ضاحية الثامن من آذار جنوبي دمشق الحي الذي نسيه الزمن.. و«طنّشه» المسؤولون

لم يرتق مشروع ضاحية الثامن من آذار -القائم على طريق دمشق درعا القديم الذي قامت بتنفيذه مؤسسة الإسكان العسكرية- إلى مستوى السكن اللائق والمخدم، على الرغم من مرور أكثر من عشر سنوات على تنفيذه، ولازال القاطنون في هذا المشروع يعيشون ظروف حياتية يومية صعبة ناتجة عن سوء الخدمات التي تكاد تكون معدومة،

وجاءت الضربة القاضية في تخمين الأسعار التي جاءت غير متناسبة نهائياً مع دخول المستفيدين منها، فبعض البيوت تم تسعيرها بأكثر من 700  ألف وسعر تكلفتها لا تتجاوز 250 ألف ورغم معرفة الجميع بأن هذه الصعوبات قائمة، إلا أنهم لم يفقدوا الأمل واستلموا منازلهم أملين أن تتحسن الظروف نحو الأفضل، لكن ما جرى خلال الأعوام الماضية، من تهميش وتطنيش وتطفيش جعلهم فاقدين لأي أمل في المستقبل القريب، وبالتالي قام العديدون بترك منازلهم، وتحولت النعمة إلى نقمة. وطُرح السؤال: لماذا تُرك من قام بتنفيذ هذا المشروع دون مراقبةٍ ومحاسبة؟

من يدخل إلى الضاحية يرى كيف تم تشييد هذه البيوت، المفتقرة إلى كل شيء فقد تم إكساؤها بشكل سريع، أي عالماشي، طينة منفذة بشكل سيئ، بلاط نوع رديء ورخيص، وكذلك الخشبية، والبياضات من كهرباء وصحية الخ..........

ورغم قيام الأهالي برفع بعض الشكاوى إلى الجهات المعنية، إلا أنهم لم يجدوا من يسمع صوتهم، وظل الحال كما هو، بل سار ويسير نحو الأسوأ وهذا ما أكده كل من التقينا بهم.

تشليح المواطن

السيد شادي من سكان المنطقة يقول «هذه البيوت كما ترى تفتقر إلى أبسط شروط ومواصفات المنزل المريح، والإكساء من أسوأ ما يكون، والخدمات حدث ولا حرج، والبلدية تتفرج ولا تحرك ساكنا، لكنها مجتهدة جداً في جباية الضرائب، وكأن وظيفتها هي تشليح المواطن لا تحسين الخدمات السيئة، وعلمنا بأن البلدية لا تصرف المخصصات اللازمة لتحسين الخدمات الرديئة الموجودة، وتطالب الأهالي بدفع رسوم عدادات الماء والكهرباء المدفوعة سلفاً ضمن قيمة المنزل، ويصل ثمن خط الهاتف أكثر من  35 ألف، هل هذا معقول؟ وليس هناك لجنة تتابع أمور الحي؟ ورغم وجود مختار للحي إلا أنه ليس له أي دور أو تأثير، والمسجد الوحيد الذي بدأ العمل به لم ينجز حتى الآن».

لا نرى الماء

ويقول نبيل «هناك مدرسة للتعليم الأساسي فقط، مما يضطر الأهالي لتسجيل أطفالهم في أماكن بعيدة، مما يرتب مصاريف إضافية لا طاقة للناس على تحملها، والروضة الوحيدة الموجودة لا تصلح أن يطلق عليها اسم روضة أطفال، ومع قدوم فصل الصيف الأمور تزيد سوءاً. فمياه المجاري المتسربة إلى الشوارع، والحشرات المنتشرة كالذباب، كافية لنقل أمراض لا تحصى ولاسيما للأطفال، و تصول الكلاب الشاردة وتجول في شوارع المشروع بكل حرية.

 و أصبح هذا الجبل من النفايات يشكل خطراً حقيقياً على حياة السكان، وهناك تخوف جدي من إصابات باللشمانيا أو حبة حلب كما يسمونها، و لا يستمر عمال البلدية هنا في العمل عادة بسبب المعاملة السيئة لهم من رئيس البلدية، ورواتبهم التي لا تتجاوز 2500 ليرة سورية. ورغم دعوات السكان لتبديل هذا المدير بآخر إلا أن المحاولات لم تنجح وظل الأخير في منصبه والخدمات مكانك راوح».

السيدة فاديا: لا نرى الماء سوى مرتين في الأسبوع، وأحيانا لا يأتي سوى ثلاث ساعات في كل أسبوعين مما يضطرنا إلى شراء الماء الذي لا نعرف مصدره، وتعبئة خزان بسعة متر مكعب يكلف 75 ليرة سورية، و نعيش في الشتاء معاناة حقيقية من انقطاع التيار الكهربائي المتكرر عند هبوب أول نسمة هواء. 

