مرة ثالثة ننعى إليكم شركة ألبان حمص: النهب والفساد في وضح النهار أيها الشرفاء... أوقفوا المهزلة!!

لعل أسوأ ما يعانيه القطاع العام في بلدنا بعد أن أُثخن بالجراح طوال عقود من النهب المنظم والفساد المتعمد، هو الاستمرار في استنزافه لإظهاره ضعيفاً وخاسراً وغير قادر على مواكبة احتياجات العصر، وبالتالي تسهيل عملية خصخصته وتشريد العاملين فيه، عندما تسنح الفرصة المؤاتية. وإذا كانت جميع محاولات الإصلاح وشعارات التحديث وحملات مكافحة الفساد، غير رادعة لبعض الإدارات الفاسدة، فما هو مصير شركاتنا الإنتاجية؟ ومن ينصف العمال المستضعفين؟

نداءات استغاثة

مرة أخرى، يستصرخ الشرفاء والغيورون في شركة ألبان حمص، طالبين منا الاستمرار في كشف النقاب عن التجاوزات الكبيرة التي ترتكبها الإدارة بحق الشركة والعاملين فيها من جهة، وبحق منتجاتها الغذائية من جهة أخرى، مع العلم أن هذه المنتجات (جبنة ـ لبنة ـ سمنة ـ زيدة....إلخ) تستهلك بمعظمها في السوق المحلية، أي أن المواطن السوري، والذي يتعاطى مع المنتج الغذائي المحلي بثقة مطلقة، هو المتضرر الأكبر، وربما الوحيد، من جراء التلاعب الخطر بالكميات والنسب، خاصة وأن هذا التلاعب، بدأ يتجاوز حدود السلامة!!

مهازل على خط الإنتاج

قد يكون شعار «ضع الشخص في غير مكانه» هو الشعار الأمثل لمن يريد أن يعيث فساداً كما يشاء، ودون رقيب، وهذا مافعلته وتفعله الإدارة الحالية للشركة،فقد عينت المهندس سليمان الأخرس ـ أخصائي خيوط نسيجية ـ في منصب المدير الفني الإنتاجي! رغم أن اختصاصه لايمت بصلة لطبيعة العملية الإنتاجية، وبذلك أضحى ألعوبة.. وشريكاً في كل التجاوزات التي تحدث.

كما شكلت لجنة مشتريات من عناصر غير مؤهلة، ولاتمتلك أي كفاءات علمية أو فنية، حتى صار الهدر والمبالغة بالأسعار وسوء اختيار السلع واللعب على القوانين من أهم سمات هذه اللجنة والتي تدار وتوجه من المدير شخصياً، أما مديريتا التخطيط والتجارة الخارجية، فقد أوكلتا إلى مدير واحد، هو من يقوم بإنجاز الصفقات المشبوهة بالتنسيق مع المدير العام. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تم تعيين  شخص يحمل شهادة (ثانوية تجارية) في منصب معاون مدير إداري، ليكون سيفاً مسلطاً على رقاب العمال، يأمر وينهى ويعاقب وينقل، وبالطبع وفقاً لأهواء المدير العام...

إذا لم تستح فافعل ماشئت

إن أشكال التجاوزات والتعديات على المال العام تبدأ منذ استلام الحليب الخام ولاتتوقف مع كل المراحل الإنتاجية. فمنذ استلام الحليب، يتم التلاعب بعينات الدسم، وإضافة الماء بشكل مدروس لكي لا يلحظ المستهلك ذلك، ومن ثم يجري التلاعب بالعينات المقدمة إلى المخابر، واعتماد النسب القصوى للهدر، (هدر السمن والزبدة حتى 2% والجبن العكاوي 7%، وجبن القشقوان 12%..إلخ)، حتى أن يد الغش وصلت إلى الزبدة المستوردة أصلاً من (أوروبا) بحيث تعجن مع الماء ليزداد وزنها، ومن ثم تقطع إلى قوالب لإنقاص وزنها، كي تغطى السرقات، رغم أن ذلك يعرضها إلى الجرثمة المسرطنة.

