هل انتصرت شموع السوريين؟! الكهرباء على جدول رئاسة الوزراء

من أسبوع إلى آخر تتصدر الملفات الشائكة جدول أعمال اجتماع رئاسة الوزراء الدوري، وآخر مرة حظيت الكهرباء بالحصة الكبيرة من النقاش والتوصيات، والدعوات.

وجاء في الخبر الذي أعقب الاجتماع الأسبوعي أنه نظراً لأهمية الكهرباء في الحياة الاقتصادية والاجتماعية السورية فقد أكد مجلس الوزراء أن دعم قطاع الكهرباء يعد أولوية أساسية في عمل الحكومة، وأن الحكومة ستوفر كل مستلزمات واحتياجات هذا القطاع، ومعالجة الصعوبات التي يعاني منها في هذه المرحلة.
ولم تكتف الحكومة بهذا التنويه بل طلبت من وزارة الكهرباء، والوزارات المعنية مضاعفة الجهود لتامين احتياجات قطاع الكهرباء، والعمل على منع التعديات والتجاوزات على الشبكة الكهربائية، وتخفيف الفاقد الكهربائي، وتقليل ساعات التقنين المعمول بها حالياً.
ولكن في الواقع تعيش المدن والقرى السورية حالة من السكينة بعد أشهر من التقنين المنظم أحياناً، وكعادتهم اعتاد السوريون على تنظيم نومهم، وساعات عملهم، وشحن (موبايلاتهم)، وشواحن الطاقة البديلة، وتعبئة خزانات المياه.
يقول أبو راشد أب أسرة: ما عاد (تفرق) كثيراً، فأنا مجرد مواطن عادي، لا أملاك ولا أطيان، والنوم أحسن للصحة، وعندما يكون التقنين في نصف السهرة ننام دون أسف على البرامج التلفزيونية، وما سيفوتنا من متابعة يمكن أن نحضره معاداً، وليس ضرورياً أن يكون الخبر مباشراً.
أم راشد ترى الأمر من باب المونة والمطبخ: البراد تعود على العمل كل أربع ساعات، ولا توجد مونة كبيرة في ثلاجته، والحمد لله كانت الشهور السابقة باردة، ويمكن أن يبقى (سطل) اللبن يومين دون تبريد، ولكن المشكلة عندما سترتفع الحرارة.
الأبناء يتحدثون عن انقطاع الكهرباء في موسم الامتحانات على أنه كارثي، ولكنهم كما يقول أوسطهم أحمد: لسنا بأفضل من أهلنا الذين درسوا على ضوء (الكاز)، وقد اعتدنا على الشموع، واكتشفنا أن فيها تركيز أكثر، ولا مجال لتضييع الوقت على الفيسبوك والتلفزيون.
السهرات باتت أحلى كما يرى أبو علي، وأن أواصر العلاقات الأسرية عادت لمتانتها بعد انتظام التقنين، وأن بعض الأسر صارت تعد للمساءات المظلمة وجبات منوعة، وأنه وإخوته صاروا يجتمعون يومياً بعد أن كان اجتماعهم الأسبوعي عند أمهم.
أبو حسن المتخم بالتعب صارت حياته أهدأ من ذي قبل، وبات يأتي إلى عمله نشيطاً بعد أن كان السهر يشق عمره، وظهر له أن العودة باكراً إلى البيت والاستيقاظ باكراً من هبات الطبيعة التي لم يكن يعرفها، وأنه لا مجال اليوم لسهرة بعيدة فالطريق المعتم لا يحمل الأمان، وأن البيت جنة صاحبه الآمنة.
 
السوريون كعادتهم يتأقلمون مع أشد الظروف قسوة، ولكن هذا لا يعني القبول بالأمر على أنه حالة طبيعية ويجب أن تستمر، وهم بهذه الخيارات ربما يحاولون التغلب على الظرف الصعب ببعض المرح، وينظرون إلى تصريحات الحكومة كجزء مما اعتادوا عليه.