الزيتون «المعضماني» بمهب الريح!

طال الحصار على هذه البلدة القريبة من دمشق، حيث لا تبعد أكثر من 10 كم غرب العاصمة، وقد انخفض تعداد سكانها، بفعل الحرب والأزمة والنزوح من 70 ألف تقريباً، قبل الحرب، إلى حدود 30 ألف حالياً، بعض قاطنيها الحاليين هم نازحون من مناطق أخرى، كما تعرض جزء كبير من أبنيتها إلى الدمار الكلي أو الجزئي بفعل الحرب والقذائف، على مدى خمسة أعوام.

 

 

نقص بالخدمات ومستلزمات الحياة

واقع الحصار انعكس بشكل مباشر على مستوى الخدمات الأساسية، من ماء وكهرباء واتصالات، بالإضافة إلى الخدمات الأخرى مثل الصحة والتعليم، وغيرها الكثير من الخدمات التي أصبح واقعها يتردى عاماً بعد آخر، حتى وصلت لحدود التوقف تقريباً.

لم يقف الأمر عند نقص الخدمات، بل تعدى ذلك إلى النقص الحاد بالمواد الأساسية على المستوى الحياتي المعيشي اليومي، من أغذية ومحروقات ومستلزمات الحياة الضرورية الأخرى، حتى باتت من البلدات التي تعاني آثار الجوع والمرض.

بعبارة أخرى بدأت ملامح الكارثة الإنسانية تطرق أبواب البلدة، الأمر الذي دعا بعض المنظمات الدولية للتدخل من أجل إدخال بعض المساعدات إليها، بالإضافة إلى تخفيف إجراءات الحصار، من دخول وخروج للعاملين في الدولة من أبنائها، مع إمكانية إدخال بعض المواد بين الحين والآخر، حسب مزاجية القائمين على الحواجز، على الرغم من أن البلدة كانت من البلدات الأولى على مستوى دخول حيز «الهدن والمصالحات»، وإن كانت هشة.

أشجار يابسة وأحوال بائسة

المشكلة الأكبر بالنسبة للأهالي كانت بفقدهم لأهم مورد رزق كانوا يعتاشون عليه، حيث كانت المعضمية تشتهر بإنتاج الزيتون «المعضماني»، ذو المواصفة الخاصة من حيث الجودة والنكهة والطعم، بالإضافة إلى تحمله فترة تخزين طويلة نسبياً، مقارنة مع غيره من أنواع الزيتون الأخرى، الأمر الذي جعل من هذا الإنتاج مرغوباً على مستوى الاستهلاك، ليس من قبل أهالي البلدة، بل كان يحظى بالتنافسية على مستوى الاستهلاك المحلي السوري بشكل عام، كما وصلت سمعته وتنافسيته لخارج حدود القطر.

أشجار الزيتون المثمرة بالأراضي المحيطة بالبلدة، بغالبها تعرضت للتيبس والجفاف والموت، وذلك بسبب عدم التمكن من رعايتها وسقايتها والاهتمام بها، باعتبار أن هذه الأشجار مروية، تعتمد على السقاية، وليست بعلية، والبعض الآخر تعرض للقص والتحطيب، كبديل عن نقص الوقود من أجل التدفئة والطبخ، بالإضافة إلى الكثير الذي تعرض للحرق المباشر أو بسبب القذائف، وما تبقى بعض الأشجار المتناثرة هنا وهناك، والتي من الواجب المحافظة عليها، ما يعني أن هذا المنتج التنافسي، محلياً وخارجياً، قد نفقده نهائياً بحال الاستمرار بعدم الاهتمام به وبرعايته.

كما خرجت الأراضي الزراعية المحيطة بالبلدة كلها أيضاً عن الخدمة، حيث كانت تزرع بأنواع عديدة من المنتجات الزراعية الموسمية، والتي كانت تغطي احتياجات الأهالي، ويباع الباقي منها في أسواق دمشق وغيرها من المدن، وذلك بسبب الوضع الأمني والعسكري والحصار المفروض.

ذلك كله أدى بنتيجة الحال إلى فقدان الأهالي أهم مصدر دخل بالنسبة إليهم، على مدى خمسة أعوام من الحرب والأزمة وإجراءات الحصار الطويل، وبالتالي أصبحوا تحت وطأة العوز والجوع.

مطالب حياتية

أهالي المعضمية يطالبون بإنهاء الحصار المفروض عليهم، والسماح لهم بالدخول والخروج من بلدتهم، كي يعودوا إلى حياتهم الطبيعية، والأهم السماح لهم بالعناية من جديد بأراضيهم الزراعية، لاستعادة زراعاتهم ومواسمهم، وإعادة الاهتمام بما تبقى من أشجار زيتون في حقولهم وبساتينهم، قبل أن تستكمل يباسها وجفافها، بالإضافة إلى أهمية عودة الخدمات من ماء وكهرباء وصحة وتعليم وغيرها على مستوى البلدة، مع السماح بإدخال المواد الغذائية والمحروقات وغيرها من ضرورات الحياة، دون قيود وإذلال، كي تستعيد البلدة نشاطها الاقتصادي والحياتي.