أبعدوا أطفالكم عن ألعاب العيد الفتاكة.. طوقوا الفساد!

يستطيع المرء أن يتجاهل أحياناً بعض المشكلات من حوله، ولكنه لن يستطيع تجاهلها للأبد، ومن المشاهد الإشكالية التي تتكرر في كل الأعياد، رواج الأسلحة البلاستيكية من مسدسات الخرز، والألعاب النارية على اختلاف ألوانها وأنواعها، كبضائع ترفيهية يستمتع بها الأطفال بين الأزقة وفي ساحات الأحياء، ويتفنون بإبهار المارة بما يستطيعون فعله بها كل ساعة ونهار، فيهدرون على «ذخيرتها» المزيفة جلّ ما يحصلونه من «عيديات» رمزية، ويؤذون بعضهم البعض أحياناً خلال عبثهم الطفولي، عدا عن أنهم يكتسبون ميلاً عدائياً- وإن مؤقتاً- قد يؤثر سلباً في نموهم النفسي مستقبلاً!.

رغم أن هذه الألعاب محظورة «قانونياً» إلاّ أن انتشارها الكبير كل عيد يمثل دليلاً على ضعف الرقابة، وعلى غلبة الفاسدين عندما يتعلق الأمر بالمال، وطبعاً لن تجد فاسداً يكترث بسلامة الأطفال، اللهم ما لم يكونوا أطفاله أنفسهم.. ولتزداد قتامة المشهد أصبح مؤكداً للجميع أن هذه الألعاب (من مسدسات خرز وألعاب نارية) لم تعد تباع بشكل سري في مختلف أنحاء البلاد، بل بات بيعها مهنةً وتجارةً في آن واحد، والمشكلة أن هذه الألعاب خطيرة جداً وكثيراً ماتخلف عاهات دائمة للمصابين بأعيرتها، هذا بالإضافة إلى ما قد تشعله من حرائق في البيوت والمحال، والغريب في الأمر أن بعض الأهل ما يزالون يعايدون أولادهم الصغار ويربتون على أكتافهم عندما يصرفون العيدية على شراء هذه الألعاب.. حتى إن بعض الأطفال يصيبهم الحزن إذا لم يمتلكوا مسدساً أو مفرقعات وتتحول أعيادهم إلى مآتم، ويصبون جام غضبهم على أولياء أمورهم الذين باتوا مستسلمين للأمر الواقع في سبيل إرضاء أبنائهم دون أن يدركوا خطورة هذه الألعاب، وماتتركه من آثار وخيمة على صحة الآخرين، كما أن سعرها الرخيص يعد مظهراً مشجعاً على اقتنائها فبسعر 50 ليرة تستطيع الحصول على عدد منها، ثم لاحقاً يمكنك أن تتفكر بتكاليف إعادة تزويدها بالذخيرة البلاستيكية!.‏

إن مشكلة الألعاب النارية والأسلحة البلاستيكية لها أوجه متعددة بطبيعة الحال، ولكن الذي يجدر الانتباه إليه هو أن رواجها واستمرار ظهورها بين أيدي الأطفال في الأعياد، إنما يمثل دليلاً واضحاً على طول أيدي الفاسدين واستهتار الجهات المعنية وتقصيرها في حماية المواطنين (صغارهم وكبارهم) من ضعاف النفوس، رغم كل التطبيل والتذمير بمحاربة الفساد!.

ولعل الطريقة المثلى لتقليص حجم هذه الظاهرة تبدأ من تدخل الأسرة نفسها عندما يتدخلون بأسلوب ذكي في جهات صرف أبنائهم لنقودهم، وبتعريفهم بمخاطر الألعاب/ الأسلحة على صحتهم الجسدية والنفسية، فمن المعروف أن حمل الأطفال لأسلحة بلاستيكية واستمتاعهم بقنص بعضهم البعض، ناهيك عن استمتاعهم بأصوات الانفجارات التي تحدثها المفرقعات، يعدّ أمراً غير محبب اجتماعياً، لما قد يسببه من قلق وتوتر نفسي، سواءً لدى المشاهدين لهذه الظاهرة أم لدى الأطفال أنفسهم الذين تعتبر حمايتهم من أي خطر واجباً هاماً يجب أن يؤديه الأهل من جهة التوجيه، وأجهزة الدولة من جهة ممارسة الرقابة على الأسواق ومنع هذه الآفات من التسلل إلى أيدي الأطفال وأفكارهم.