الحركة الشعبية والجيش.. والتدخل الإمبريالي
الجيش السوري، هو جزء لا يتجزأ من الشعب السوري، وهو تاريخياً مؤسسة وطنية عريقة لها دور وظيفي محدد وهدف واحد ومهمة واضحة، وهي الدفاع عن حياض الوطن ضد أعدائه الخارجيين، واسترجاع كل الأراضي السورية المحتلة (الجولان ولواء اسكندرونة).. وبغض النظر عن المعارك الوهمية التي ما انفك بعض الفاسدين يحاولون زجه بها منذ تشكيله، فهو يبقى أحد مقومات قوة سورية كوطن موحد ومستقل وله سيادته على أرضه وثرواته وقراره السياسي..
واليوم، ومع تصاعد وتفاقم الفرز الوهمي الخاطئ في البلاد، تنتصب مهمة وحدة الحركة الشعبية والجيش كمهمة ملحة جداً لضمان الصمود الوطني في وجه التهديدات المتزايدة ضد الوطن ووحدته، ولضمان التغيير الجذري النظيف والشامل الذي يصب أولاً وأخيراً في مصلحة الشعب السوري.. وقد أثبت تاريخ الشعوب أكثر من مرة أن أي تغيير جذري حقيقي لا يتحقق إلا بوحدة الحركة الشعبية والجيش، وهذا الشعار والمطلب في آن معاً ليس حلماً لمجموعة رومنسيين يتقنون التنظير، بل إن القوانين الاجتماعية تفعل فعلها في كل مكان في هذا العالم، وبالتأكيد فإن سورية التي تمر بأزمة وطنية عميقة نتيجة ظروف موضوعية متعددة، ليست استثناء.
إن التحالف العميق بين الجيش والحركة الشعبية هو أحد عناصر نجاة البلاد، خصوصاً أن «الصراع على سورية» عاد ليتجدد بقوة، والذي تواكب مع طريقة مؤسفة لتعاطي بعض المتنفذين في النظام مع الحركة الشعبية، حيث لم يُوضع ما يجري عالمياً وإقليمياً في سياقه الحقيقي، وربما تم نسيان دور «إسرائيل» ووظيفتها، والأزمة العالمية الرأسمالية ومفاعيلها.. أضف إلى ذلك برز عدم إدراك حقيقي لدى أولئك للبنية الاجتماعية المعقدة للشعب السوري، مما أفرز سريعاً محاولات ركوب القوى الرجعية السوداء على ظهر الحركة الوليدة، والتي تمظهرت أشكالها الوهمية مؤخراً في محاولة إحداث فالق مصطنع بين الجيش والحركة شعبية، ضمن إطار مجموعة الثنائيات اغير الحقيقية، لتضاف لنظيراتها السابقة (معارضة- نظام)، (طائفة – طائفة)، وقد وصلنا اليوم إلى حد تهديد سورية ككيان سياسي وتفتيتها (تقسيم سورية بين ناهبيها)، ومن ثم إقامة كانتونات طائفية وعرقية يتربع على عروشها ملوك الطوائف القادمون على ظهور الدبابات الامبريالية..
علماً أن هذا الصرع على سورية لم يتوقف يوماً، منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى الآن، وذلك لاعتبارات استراتيجية متعددة يأتي موقع سورية التاريخي والجغرافي والمعنوي في مقدمتها.
لقد سبقت سورية بحكم سماتها التاريخية والمعاصرة، معظم البلدان العربية بعملية تشكل الأمة، وبالتالي أصبحت الحاضنة التاريخية لحركة التحرر الوطني في الشرق العظيم، وهذا الشرق وأبرز نقاط قوته ومنها سورية، يجب أن يزول ضمن حسابات الامبريالية والصهيونية العالمية، أو أن يضعف للحد الأقصى، وقد اشتدت وتيرة العمل في هذا الاتجاه كثيراً في الشهور المنصرمة، استغلالاً لما يجري في سورية، خاصة مع ارتفاع منسوب الدم وتغليب الحل الأمني، مما وفر أكثر فرص التدخل الخارجي السافر، العسكري والسياسي والاقتصادي.
من هنا، وحرصاً على وحدة البلاد واستقلالها، لا بد من وحدة الحركة الشعبية والجيش، حيث لا طريق لإنقاذ البلاد مما يتهددها بشدة الا بالمقاومة لضمان وحدة البلاد (وحدة سورية لكادحيها).
إن شعار «الشعب والجيش يد واحدة» هو محصلة نضال شعوب العالم في وجه الامبريالية منذ القرن الماضي بمحطاته المختلفة، الذي أثبت أن لا تغيير بلا وحدة الشعب والجيش، ولعل هذا الشعار قد رفع بشكله الناضج لأول مرة في الحرب العالمية الثانية في الاتحاد السوفييتي، وقد تمكن الشعب السوفييتي والجيش الأحمر العظيم من ردع قطعان الفاشية، أكثر تجليات الامبريالية قبحاً، ثم نادت به شعوب كثيرة تريد الانعتاق والتحرر.
تنتصب أمام الشعب السوري اليوم مهام المقاومة الشعبية الشاملة بوحدة الشعب مع الجيش حفاظاً على وحدة البلاد واستقلالها، وحفاظاً على الحركة الشعبية وحمايتها والمضي بها قدماً، لأن الامبريالية الدكتاتورية والمستبد الأكبر للشعوب، قد أقبلت بحجة تخليص الشعوب من محرقة قائمة، لتزج بها في محرقة أخرى قادمة لا محالة، وكما قال الشاعر الفلسطيني معين بسيسو: «ها قد أقبلوا.. فلا مساومة.. المجد للمقاومة».. فالمساومون بكل أشكالهم سيمضون عاجلاً أم آجلاً إلى مزبلة التاريخ لأنه يسجل ما يحدث الآن من قيام اللصوص الجدد بامتطاء السخط الشعبي ليعودوا لصوصاً بأشكال أخرى، ولكن هذه المرة على الدبابات الامبريالية..