وهذا ليس نهاية المطاف، بل إن السرقات تستمر، مع حساب وزن مادة التغليف من ضمن وزن العبوة النهائي، يتبع ذلك عقود عتالة وتحميل وهمية رغم أن عمال الشركة هم الذين يقومون بالجزء الأكبر منها، كما يتم لاحقاً استنزاف المستودعات في وضح النهار وأمام أعين الجميع!!

أجواء عائلية

من البديهي أن هذا الكم من التجاوزات والتعديات ماكان ليحدث، لو لم تكن جميع الحلقات متصلة بشكل متين، ومحكمة الإغلاق، بحيث يصعب اختراقها، ولو لم يكن لاعب حاذق هو من يدير اللعبة بشكل صارم منسق. وإذا دققنا النظر بهذه السلسلة، لوجدنا أن الأجواء محض عائلية. فالمدير الإنتاجي هو زوج سكرتيرة المدير العام (الخاصة) والديوان تحت إشراف أخته وبنت حميه، وسائقه الخاص ابن عمه، وهو الذي يدخل ويخرج دون أن يفتشه أحد!! ومتعهد التحميل والعتالة صهره، وأمين المستودع صديقه الحميم. وقد وصل عدد أقارب المدير العام المعينين في الشركة إلى 24 شخصاً معظمهم يعملون في أماكن حساسة ومفصلية، ويعاملون معاملة خاصة جداً!!

تقارير وشهادات

■ العامل م.ن: لماذا تركت قسم الجبنة في الشركة؟

●● لأنني عارضت رغبات المدير الإنتاجي الفني، فقد كان يطلب مني أن آخذ ثلاث قطع من كل تنكة جبن، وهي التنكات المخصصة لمراكز تموين الجيش ليبيعها لاحقاً للقطاع الخاص عن طريق المتعهد س.م، والذي كان يبيع بدوره للشركة جبنة مخالفة للمواصفات!! أما عائدات هذه الصفقات وغيرها من صفقات بيع جبنة القشقوان، فقد كان يتقاسمها المدير الإنتاجي الفني مع المدير العام!!

■ العاملة س: ماهي أسباب صدامك مع المدير العام؟

●● لأنني سربت معلومات من الشركة إلى اللجنة المكلفة من السيد وزير الصناعة للتحقيق ببعض الأمور المثارة في الشركة، فكانت النتيجة أن نقلني من الإدارة إلى قسم الإنتاج!

■ العـــامـــــلــــة أ. د: لماذا تم فصلك من الشركة؟

●● لقد تم فصلي بعد أن رفضت العمل في مكتب المدير العام ليقيني بأن طلبه هذا يخفي وراءه ما يخفي!! علماً بأنه أخذ مني هدايا بقيمة (50000) خمسين ألفاً لقاء تعييني في الشركة، إلا أن ذلك لم يشفع لي عندما رفضت طلبه بالعمل لديه كسكرتيرة، فراح يشهر بي ويسيء لسمعتي ويضايقني بكل الأساليب والوسائل.

■ العاملة ر.س.د: ماهي حكايتك مع المدير العام؟

●● كان أبي وأمي يعملان في الشركة، وتوفيا وهما على رأس عملهما، وحين أصبحنا بلا معيل، طلبت من المدير تعييني في الشركة  بدلاً من والدتي المتوفاة، فوافق على ذلك، لكنه سرعان ماراح يطلب مني الذهاب إلى بيته لتنظيفه كما كان يدعي، وحين عرفت نواياه ورفضتها أخذ يحاربني بلقمة عيشي!! وفصلت من الشركة بدون مبرر قانوني.

■ السيد (نقابي سابق) يقول: إن المدير العام يتبع الأساليب البوليسية في العمل، ويتوجه بالشتائم للعمال وأحياناً يلجأ إلى ضربهم، وهو ذو مزاج عنيف دائماً، ولايتواني عن عقد الصفقات المشبوهة، مثلاً أخذ تموين مركز القطيفة بكسر 20%، ومركز تموين طرطوس واللاذقية بكسر 15%، وترك تموين مركز دمشق بكسر 1%، وذلك عام 1997، وتسبب للشركة بخسائر فادحة، مقابل عمولات سرية كبيرة أضيفت لرصيده الخاص، وحين سؤاله عن ذلك، أكد أن بعض المراكز تجلب المتاعب للشركة، لأنها تجري تحاليل للمنتجات وهكذا اعترف دون أن يدري بأنه يتلاعب بالوزن والمواصفات.

