المرأة و العمل السياسي بين الطموح و الواقع /ج-2/

استكمالاً  للموضوع الذي ناقشناه في العدد/ 264 / حول عمل المرأة السياسي (وجوده – إمكاناته – دوافعه- صعوباته – و آفاق تطوره) و أخذ وجهات نظر بعض النساء تتابع قاسيون استطلاعها و تأخذ وجهات نظر بعض الرجال حول الموضوع نفسه بغية الخروج باستنتاجات قد تفيد في إشراك المرأة في بناء الحياة و المستقبل .

1 -  أبو رودي (معلم): من الضروري أن تشارك المرأة الرجل في كل ميادين الحياة و منها السياسية لأنها جزء من حياتنا خاصة  إذا كان عندها الميول و الاستعدادات اللازمة للدخول في هذا الميدان و لكن مجتمعنا يعاني من ضعف التنظيم و أحياناً تكون الممانعة من أقرب المقربين إليها و أنا شخصياً أشجع النساء للانخراط في العمل السياسي إذا امتلكنا الإمكانية لذلك و إذا لم يعرضها للأذى و الإهانة و هدر الكرامة و أؤكد على دور المرأة المثقفة في توعية النساء الأخريات و جرهن للعمل و المشاركة.

2 - أبو نضال (فلاح ): (ليش لأ) إذا كان هناك حق و عدالة – المرأة مثلها مثل الرجل و قد تكون أنجح منه و لكن العمل السياسي يحتاج للصدق و الأمانة و هو ما نفتقده اليوم – في السابق كانت النساء (حتى الفلاحات) يشاركن في السياسة مثل الرجال يوزعن المناشير و يخبئن الرجال أيام الملاحقات و يعملن بسرية و كان هناك صدق و مسؤولية أما الآن فقد خربت الدنيا ومنها السياسة (لم يعد أحد يثق بأحد خاصة المسيسين لأنهم لا يفعلون شيئاً غير الكذب على الناس) أنا لست ضد أن تعمل المرأة بالسياسة حتى لو تعرضت للسجن أو التعذيب و لكن عندما تناضل من أجل الحق و ليس من أجل مصالح بعض الأشخاص .

3 -  يوسف (مصلح ساعات): ليست مشكلة أن تعمل المرأة بالسياسة إذا كان لديها الإمكانيات و قد تتعرض لمشاكل و هذا شيء طبيعي و لكن المشكلة أننا نبقى رجال شرقيين عقليتنا مختلفة ومجتمعنا له خصوصياته وهو مختلف عن المجتمعات المتطورة كالأوربية مثلاً و حتى ضمن التشكيلة الاجتماعية تختلف من طائفة لأخرى و دين لآخر مثلاً عندنا نحن المسيحيين هناك أريحية أكثر في التعامل مع المرأة بشكل عام و تشارك في النشاطات الاجتماعية مثلاً (كثيرات يشاركن في لجان حقوق الإنسان و غيرها) و مع ذلك عندما تتعرض المرأة للخطر جراء عملها فربما أنصحها بالتوقف حرصا ً عليها و حتى لا تتعرض للإساءة .

4 -  أبو جورج (طبيب): المرأة نصف المجتمع و عليه ممكن أن تكون معطاءة أحياناً أكثر من الرجل حيث استطاعت بعض النساء الوصول إلى مراكز هامة في الدولة في المجتمعات الأوربية كوزيرة أو مستشارة (ألمانيا مثلاً) إلا أن تواجدها ما زال قليلاً حتى في تلك المجتمعات بحكم طبيعتها و يكون تواجدها في مجتمعاتنا أقل و مشاركتها غير فعالة من حيث النوعية بسبب شعورها بالنقص و الدونية في الكفاءة تجاه الرجل من ناحية و بسبب الرجل نفسه من ناحية ثانية لأنه يشكل المعيق رقم واحد و ذلك ناتج عن الثقافة الدينية التي تحاول حجب المرأة عن الحياة الاجتماعية بشكل عام .

5 -  أبو أيمن (معلم): أنا طبعاً مع عمل المرأة في الحياة الاجتماعية بشكل عام و بالسياسة أيضاً و لكن هناك إشكاليات في هذا الموضوع  فرغم ارتفاع نسبة الوعي السياسي في المجتمع السوري إلا أن مشاركة المرأة فيه قليلة و ذلك لأسباب كثيرة أهمها الازدواجية في شخصية الرجل المثقف عندنا و السياسي تحديدا فعندما يجري الحديث في هذا الأمر نجد آراء مشجعة و محبذة و لكن مع الأسف في التطبيق العملي (أي عندما يتطلب من كل مثقف و سياسي أن ينطلق من نفسه) نرى أنه حتى السياسيين ينأون بالمرأة عن السياسة لاعتبارات اجتماعية يضعونها و لا أرى هذه الاعتبارات محقة و حتى السياسي ينطلق من منطلق الذكورية و معتقدات المجتمع الذكوري ليس إلا .

و المشكلة أن هذه الحالة تنطبق على أحزاب تقدمية أيضاً (و على رأسهم أغلبية رفاقنا الشيوعيين) و من جهة أخرى هناك إشكالية داخل بنية العمل السياسي عندما يتعلق بالمرأة حيث يكون دورها داخل الأحزاب هامشياً و شكلياً و ليس جوهرياً يدخل ضمن نطاق العمل الشبابي أو المنظمات النسائية (رابطة النساء للطفولة و الأمومة) مثلاً و هذا من وجهة نظري تشويه و تهميش لعمل المرأة السياسي و قدرتها على ذلك و إذا كان هذا التوصيف ينطبق على النخبة المثقفة و السياسية عندنا فما حال وضع المرأة في الشرائح الاجتماعية الأقل ثقافة و تسيساً.

و أخيراً سواء اتفقنا مع بعض هذه الآراء أو اختلفنا معها إلا أنها شكلت إضاءة هامة على موضوع هام حيث عبّر كل شخص عن رأيه من موقعه الخاص في المجتمع و لكن أجمع الجميع على ضرورة إشراك المرأة في ميادين الحياة كافة وخاصة السياسية منها ليس فقط لأنها تشكل نصف المجتمع من الناحية العددية و إنما لأنها تشكل نصف كينونة هذا العالم أيضاً و لم يعد بالإمكان إبعادها عن شؤون الحياة .

 

■ إيمان الأحمد