خيوط العنكبوت

أبو ثائر: «بالرغم من أن الضاحية تتبع لعدة مقاسم هاتفية قريبة، إلا أن شبكة الهاتف من أسوأ الشبكات، وهي مثل خيوط العنكبوت متداخلة مع بعضها، والعلب الهاتفية غير كافية، أما الخطوط الموزعة على المشتركين فهي منتشرة بشكل عشوائي، وهناك العديد من الناس حصلوا على خطهم من علب بعيدة بسبب عدم توفر الخطوط بشكل كافٍ».

فهد: «شبكة الصرف الصحي سيئة جداً، فالشوارع ممتلئة بالمياه القذرة، ولا وجود أغطية للريكارات وتنتشر الحشرات والقوارض إضافة إلى الروائح التي تزكم الأنوف، ولا يجد المواطن موطئ قدم على الرصيف المكسر، والشارع ممتلئ بالرمل والبحص المنجرف من الرصيف».

أم أسعد: «لا توجد في الضاحية حاويات للقمامة نظامية إنما براميل صغيرة لا تفي بحاجة السكان، وليس هناك رياض للأطفال أو حدائق للتنفس، وعند مدخل المشروع وبجانب الطريق الإسفلتي أكوام من الأتربة والقمامة، لماذا لا ترحل من مدخل المشروع؟ لماذا يبخلون علينا بمثل هذه الأشياء البسيطة؟».

على ضوء الشقق السكنية والقمر

عامر. ج: «إنارة الطرقات داخل الضاحية منقطعة تقريباً خمسة أيام من أصل سبعة مما يجعل الضاحية مظلمة معظم الأوقات، ونعتمد في السير على ضوء الشقق السكنية والقمر، وهناك جرذان وكلاب شاردة تجوب الطرقات كثيراً مما تسبب الأذى والأمراض لمعظم الناس.

والمركز الصحي في الضاحية يغلق أبوابه تقريباً في الواحدة والنصف ظهراً وعند حدوث أي حالة إسعافية أو حاجة إلى ضماد أو عناية طبية سريعة نجد المركز مغلقاً ونضطر إلى استخدام سيارات الأجرة والذهاب إلى دمشق للعناية الطبية، علماً أن دمشق تبعد عن الضاحية خمسة عشر كيلومتراً تقريباً مما يجعل الأمر بغاية الصعوبة ليلاً لقلة حركة السير، وغالباً ما يتم ابتزازنا من قبل أصحاب سيارات الأجرة والميكروباصات».

السرافيس الضالة

السيدة سمر: «من ناحية المواصلات فهي صعبة جداً وفي أغلب الأحيان عند ذهاب وخروج الموظفين وطلبة المدارس والجامعات لا نجد سرافيس خط الكسوة القديم، وذلك لأنهم يغيرون خطهم على اوتستراد درعا، أو أنهم متعاقدون مع المعامل أو المدارس الخاصة، وهذا يجعلنا نقف أكثر من ساعة على أمل أن نحظى بأحد السرافيس الضالة الذي يمشي على خطه الصحيح، وأكثرهم يدّعي أن الأجرة قليلة إلى المشروع وهي خمس ليرات سورية، بينما إلى الكسوة عشر ليرات وعند الساعة العاشرة والنصف ليلاً تزداد الأجرة أتوماتيكياً إلى عشر ليرات إلى المشروع، مع العلم أنه تم تقديم طلب إلى محافظ ريف دمشق لتأمين خط سير خاص للضاحية وهو موقّع من أهل الضاحية منذ ستة أشهر تقريباً ولم نر شيئاً حتى هذا اليوم».

السيد محمد: «يوجد اختلاف كبير جداً في ثمن الشقق التي وضعت من مؤسسة الإسكان العسكرية حيث نجد أن ثمن أحدى الشقق 250 ألف وثمن شقة أخرى بنفس المساحة والتقسيم والبناء هو 675 ألف، مدّعين  أن ثمن مواد البناء قد ارتفع، والسؤال هنا أليس المشروع قد قام على أساس واحد ومباشرة بنائه واحدة؟ وما هو ذنب المواطن لكي يدفع هذه الفروق؟ مع أن التخصيص تم في نفس الوقت ولكن المدة الزمنية التي تم بها تسليم المشروع متباعدة، حيث استلم بعض المتخصصين بالمشروع منذ عام 1990 والبعض الآخر في نهاية 1997، مع العلم أن مدة تنفيذ المشروع سنتان ولم يسلم إلا بعد مضي اثني عشر عاماً، ولأغلب المتخصصين بالمشروع».

لماذا يجري دوماً التلاعب بمصير أفقر الناس من عمال وعسكريين فقراء، ألأنهم لا ظهر لهم كما يقال، ومن السهولة بمكان تجاهل حقوقهم وتحويلها إلى غبار في مهب الريح، نتمنى أن تلقى مطالبهم آذاناً صاغية كما لقيت مطالب سكان مدينة عدرا العمالية تجاوباً.

وأن لا تكون الصورة العامة لكل المدن العمالية هي «يا فرحة ما تمت». 

■  تحقيق: إ . ن

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.