ستيركوه ميقري ستيركوه ميقري

عمل المرأة... بعض المزايا في القانون وهزالة في التطبيق؟!

دخلت المرأة السورية سوق العمل الصناعي منذ النصف الأول للقرن العشرين وذلك من خلال توفر مجال صناعي جديد فتح لها الباب الواسع للعمل وهو شركة التبغ الوطنية وكانت تسمى بـ« الريجي »، وكانت مشاركة النساء في عملية الإنتاج فيها أمراً ضروريا وبعد ذلك سعت المرأة السورية لمتابعة العمل ونهل المعرفة والتدريب والتأهيل لتخوض مختلف المجالات الإنتاجية والخدمية، وساهمت في العمل في القطاعين العام والخاص والحرفي وحققت إنجازات عديدة ومختلفة في دخولها لسوق العمل .

عموماً فإن الموقف من عمل المرأة يتضح من خلال ثلاثة مواقف أساسية فالأول ينظر إلى عمل المرأة نظرة محافظة ويرى فيها كائناً  تابعاً للرجل خلق لتكوين الأسرة ويقصر عملها في تربية أولادها وتعليمهم وتهيئتهم ليكونوا مواطنين صالحين في مجتمعاتهم لذلك يضيق على عمل المرأة.
و الثاني يرى في أن المرأة تشكل « نصف المجتمع » ويجب تفعيل دورها لتتمكن مع الرجل من أداء دورها الاجتماعي كاملاً لذلك فتح أمامها المجال الواسع وساوى نظرياً بينها وبين الرجل وفتح سوق العمل أمامها.      
أما الموقف الثالث فهو مزيج بين الموقفين المتشدد و المنادي بعمل المرأة كون المرأة في هذه المجتمعات كانت تشارك الرجل العمل تاريخيا خصوصا في مجال الإنتاج الزراعي ويمكن اعتبار أغلب المجتمعات العربية في غرب آسيا وشمال أفريقيا مثالا له .

