مسؤولون خائبون ومصوّبون مقموعون

يمكن تقييم نظافة يد المسؤول في دولة فقيرة في العالم الثالث، ليس من خلال نوع سيارته الفارهة الرسمية أوالخاصة، ولا سيجاره الفاخر، وطقمه الإنكليزي، وحذائه الإيطالي، وربطة عنقه الباريسية، ونوع البارفان الذي يستعمله، وكذلك ليس من خلال الفيلا الفخمة التي يسكنها، أو الشاليه المستقلة والرياش الفاخر الذي يقتنيه، أو الموبايل/المصور الذي يتحدث بواسطته.. الخ ولا من خلال أملاكه المنقولة وغير المنقولة التي تجمعت لديه منذ استلامه السلطة، (حتما من فوائض راتبه؟؟؟)، وسجّلها بكل ذكاء ودهاء (موروث ومكتسب) بأسماء أقربائه من الدرجة الأولى أو الثانية أو الثالثة أو أصهاره أو خليلاته..الخ..

ولكن لكي تقيم جدارته في منصبه انظر إلى ميدان عمله ومدى إبداعه فيه أو رقيه أو تطويره لـه، فإن حصل على علامة الشرف أو الممتاز أو الجيد جدا كان جديرا بإبقائه في منصبه بمقدار العلامة المستحقة، وإلا كان من الواجب إزاحته والبحث عن الأفضل منه. 

ولا شك أنك عندما تشاهد الواقع في كثير من القطاعات الاقتصادية أو الخدمية في المنطقة العربية وترى سلوكيات المسؤولين عنها، ترى أن الإمبريالية والصهيونية تعجزان عن الإتيان بأتعس من بعض الموجودين المتخلفين والمخربين، الذين يخربون أو يخلفون مجتمعاتهم بكل ما أوتوا من جهل وتخلف وأنانية وفساد وعدم انتماء.. 

ونظرا لأن الشفافية في المجتمعات المتخلفة ممنوعة والصراحة بالحقائق قد تجلب للمصرح الويلات والمحاكمات وربما السجون لعشرات السنين ولا سيما على أيدي من أشير إلى تقصيرهم أو تخلفهم أو تخريبهم، بحكم علاقاتهم مع من ينافقون لهم. 

ولتجنب ذلك، من الأسهل والأسلم الإشارة إلى المصادر المنشورة، مثل: 

تقرير التنمية البشرية العربية لعام 2002 وكذلك لعام 2003 وما فيهما من إحصائيات فاضحة للتخلف العربي بكل المقاييس من الأمية والبطالة والمديونية والفقر والجهل، والمرض، ولا إنسانية الحقوق، وكبت الرأي الآخر، والخوف لحد الرعب من التعبير عن الرأي الصحيح، وتقزيم المرأة وتشرد الأطفال... الخ، فكيف بالحديث عن الفساد وطرح السؤال التاريخي (السهل الصعب): من أين لك هذا وذاك وذلك؟؟؟.. الخ ياهذا؟ 

ولكن بعض ذوي الأقلام المأجورة أو الموظفة وبعض الشعراء المرتشين ووسائل الإعلام المضللة... الخ تغطي السموات بالقبوات. وتساهم في تلميع الأداء، لدرجة تأليه أولياء نعمتهم،ولوعلى حساب مصلحة كل الأمة حاضرا ومستقبليا كما كان الأمر في تأليه الفراعنة في الزمن القديم أو تأليه مدمر دولة العراق،أو تأليه مدمر دولة (؟) ودولة (؟) و... و.. الخ. 

وليت أصحاب القرار في هذه البلدان يعلمون أن تفوق أعداء الأمة في كافة المجالات لم يتم إلا نتيجة حرية الرأي، وتفعيل الرأي العام، والتعبير من الجميع وتحت سقف وعلم الوطن، والنقد البناء، لتصويب الخطأ في حينه، ونزاهة القضاء، وإبداع الإعلام الذي أوصلهم إلى ما هم فيه. 

وما تخلف العرب في كافة المجالات والميادين التي أشارت إليها التقارير السابقة، وما هم فيه من قلة وذلة ومهانة إلا نتيجة رعب المثقف العربي من إبداء رأيه حتى لا يقطع لسانه أو تقطع يده، أو يكسر قلمه أو يوضع في غياهب السجون،كما جرى مع الكثيرين من الشعراء والأدباء والعلماء والفلاسفة العرب السابقين الذين قتلتهم أقوالهم أو آراؤهم الجريئة، وبالتالي تغييب الرأي الحكيم الدال على مواقع الخطأ والتقصير حيث هو وفي حينه، لإصلاحه بأقصر فترة ممكنة، وإلا يعزل المسؤول عنه من كان يكون. 

وربما لو أعطي كل منا الحصانة والأمانة من صاحب القرار بعدم تعرض المقصرين له، أو عدم محاكمته، لأشير مجانا إلى الكثير من تلك المواقع على أرض الوطن العربي وتبيان كيفية التصويب وبأقل التكاليف. 

■ أ. د.إسماعيل شعبان

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.