ماذا لو كان ابن خلدون وزيرا للمالية؟!
- يبدو السيد محمد الحسين وزير المالية أكثر أعضاء الحكومة نشاطا, فعلى صعيد الواقع يتلمس المواطن بشكل شهري الزيادات الحاصلة في الرسوم والضرائب, وعلى صعيد الإعلام فالسيد الوزير نجم بلا منافس في محطات التلفزيون والإذاعة والصحافة السورية وهو يفتح كل يوم مصرفاً خاصاً جديدا أو شركة تأمين جديدة والتي لا يعرف المواطن عنها شيئاً مثلها مثل المطاعم الفخمة التي لا يراها المواطن إلا في المسلسلات.
- الحديث الدائم للسيد الوزير هو عن تخفيض رسوم استيراد السيارات وعن اقتصاد السوق الاجتماعي وما يحمله هذا المصطلح الذي يحمل براءة اختراع سورية من وعود للمواطن بتحسين دخله وظروفه المعيشية عن طريق اقتصاد السوق الاجتماعي الذي يشعل المنافسة بين التجار ما يسهم في هبوط الأسعار.
- والسيد الوزير في سعيه لإرضاء المواطن ووعده إياه بحياة أفضل, حريص أيضا على أرضاء خزينة الدولة في معادلة مستحيلة الحل.
- ويبدو اقتصاد السوق الاجتماعي، والذي عجز خبراء الاقتصاد العالمي عن فهمه، نوعا جديدا من الاشتراكية غير اشتراكية ماركس, فكل الذين لا يعرفون معنى اقتصاد السوق الاجتماعي نقول لهم بأنه قائم على ركيزة أساسية وهي: جعل المواطنين متساوين في دفع الضرائب, فالموظف يدفع كالعامل، سائق التاكسي كسائق السيارة الخاصة، والتاجر الكبير مثل العاطل عن العمل وصاحب البيت كالمستأجر، والمؤمن كالملحد والمؤيد كالمعارض..
- و بعد هذا التوضيح البسيط لمفهوم اقتصاد السوق الاجتماعي والذي استند إلى رؤية الواقع اليومي للمواطن إلى مجلدات الاقتصاد وأبحاثه نقول : إن المواطن العادي مع اقتصاد السوق الاجتماعي ومع ضريبة الإنفاق والاستهلاك بات يتحمل النقص في ميزانية الخزينة الناجم عن تخفيض رسوم الجمارك على السيارات حتى أصبح يدفع ضريبة سيارة اشتراها غيره!؟ وكل فاتورة يسددها المواطن يجد فيها خانة صغيرة الحجم كبيرة الرقم معنونة بضريبة إنفاق استهلاكي، كما أن المنافسة التجارية قد زادت أسعار كل ما يباع بنسبة الضعف على الأقل وهذا بالضبط ما لم ينتبه إليه ماركس عندما صاغ نظريته.
- و قبل ماركس وقبل السيد الوزير قال ابن خلدون ( إن أقوى الأسباب في الإعمار تقليل مقدار الوظائف ( الضرائب) بين المعتمرين ما أمكن ) ... مقصد صاحب المقدمة الشهيرة في الشرق والغرب والذي عاش قبل ستمائة عام، أن زيادة الضرائب على المواطن لتغطية نفقات الترف والنعيم الذي يعيشه أهل الدولة يثقل كاهل هذا المواطن ويبدد رغبته في العمل والإنتاج والبناء لقناعته بأن ثمرة عمله تذهب ضريبة لأهل الدولة وأنه ما لم تخفض هذه الضرائب فلن يسهم في بناء بلده.