صيحة للمهندسين: نقابتنا لا تدافع عنا!..
لا تتصف مشاكل نقابة المهندسين التي بدأت تظهر إلى السطح قبل فترة وجيزة، بالآنية أو العابرة بل يبدو أن هذه المشاكل والأزمات ليست سوى تجلٍ للكثير من الأخطاء عبر فترات طويلة من سوء التخطيط والممارسة.. وفي الوقت الذي كان يفترض فيه أن تلعب نقابة المهندسين فيه دوراً فاعلاً وكبيراً غاب هذا الدور أو غيب، الأمر الذي جر إلى الكثير من إشارات الاستفهام حول النقابات ومفهوم النقابات ووظيفتها ومدى فاعليتها.
فلقد أرسى المرسوم رقم 6 الذي صدر بتاريخ 21/1 /2004 بظلاله الكثيرة على هذه الشريحة الواسعة من المجتمع السوري، القانون الذي يقضي بعدم توظيف واستيعاب خريجي كلية الهندسة في دوائر الدولة، مما حدا بمجموعة من طلبة كلية الهندسة للقيام بالتعبير عن رأيهم. ما الذي فعلته نقابة المهندسين كي تظهر الجوانب السلبية الكامنة في المرحلة التي تلي تفعيل القانون، وما الذي فعلته هذه النقابة للتضامن مع الطلبة؟ هل شجبت اعتقالهم والاعتداء عليهم من قبل الأجهزة المعنية، أم أنها قامت بفصلهم.
قادت تصرفات النقابة إلى طرح الكثير من الأسئلة واستدعت إلى وقفة هادفة وناقدة والتطلع إلى الخلف لاستخلاص العبر من تجربة دامت لفترة.
ماذا تفعل نقاباتنا من أجل عدم تردي أوضاع مهنة الهندسة؟ ما الذي تقوم به من أجل فتح معابر بين الدراسة والبحث الأكاديمي من جهة والمصانع من جهة اخرى؟ ما الذي فعلته كي لا يتحول المهندسون إلى متسولين. أليس المهندسون شريحة من شرائح بناء المجتمع، ألم يقدم المهندس حتى يحصل على لقبه 200 فحص وكل منها يحتاج إلى كد وجهد كبيرين... ألم يشارك المهندسون خلال عقود في بناء السدود والجسور والمدن وتطوير البنى التحتية واستصلاح الأراضي(ضمن الشروط التي تحدهم والتي باتت معروفة للقاصي والداني).. وبالرغم من ذلك فإن أي مهندس يعيش ضمن الحدود المعاشية المتعارف عليها باتت حالته واضحة للعيان، لقد تدنت الحالة المعيشية للمهندسين الذين يعملون بشرف وبكرامة إلى أسوأ حال،
لا نريد أن نقوم بعقد مقارنة مع أي من البلدان الأجنبية، بل سنقارن أنفسنا مع الداخل أولاً ثم مع البلدان العربية الشقيقة. فلماذا يفوق دخل صاحب مكتب عقاري لا يساهم في عملية البناء في شيء دخل عشرة مهندسين، لماذا تستفحل البطالة في أوساط المهندسين، لماذا تبلغ حصة الفرد في سورية 950 دولاراً بينما في مصر الفقيرة 1400 دولار وفي الأردن الصحراوي 1700 دولار، وفي لبنان وحروبــه 4230 دولاراً.. وهنــا يكمن الســؤال على مــن نطرح أسئلتنا، هل نطرحها على نقابتنا، للأسف فإنها صورة نقابة مستلبة بكل المقاييس.. فقد علمنا مؤخراً أن نقيبنا المركزي وقع باسم خزانة التقاعد على شراء أسهم في مصرف خاص، هل هذه هي أفضل طريقة للاستثمار، وهل نضمن سلامة أموالنا التي جمعت بعرق الجبين، هل تفكر هذه النقابة بإيجاد عمل للمهندسين المتخرجين، هل تفكر بتعويض بطالة منذ الآن..
لا أحد يعلم إلى ماذا نحن مقدمون، ما الذي سيحل بنا إن تطورت مشاريع الخصخصة في البلد، ماذا ستكون عليه أحوال المهندسين المسرحين أو القادمين من الجامعات إلى أسواق العمل.
لا أحاول أن أكون هنا نذير شؤم بل أحاول أن أطرح الوقائع على بساط البحث، وللأسف هذا هو واقعنا، من يدخل الآن إلى الانترنت يقرأ آراء المسيطرين على لقمتنا، البعض بات يطرح صراحة تخصيص القطاع العام، وآخر يبيع ويشتري لقمتنا.
أدعوكم لرفع الصوت الصريح من أجل لقمة كريمة وحرة، ليست مهددة بقوانين الطوارئ والأحكام العرفية، ليس الطموح في مناصب وزارية أو تغييرات جذرية، لكن من حقنا الحصول على لقمة كريمة وكلمة حرة لا تنتهي إلى محاكمة أو سجن أو استهداف..
سؤال برسم نقابة المهندسين بناة الوطن بناء غير شبيه بسد زيزون الذي عشش فيه فساد أودى بحياته وحياة آخرين ألا ترى نقابتنا العتيدة أنها معنية بالمشاركة عملاً وقولاً بمحاربة الفساد الذي يأكل الأخضر واليابس، هل سارعت قبل ان يدعوها أحد إلى حشد طاقات الوطن ليغدو صخرة مشاركة في وقفة الوطن في وجه أمريكا، هل هناك بادرة لتحويل جيش مهندسينا المتخرجين أولئك الذين هم على عتبات التخرج بمصير مجهول، إلى أناس فاعلين في خدمة مهنتهم وأسرهم ووطنهم. هل ستعيدنا نقابتنا مهندسين كما تسلمتنا من أهالينا وجامعاتنا؟
نحن 83 ألف مهندس قــوة خيرة للبــلد لا تهمشونا لا تدعوا الفساد يسرق ضمائرنا أو لقمة عيشنا، أناشدكم جميعاً استعادة ألق العمل النقابي الهادف لرفعة المهندس والوطن..
■ المهندس عبده قندلفت