حي القريات في جرمانا.. الحياة في مزبلة!
بعد مرور شهور الغرق في الوحل المشفوع بحلمنا بالشبكات الجديدة والإصلاحات الجديدة, انتظرنا بصبر فرج التجديد ونعمة الحداثة المنفذة بأيدي متعهدين عملوا تحت رعاية البلدية الموقرة، لرعاية مصالح أبناء جرمانا.
أما بعد، ونحن نراقب القميص الزفتي يكسو شوارع جرمانا المنتفخة بمزابل المقيمين والوافدين, وكلما تم تزفيت حارة نهلل انتظاراً لدور أخرى بهذا المشهد الحضاري المنتظر، بعدما عفّرت الأتربة أقدامنا ووجوهنا، وأنوفنا المحشوة بكل جراثيم الأرض.
وحيث أننا نراقب بحرص المواطنة هذه المكرمات التي ما تزال حلماً جميلاً، وكثيراً ما يكون بعيداً رغم التزامنا بدفع ضرائبنا التي أمعنت الجهات المعنية بدراسة إمكانية تحصيلها بانتظام، فحمّلتها على فواتيرنا القهرية التي تلاحقنا شهراً بعد آخر بنزيف حاد في جيوبنا التي لم تنعم بمنحة العيد.
ربما ليست بلدية جرمانا حالة فريدة، ولا نريد التشاؤم لنعمم العجز الخدماتي على مرافقنا جميعاً، ولكن بين أيدينا هنا حالة موثقة دفعتنا لهذا التحديد، فقد تقدم مواطنون قاطنو حي القريات بمدينة جرمانا- الدخلة الثانية- بعد مدرسة الآسية باتجاه كشكول، بشكوى هذا محتواها:
«منذ ما يزيد عن سبعة أشهر قامت البلدية قسم المشاريع مشكورة عن طريق أحد المتعهدين بتنفيذ استبدال لخط الصرف الصحي الذي عانينا منه كثيراً جراء تسرب المياه الآسنة، وكثرة تسليكه بالصاروخ، وقد نتج عن ذلك مخلفات من الأتربة أعاقت حركة المرور في هذه الدخلة، ومنعت دخول عربات المياه والمازوت، ولكننا صبرنا على الوضع لأن رئيسة قسم المشاريع وعدتنا بتزفيت هذه الدخلة في أول فرصة ممكنة، وبمراجعتنا الحثيثة للبلدية، قام المتعهد بإزالة قسم من الأتربة، وترك الباقي خلال فصل الشتاء الذي عانينا من وحله وبرك مياهه الآسنة بفعل الأمطار أو التسربات، ومع قدوم فصل الصيف، هاجمتنا الأتربة والزبالة التي يرميها بعض السكان في وسط الشارع, الذي لم نعد نعرف إن كان شارعاً أو مكباً للزبالة لكثرة الحفر والمطبات، ولكن منذ عشرة أيام لاحظنا تسرباً لمياه الصرف الصحي، في أول الدخلة، لذلك نرجو تكليف من ترونه مناسباً للكشف على هذه الدخلة.. ولكم جزيل الشكر»..
هذا هو الكلام الوارد في الشكوى رقم 3398 بتاريخ 31 52009 حرفياً، والتي وقّع عليها أكثر من 25 صاحب منزل في الحارة، هذا بمراعاة كون أغلب سكان الحارة من الإخوة العراقيين، وهؤلاء يبتعدون عن الدخول بشكل رسمي في عمليات الشكوى والتذمر، على مبدأ الحيط الحيط ويارب السترة، وقد سجلت الشكوى في الديوان العام في المكتب الفني وحولها رئيس المكتب الفني إلى قسم المشاريع للإطلاع وإجراء المناسب.
وحتى لا نتهم بأننا سوداويون نضع العصي في العجلات ننقل إليكم صورة الوضع بعد حوالي أربعة أشهر، فقد أتخمت أكياس الزبالة بالمياة الملوثة، وأهل الحارة منقسمون, فهذا يعتقدها مياه صرف صحي، وآخر يؤكد أنها مياه صافية لكن بقايا الطبخ وفوط الأطفال هي التي أكسبت المكان رائحته، وهناك من يرى أن هناك تسرباً مشتركاً للمياه العذبة والمالحة..
المهم، لا نعرف إذا كان موظفو البلدية قد عاينوا المكان أم لا حتى لا نبخسهم حقهم، لكننا نعلم أننا صرنا نتقن القفز والنط وفق نظرية دارون عن التكيف تحولاً إلى ضفادع مستنقعاتنا المزمنة, وأما حكاية الأمراض والفيروسات، فيبدو أن نظرية المناعة التي ذكرتها أولا هي ناتج حتمي ضمن سياسة التأقلم التي تسوقنا بعصاها سلبية البلديات، وانشغالها بقضايا أهم بكثير من مواطن يتمرغ في بقعة وحل وقذارة، لأنه عندها لن يستغرب ان يصاب بأنفلونزا الخنازير كنتيجة حتمية لوضعه الجديد..
نحن ضمن شفافية متنفذي البلديات لا ندرك حقيقة ما يجري، ولكننا بالتأكيد نشتري مياهنا على ذمة صاحب الشاحنة أو الطرطيرة، وندرك حرص الحريصين على تفعيل قدرتنا على مواجهة الجراثيم التي رعت توحشها رقابتهم الجدية، بدءاً من مساكننا العشوائية التي سمسر الكثيرون على أسطحتها ووجائبها، وانتهاء بشكوانا من إهمالنا كمواطنين ندفع كل ما علينا من مستحقات النظافة وغيرها..
ملاحظة: نذكر من يلزم بمادة في قانون الإدارة المحلية عن وجوب تحويل ما يرد في الصحافة إلى الرقابة والتفتيش, وليس مجرد الرد، هذا إذا كان هناك أصلاً!!