب والوطن، وأن ما يجري في جامعاتنا من ممارسات ذاتية وغير علمية أو قانونية، أو حتى على مستوى تعديل بعض القوانين للحفاظ على كوادرنا العلمية التي تُدفعُ للهجرةِ دفعاً، بات يتطلب إعادة الأمور إلى نصابها باعتماد الكفاءة مقياساً أساسياً وليس المقاييس الأخرى المتبعة، وكذلك محاسبة المسؤولين عن الخلل والفساد. كما نتوجه إلى السيد وزير التعليم العالي ورئيس جامعة الفرات الجديد عبر قاسيون، لإنصاف د. انتصار مشهور معنوياً أولاً، ومادياً ثانياً، لئلا نضيف اسماً جديداً في قائمة الكوادر الوطنية المستعدة للهجرة...
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 431