طريق دمشق - السويداء.. مشروع مدى الدهر
شهدت محافظة السويداء، على مدى سنوات طويلة، نهضة عمرانية واسعة، وزاوجت بين التنوع الجغرافي والتاريخي، وهذا ما جعل منها متحفاً طبيعياً جاذباً للسواح الذين يتوافدون للاطلاع على هذا الإرث التاريخي الذي ضم تنوعاً غير مسبوق للآثار والأوابد، ومن أجل التعريف بهذه الكنوز الوطنية شهدت المحافظة انتشاراً واسعاً للمنشآت السياحية، وذلك يتطلب المزيد من المرافق والخدمات العامة والبنى التحتية، ما يسهل إنجاز المشاريع المتعددة، ويشجع السواح والمستثمرين من أبناء المنطقة وغيرهم على زيارتها والاستثمار فيها.
إن الرابط الأساسي لهذه المحافظة مع جاراتها درعا ودمشق وريف دمشق، هو الطريق الدولي الذي تم إقراره وتخطيطه منذ أكثر من ثلاثين عاماً، هو طريق الحج والوصلة الأساسية فيه هي الطريق الواصل بين دمشق والسويداء، الذي تم تنفيذ تأهيله (تعريضه وتحسينه) على مراحل خلال العقدين الأخيرين ببطء شديد، وكانت ميزانيته المرصودة في كل عام لا تنفذ منه سوى كيلومترات قليلة، فهل كانت الميزانيات قليلة أم كان يتم نهبها؟! الحقيقة أن هذا السؤال قد أكل الدهر عليه وشرب، لذلك نعود إلى تنفيذ الطريق في مراحله الأخيرة، فقد شهد المشروع ثلاثين عاماً من التخطيط، وعشرين عاماً من التنفيذ، ومازالت ملامحه النهائية لم تكتمل، ففي كل يوم حفرة جديدة وكوع جديد وتحويلة جديدة وخرق جديد للزفت الجديد!
عقود طويلة لم تكن كافية لوضع الدراسة الفنية والتخديمية للطريق بكل مفاصله، فقد تم مؤخراً التعاقد على تنفيذ معبري لاهثة والمتونة، وتم بشكل إبداعي لحظي غير مدروس تأمين الحلول الطرقية للقرى الأخرى بشكل أفقي، ومعظم المفارق على الطريق غير مخدمة بشاخصات وإشارات ما يسبب الكثير من الحوادث المميتة حتى بات يعرف باسم (طريق الموت) مع أن كلفة الطريق قد بلغت أكثر من مليار ليرة سورية، لطول لا يتجاوز الـ100 كم، ويشير البعض إلى وجود حالات فساد وترهل في عمل المحافظة، ويلاحظ وجود هذه الظواهر وبشكل متفاوت في مفاصل العمل لبعض المؤسسات.
ومن الظواهر المقززة على الطريق حالياً خروقات للزفت الجديد لإنشاء ممرات للمشاة عند بعض التجمعات السكنية، ومصارف لمياه الأمطار، ولا نعترض على تنفيذ هذه الممرات والمصارف فهي ضرورية جداً، ولكننا نعترض ونستغرب عدم لحظها على المخطط الأساسي للطريق، عند دراسة المواصفات الفنية والخدمية له. فهل كان تجاهلها مقصوداً لفتح عروض مشاريع جديدة على الطريق؟ أم كان خطأ فنياً ولم يكن الدارس على القدر الكافي من الكفاءة والمعرفة؟ قد يكون الأوان قد فات على هذه الأسئلة ولكننا نطالب بالإنجاز السريع لما تبقى من خدمات على الطريق، حماية للمواطنين من موت يتربص بهم على مفترق طرق.