■ السيد م. ر أحد كوادر الشركة يقول: إن شركة ألبان حمص كانت رابحة على الدوام، حتى وقعت في أيدي المدير الحالي، فبدأت بالتقهقر والخسارة بسبب سوء الإدارة والجهل في التسويق وعدم الاعتماد على الخبرات، والسرقة المستمرة لطاقات الشركة ومنتجاتها، والتي يديرها المدير العام، يعاونه في ذلك المدير الإنتاجي الفني، وأمين مستودع المواد المنتجة، ورئيس العتالة مع العلم أن  أشكال السرقة تتعدد، تبدأ من التلاعب بالمعايير وتستمر باعتماد نسب  الهدر بحدودها القصوى «نظرياً» بينما في الواقع العملي تذهب فروقات هذه النسب إلى جيوبهم الخاصة.

■ العامل ز.ش. مدير مالي سابق ومدقق: ماهي أسباب صدور قرار اعتباركم بحكم المستقيل؟

●● بعد أن كشفنا تزوير الميزانية الختامية لعام 2002 والذي ارتكبه المدير العام، وبينا حجم خسارة الشركة البالغ (113) مليون ليرة سورية مقابل ازدياد ثروته الشخصية والتي ترجمت إلى عقارات وسيارات بدأ المدير العام بفرض العقوبات المتلاحقة بحقي إلى أن أصدر قراراً  يعتبرني فيه بحكم المستقيل، لإبعادي عن مديرية المالية. إلا أن هذا لم يكن مفاجئاً، هو معروف (أي المدير) لدى الجميع بأنه ذو شخصية انتهازية انتقامية، يتعامل مع العمال باحتقار وبفوقية، ولاهم له سوى جمع الأموال وتكديس الثروة على حساب المصلحة العامة. وهو متورط بعقود وصفقات مفضوحة مع عدد كبير من المتعهدين ساهمت جميعها في تبديد أموال الشركة وإيصالها إلى هذا الوضع المأساوي..

الشرفاء يدفعون الثمن

وبعد، فإن ماسبق ذكره، ماهو إلا غيض من فيض، وإن الوثائق التي بين أيدينا تؤكد بالأدلة الدامغة، أن الإدارة الحالية لشركة ألبان حمص ومن حولها من أعوان وأزلام وزبانية، ارتكبت وماتزال عدداً لايحصى من التجاوزات والمخالفات، دون أي رادع أو وازع، غير مبالية بالاعتراضات والاحتجاجات والشكاوى المتلاحقة ضدها، وهي إذ استطاعت أن تسيطر على بعض الفعاليات الهامة في الشركة كاللجنة النقابية وقيادة الفرقة الحزبية ومكاتب الإدارات، فإن الكثير من الشرفاء وأصحاب الضمائر الحية والغيورين عل مصالح الشركة والوطن، مايزالون يخوضون سجالات حادة ضدها، دون أي دعم أو مساندة من الجهات المعنية بمكافحة الفساد، ويدفعون مقابل هذا الموقف النزيه أثماناً باهظة، تتجاوز حدود حرمانهم من عملهم ومن لقمة عيشهم في بعض الأحيان... لذلك أمسى تقويم الأمور بالسرعة الفائقة ضرورياً وحتمياً وإلا فإن النتائج ستكون وخيمة وغير محمودة العواقب.

برسم الرقابة

 

وهكذا فإن هذه القضية، ليست سوى عينة مما يجري في بعض شركات القطاع العام، والمؤامرة على هذا القطاع ماتزال تأخذ أشكالاً مختلفة، رغم كل محاولات الإصلاح، فيا أيها الوطنيون باشروا بالمعالجة والمحاسبة قبل فوات الأوان، فالمرحلة خطيرة وليس هناك وقت للتسويف والتأجيل.. وليكن قطاعنا العام خطاًً أحمر لانسمح لأحد بتجاوزه.