من الذاكرة كلمات في محلها
دمشق.. خمسينيات القرن الماضي حلم رائع مر في عمر ووجدان الوطن الغالي.. شعّ حرية وديمقراطية وفرحة وسعادة في ضمير كل من تشرفوا بالعيش في تلك المرحلة الموارة بنهوض شعبي وطني أكثر من عظيم.
سنوات كانت الجمهورية السورية قلعة التحدي وملحمة التحرر، وكان شعبها محط أنظار العالم، وموضع تضامن الشعوب، بما كان يجترحه يومياً من انتصار في وجه أعدائه المتربصين به من كل جانب.
والحديث عما جرى آنذاك يطول ويطول.. وحسبي أن أطوف مع قراء قاسيون الأعزاء بأحداث سطرت بالخلود في ذاكرة المناضلين.. ففي عام 1955 تألقت سورية بطولة وكرامة ومكانة، ولعب مجلس النواب دوره حين استجاب لنضال الجماهير الشعبية التي اندفعت إلى الساحات رافعة شعاراتها الوطنية والطبقية والديمقراطية، مؤكدة إصرارها على تحقيق مطالبها وحقوقها المشروعة، وعزمها الراسخ للدفاع عن تراب سورية عن استقلال وسيادة الوطن المفدى. وعلى الرغم من التواجد الكبير لنواب حزب الشعب والحزب الوطني ومن سار في ركابها الممثلين لقوى الإقطاع والبرجوازية والرجعية، استطاع النواب الممثلون للجماهير الشعبية أن يشدوا المجلس إلى اتخاذ العديد من المواقف الوطنية المشهودة ضد المؤامرات الاستعمارية المحمومة على سورية البطلة.. ومن ذكريات الحقبة المجيدة الجلسة التي خصصت للتضامن الكامل مع نضال الشعب الجزائري الشقيق.. مع ثورته الباسلة ضد الاحتلال الفرنسي.. وخلال تلك الجلسة تحدث الأمين العام للحزب الشيوعي السوري الرفيق خالد بكداش بإسهاب عن بطولة الثوار الجزائريين وعن همجية المحتلين الفرنسيين، ومما قاله:
إن الاستعمار الفرنسي بالإضافة إلى أنه استعمار وحشي هو استعمار أحمق.
وهنا تدخل رئيس المجلس ناظم القدسي (من حزب الشعب) محاولاً استغلال الكلمة فتساءل:
أستاذ خالد... استعمار أحمر؟!!
وجاءت الإجابة هادرة:
كلا.. ليس في الدنيا استعمار أحمر.. بل الحرية هي الحمراء..
ودوت أكف الحضور في شرفة المجلس بالتصفيق الحار.