ما حدث في «جرمانا» من  يتحمل مسؤوليته؟

بعد ظهر يوم الأربعاء في 15/2/2006 كانت مدينة جرمانا التابعة لمحافظة ريف دمشق على موعد مع فاجعة أصابت الأهالي بالهلع بعد انتشار خبر وقوع طفلين في مجرى النهر المكشوف المار في وسط جرمانا، فأثناء انصراف التلاميذ من مدارسهم ظهراً كان الموت بانتظار طفلين كانا ذاهبين لشراء الخبز للعائلة التي تنتظر لتناول فطورها.

 ففي اللحظة التي بدأ والدا الطفلين يشعران بتأخرهما، كان خبر سقوطهما في النهر ينتشر كالنار في الهشيم، وعند خروج الأب متفقداً باحثاً عن ولديه.. وبعد سؤاله للجموع المحتشدة في منطقة الحادث عرف بأن الطفلين الغريقين هما ولداه. الأخ الصغير/ 6 / سنوات كان قد اختفى تماماً في أعماق الحفرة دون أثر، أما الأخ الأكبر / 11 /سنة والذي كان يحاول إنقاذ شقيقه فقد انتشله بعض أصحاب الضمائر الحية، وقلبه ينبض لكن الموت سرعان ما قال كلمته نتيجة التأخر في إسعافه ورفض أحد المشافي الخاصة في المنطقة تقديم الإسعافات الأولية له.

عمليات بحث بدائية.. ومسؤول مفوه!!

ببدائية وببطء شديدين بدأت عمليات البحث عن الطفل الصغير، وبعد طول انتظار نزل أحد الغواصين لانتشاله لكن دون نتيجة، فبدأت الآليات " الباكر " بتنظيف مجرى النهر، وبهذه الطريقة العجيبة وغير الإنسانية عثر على الطفل الغريق في صباح اليوم التالي.. أحد المسؤولين دافع عن تقصيره على أثير إذاعة دمشق قائلاً: "آلاف الأطفال يموتون في العراق يومياً"!!

الأب المفجوع

والد الطفلين " أحمد عبد الله غول " المفجوع بولديه، وفي حديثه لكاميرا التلفزيون كان واضحاً وصريحاً باتهام الجهات المسؤولة بالتسيب والإهمال حيث ختم حديثه قائلاً: لو أن الطفلين من أبناء المسؤولين ماذا كانوا سيفعلون وهل كانت القضية ستمر هكذا ببساطة؟ ولكن حاله تغير في اليوم الثاني، وبلقاء آخر مع التلفزيون العربي السوري شكر السيد المحافظ والجهات المسؤولة لوقفتهم ومواساتهم له!! فهل تمت لفلفة الموضوع ترهيباً أو ترغيباً؟.

عريضة لم تلق آذاناً صاغية

لو تجاوب رئيس البلدية مع العريضة التي تقدم بها الأهالي بتاريخ 17/11/2005 بعشرات التواقيع لسقف الجزء المكشوف من هذا النهر الذي يمر بمحاذاة البيوت السكنية لما حدث ما حدث، فهذا الجزء المكشوف (الفخ) كان على الدوام يشكل خطر السقوط على الكبار والصغار، والسؤال: لماذا لم تتحرك بلدية جرمانا ورئيسها لحل هذه المشكلة؟. أم أن أولويات أخرى كتزفيت شارع فرعي أمام بيوت أحدهم أو تسوية بناء مخالف بطريقة "حبية " (كالبناء المشيد على المخطط التنظيمي لمجرى النهر على ارتفاع أربعة طوابق من دون أي هدم أو إنذار أثناء التشييد أو أية مضايقات من المجلس البلدي، والذي أدى إلى تحويل مجرى النهر كلياً عن مساره الأساسي حتى منطقة الكارثة) له الأولوية؟؟

ومع ذلك فرئيس بلدية جرمانا السيد حسام قسام تنصل من كل ما حدث وألقى باللوم والمسؤولية على المتعهد المنفذ لأعمال النهر..

النهر مكب للقمامة والصرف الصحي

المواطن ف ، أ من سكان المنطقة قال: (لم يتم تحويل مياه الصرف الصحي عن النهر إلا بعد الحادثة بثلاثة أيام فقط، وطبعاً جاء هذا العمل لتخفيف المسؤولية عن «أنفسهم»، وكما ترون فكل شيء على حاله وأصبحنا نشعر بأنه ليس هناك من جهات سواء الخدمية أو قسم الشرطة يمكن أن تنجح في حل أي مشكلة من مشاكل الحي وقانونهم السائد «حكلي لأحكلك»).

اتهامات متبادلة

وفي ظل الاتهامات المتبادلة بين البلدية والمتعهد المنفذ لتسوير النهر وتغطيته قال أحد العاملين مع المتعهد: (إن الحق على البلدية عندما رفضت إعطاءنا الموافقة على رفع الجسر المرافق لمنصف النهر 50 سم إلى مستوى سقف النهر، بحجة عدم اجتماع اللجنة الفنية في البلدية للموافقة). وفي تعليق لأحد سكان المنطقة يقول: (لقد أصبحنا مهددين بكارثة بيئية بسبب تخبط الجهات إثر حادث موت الطفلين غرقاً، فهناك من أغلق أحد مصبات المجاري التي تصب في النهر مما أدى بالمياه للعودة عكسياً لتقتحم المناطق السكنية والزراعية عند مصب نهر «الإقدام»، مما أدى إلى انتشار الروائح الكريهة بالإضافة إلى الكوارث في كل شيء، والله يسترنا من الصيف إذا استمر الوضع على هذا الحال).

حمدان يرشي البلدية!!

لقد همس لنا أحد المواطنين أن رئيس البلدية والمجلس البلدي قاموا بشراء علبة دهان وذلك لإخفاء ما كتب على أحد الجدران من شتائم وفضائح مالية كالتي كتبت " حمدان يرشي البلدية بمليون ليرة سورية رشوة رشوة رشوة ". 

وأخيراً وحتماً، إن الإهمال والفساد والتأخير في إيجاد الحلول المناسبة لقضايا المواطنين اليومية والخدمية هو بمثابة القتل العمد وما حصل مع الطفلين يمكن أن يتكرر في كل لحظة وفي كل المناطق.

لسان حال المواطنين جميعاً يسأل: هل وجدت البلديات خدمة للمواطنين وتسيير أمورهم اليومية والخدمية أم العكس؟ وهل أصبحت مهمة هذه البلديات ومن فيها حضور المؤتمرات وتقديم التقارير التي تتحدث عن إنجازاتهم ؟. أما آن الأوان لمحاسبة كل هؤلاء الفاسدين؟.                                     

■ علي نمر 

 

 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.