مشروع «اليرموك» غير المكتمل: متضررون ومتفرجون!

نفذت المديرية العامة لحوض اليرموك في محافظة درعا «مشروع اليرموك الأعلى» لإرواء مساحة مقدارها /7500/ هكتار مربع من الأراضي المزروعة بالحبوب في إطار خطوة تندرج تحت هدف الأمن الغذائي.

وكانت قد تمت المباشرة في تنفيذ المشروع من تشريـــن الأول عــام 1989 عبر إقامة أقنية للري منها أقنية ري رئيسية مكشوفة بطول 20 كيلو متراً من اليرموك باتجاه سد درعا، وأقنية ري فرعية مكشوفة بطول 100 كيلو متر، وأقنية ري أنبوبية تحت الأرض بطول 90 كيلو متراً.

الإفراز ممنوع

إثر عملية تنظيم استصلاح الأراضي الواقعة ضمن وعلى جوانب الأقنية صدر قرار نفع عام من قبل وزارة الــري يحمل رقم /549/ وتاريخ 3/3/1991 يقضــي باعتبار (3044) عقاراً من العقارات «ذات النفع العام» وهي موزعة بين قرى المحافظة على الشكل التالي: في «طفس» 573 عقاراً، في «داعل» 758 عقاراً، في «عتمان» 243 عقاراً، في «خربة غزالة» 186 عقاراً، في الكتيبة أربع عقارات، وفي «اليادودة» عقاران، بينما في درعا (278) عقاراً.

وبموجب هذا القرار تم وضع إشارة استصلاح على صحيفة كل عقار وأرقام العقارات مرفقة بالقرار نفسه.

منذ صدور القرار بدأت المعاملات العقارية للمواطنين أصحاب العقارات المعنية تتوقف وتتعقد، من نقل ملكية أو إفراز أو غير ذلك، وبعد سلسلة من المطالبات والشكاوى تم السماح لأولئك المواطنين بنقل ملكيتهم، إلا أن شيئاً واحداً حال دون حل المشكلة، إذ أن قرار السماح بالإفراز بقي ممنوعاً حتى تاريخ كتابة هذه السطور.

لاحلول..

وقد أثيرت هذه المسألة في المؤتمرات الفلاحية والفعاليات الشعبية دون أية جدوى، وتعامل المسؤولون المعنيون بالأمر في البداية على أساس عملية حل ملكية كامل العقارات وإعادة توزيعها بعد اقتطاع المساحة المشغولة بالأقنية وخدماتها وعلى هذا الأساس ذهب وفد من محافظة درعا، ضم مندوبين عن المصالح العقارية واتحاد الفلاحين إلى محافظة الحسكة والرقة للإطلاع على واقع العمل في مناطق الاستصلاح، ولم يتوصل الوفد إلى حل عملي وبقيت الحال على ما هي عليه.

وعلى الرغم من أن مشروع اليرموك استطاع أن يحقق إنتاجاً عالياً بالنسبة للأراضي التي تمكنت المياه من الوصول إليها إلا أنه أفرز الكثير من الجوانب السلبية التي لابد من العمل على حلها. فهنالك استحالة في عملية حل ملكية الأراضي من حيث مسحها وإعادة توزيعها من جديد، بسبب وجود مزارع ثابتة وأشجار ومنشآت...إلخ، فالأمر يتطلب الإسراع بعملية إجراء معاملات استملاك كاملة لخط المشروع من أقنية ري (فرعية ورئيسية) وكذلك بالنسبة للطرق والمنشآت الأخرى بالإضافة إلى وجوب تحديد العقارات التي سوف يتم اقتطاعها بشكل كامل أو جزئي الأمر الذي يقتضي تشكيل لجان مختصة لتخمين أسعار الأراضي المستولى عليها وتقدير الأضرار الناجمة عن السير في المشروع ليتم تنظيم جداول دفع التعويضات للمتضررين.

ضرائب على ماذا؟

لقد قامت مديرية حوض اليرموك بفرض ضرائب ري على كامل العقارات الموجودة في قرار النفع العام مع العلم أن كثيراً من العقارات لم تصلهـــا المياه أصلاً (حوالي 60% من الأقنية الفرعية لم تصلها المياه). وقد قام أصحاب العقارات المكلفة بتقديم اعتراضات إلى مديرية حوض اليرموك إلى أن أوقفت المديرية عملية الجباية ولكن بدون صدور قرار قطعي، كونهم خارج نطاق المشروع مما يعزز خشية الفلاحين من إعادة مطالبتهم بدفع ضريبة الري من جديد.

أن ترى مرة...

من المفترض أن تكون الطرق الزراعية الموجودة بجانب الأقنية معمولة وفق المواصفات النظامية (40 سم مواد مقلعية وخفان وغضار، 20 سم حجـر مكسر، 7 سم إسفلت) لكن من ينظر إلى حال هذه الطرق والكيفية التي يتم فيها إنشاء الطرق وغياب المتابعة الفنية سواء من جهة الإشراف أو المواصفات الفنية، يدرك فوراً أن هذه الطرق مصممة لأن تخدم فقط لبضعة شهور وليس لسنوات.

وكي لا نظلم أحداً يقول المثل: «أن ترى مرة خير من أن تسمع ألف مرة» والواقع خير دليل.

الوطن لا يُحمى بالخطابات الارتجالية ولا بهدر أمواله ولا بالتستر على الفساد والمفسدين وإنما بالحفاظ على خيراته وطاقاته وأمواله وجهد عماله.

■ فهمي العاسمي

 

■ عيسى العتمة