ماذا تقول يا صاحبي «يا بلاش...!!»

■ لئن كانت للعلاقات بين الناس أشكالها المتعددة والمتباينة التي نشأت وتراكمت عبر حقب مديدة، فإن تجسدها في الواقع الملموس كصلات حية يقوم على مفاهيم وأعراف تدفع بالإنسان ليقوم بأمور أصبحت معروفة ومألوفة، ومن البدهيات، ومن ذلك احترام الكبير والعطف على الصغير وإغاثة المحتاج، ومد يد العون وبخاصة إن كان الإنسان قادراً، لمتضرر أو مصاب بحادث.

• تماماً... وهذا يكاد يكون أمراً عادياً وطبيعياً... وأكثر من ذلك ففي كثير من المواقف الصعبة يسارع المرء بدافع من طبيعته الإنسانية للقيام بأعمال قد تعرضه للخطر  المؤكد، ومثال ذلك عندما يرى أحدنا طفلاً يجتاز الطريق دون أن يدرك ما قد يتعرض له، وتداهمه سيارة فنسارع إلى إنقاذه قبل أن يتعرض للدهس بشكل مفاجىء، ناسين سلامتنا الشخصية.

■ إذن... فما قولك بمن يحجم عن مد يد المساعدة لمصاب كان هو المسبب لما أصابه؟!

• لا شك بأن من يتصرف بالشكل الذي ذكرته هو إنسان يضع نفسه موضع الاستهجان والمؤاخذة واللوم، وبكلمة أدق، يضع نفسه في موضع المساءلة. فالإنسان مسؤول عن أعماله وتصرفاته، ولكن ما الذي دفعك إلى ذكر ما ذكرت؟!

■ الذي دفعني إلى ذلك هو حادثة كنت واحداً ممن شهدوا نتائجها، وخلاصتها هي التالي:

ظهر يوم الخميس 13/10، وفي الحادية عشرة، وفي ردهة مبنى هيئة تخطيط الدولة، وخلال دخول الدكتور راتب الشلاح رئيس اتحاد غرف التجارة لحضور أحد الاجتماعات في الهيئة اصطدم بعاملة من عاملات التنظيف وكانت تسير مع إحدى زميلاتها، مما أدى إلى سقوطها أرضاً لتعاني ألماً ظاهراً جراء ذلك، ولم يقف الدكتور ليرى ما جرى، في حين سارع بعض من تواجدوا في المكان لمساعدة العاملة ونقلها إلى مشفى ابن النفيس ليتم فحصها، وقد تبين أن يدها أصيبت بكسر نتيجة سقوطها على الأرض، وقد عولجت بوضع ضمادة جبصين حول يدها، وبطلب من زميلتها لم تتوجه إلى منزلها كما كانت تريد بل توجهت معها إلى هيئة التخطيط لمقابلة من صدمها، لتشرح له حالتها وهذا ما جرى فعلاً، حيث شرح أحد الموظفين للدكتور راتب حقيقة الأمر، وكان الرد المقتضب: لقد صدمتها من غير قصد. ومد يده إلى جيبه ليخرج ألفي ليرة ويضعها على الطاولة ويغادر المكان دون كلمة (تطيب) خاطر العاملة المسكينة... السيدة وضحة يوسف العلي... ولا حتى كلمة (معافاية)، والجدير بالذكر أن العاملة المصابة لم تطلب تنظيم ضبط رسمي بالحادثة.

وهكذا يتبين لمن حضروا حادثة (الصدم) أن تعويض (كسر يد) إلى جانب تعطيل عن العمل لأكثر من شهر ونصف، يساوي في سلة أسعار التجارة ومن جيوب أصحاب مئات الملايين الخضراء ألفين من الليرات السورية.

يا بلاش..!! ولا أعرف لماذا تراءت أمام ناظري هكذا فجأة عبارة: اقتصاد السوق (الاجتماعي)... فماذا تقول يا صاحبي؟!

 

■ محمد علي طه