 تشغيل المرأة والمزايا التي منحها القانون لها
نصت المادة 120 من القانون على أن تقوم وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بإصدار قرار تحدد الأعمال والحالات والمناسبات التي يجوز فيها تشغيل النساء في فترة العمل الليلي وكذلك الأعمال الضارة بالنساء صحياً أو أخلاقياً وغيرها من الأعمال التي لا يجوز تشغيل النساء فيها وعلى سبيل المثال  لا يجوز أن تداوم المرأة في الليل إلا لساعة محددة من أجل فسح المجال لها لتربية أولادها والاعتناء بهم كما لا يجوز أن تعمل المرأة في الأعمال المجهدة كعمال الباتون والبناء والحدادة وغيرها .
و منح قانون العمل السوري مزايا عديدة للمرأة العاملة لتمكينها من قيامها بأداء عملها على أكمل وجه في المنشأة من جهة ولكي تقوم بمتابعة أعبائها المنزلية خصوصا تربية أولادها والعناية بهم من جهة أخرى حيث منحت  المادة  121 المرأة الحامل عدة مزايا فنصت على ما يلي :
‌تمنح العاملة التي أمضت ستة أشهر متصلة لدى صاحب العمل إجازة أمومة بكامل الأجر مدتها:
أ - 120 يوماً عن الولادة الأولى و90 يوماً عن الولادة الثانية و 75  يوماً عن الولادة الثالثة فقط
ب‌ - يجوز للعاملة أن تطلب منحها إجازة أمومة خلال الشهرين الأخيرين من الحمل.
ج‌ - في حال وفاة المولود تخفض الإجازة المتبقية إلى النصف.
د- تمنح إجازة الأمومة بالاستناد إلى شهادة طبية مصدقة أصولاً.
هـ- يجوز منح من ترغب من العاملات إجازة أمومة إضافية مدتها شهر واحد بدون أجر.
في حين حظرت المادة 122 على صاحب العمل فصل العاملة أو إنهاء خدمتها أثناء إجازة الأمومة المبينة بالمادة السابقة ولكنه منعها من العمل لدى صاحب عمل آخر خلال الإجازة تحت طائلة حرمان العاملة من أجرها الكامل عن مدة الإجازة أو استرداد ما تم أداؤه إليها منه إذا ثبت اشتغالها وذلك مع عدم الإخلال بالمساءلة التأديبية.
وقد نصت المادة 123 على مزية هامة للعاملة المرضعة بحيث يكون لها خلال الأربعة والعشرين شهراً التالية لتاريخ الوضع فضلاً عن مدة الراحة المقررة الحق في فترتين إضافيتين للرضاعة لا تقل كل منهما عن نصف ساعة في اليوم وللعاملة الحق في ضم هاتين الفترتين وتحسب الفترتان الإضافيتان من ساعات العمل ولا يترتب عليهما أي تخفيض في الأجر.
 وقد أعطت المادة 124 العاملة التي تعمل في منشأة تستخدم أكثر من خمسة عشر عاملاً طلب الحصول على إجازة بدون أجر لمدة لا تتجاوز سنة واحدة وذلك لرعاية طفلها مع احتفاظها بحقها بالرجوع إلى عملها بعد انتهاء هذه الإجازة وتفقد هذا الحق إذا عملت لدى صاحب عمل آخر خلال هذه المدة ولا تستحق هذه الإجازة لأكثر من ثلاث مرات طوال مدة خدمتها ولكن  يجب على العاملة في حال الاستفادة من الإجازة الأولى تسديد الاشتراكات الواجبة عليها إلى المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية،أما بالنسبة للإجازات الأخرى فإنه يتعين عليها التسديد إلى المؤسسة المذكورة جميع الاشتراكات التأمينية الواجبة عليها وعلى صاحب العمل.
وأوجبت المادة 125 على صاحب العمل في حالة تشغيله خمس عاملات أو أكثر أن يعملن بشكل ظاهر في مكان العمل أو تجمع العاملات نسخة من نظام تشغيل النساء.
كما أوجبت المادة 126على صاحب العمل الذي يستخدم مئة عاملة فأكثر في مكان واحد أن يوفر داراً للحضانة أو يعهد إلى دار للحضانة برعاية أطفال العاملات على ألا يقل عدد هؤلاء الأطفال عن خمسة وعشرين طفلاً ولا تزيد أعمارهم على خمس سنوات ويحدد الوزير بقرار منه أحكام ترخيص وشروط عمل هذه الدور ويجوز للمنشآت العائدة إلى أصحاب عمل مختلفين والتي تستخدم كل منها أقل من مئة عاملة في منطقة واحدة أن تشترك فيما بينها في تنفيذ الالتزام المنصوص عليه في هذه المادة.
 
مزايا مهمة على الورق وهزيلة على أرض الواقع
وعلى أهمية هذه المزايا التي منحها القانون للمرأة فلا بد من القول إن تنفيذها على أرض الواقع إن تم فبحدود دنيا ذلك أن القانون السوري كعمود الكهرباء لا تستطيع القفز من فوقه ولكن يمكن أن تلتف حوله بسهولة،  لذلك فإن ما نص عليه القانون على الورق شيء وما يطبق على أرض الواقع شيء آخر وما يؤخذ على القانون الحالي أنه أعطى رب العمل الحق بتسريح العامل دون إبداء أية أسباب ، لذلك فإن أغلب العاملات سواء كن يجهلن حقوقهن الواردة في القانون أو يعرفنها ففي ظل إمكانية تسريحهن تسريحا تعسفيا غالبا ما تغضن الطرف عن هذه المزايا خوفا على عملهن المهدد بأية لحظة وهناك منهن من يعملن في الليل وفي الأعمال المجهدة بل إن تسريحهن من العمل أسهل لرب العمل من تدخين سيكارة ، أما في مجال الأجور وعلى الرغم من أن القانون ساوى بين الرجل والمرأة فإن الواقع المعاش يظهر اختلافا للأجر بينهما حتى لو كان العمل واحدا وذلك لمصلحة الرجل بل هناك نساء يعملن بأقل من نصف الحد الأدنى للأجور وهذا نقص في القانون لابد من تصحيحه .