عدنان درويش في محافظة ريف دمشق: على الحكومة أن تتوقف عن إغراق الأسواق بالبضائع الأجنبية
نقدم للقراء الأعزاء المذكرة التي أعدها وألقاها الرفيق عدنان درويش «عضو مجلس اتحاد الحرفيين بريف دمشق ورئيس الجمعية الحرفية للخياطة وصنع الألبسة الجاهزة» في مجلس اتحاد ريف دمشق، المتضمنة التوصية التي أقرها أعضاء مجلس اتحاد ريف دمشق بالإجماع باجتماعهم المنعقد بتاريخ 20/3/2006.
(إننا نطالب بإلغاء القرار الصادر عن وزارة الاقتصاد والتجارة رقم 2303 تاريخ 20/10/2005 الذي يسمح لكافة المستوردين باستيراد المواد التالية: الألبسة بكافة أنواعها، وأغطية الرأس والجلديات، والأحذية والحقائب، والعطورات ومياه التقطير.
علماً أن هذه المنتجات الوطنية كانت تتمتع بالسنوات السابقة بالحماية التامة من قبل الحكومات، بمنع استيراد الألبسة الجاهزة والجلديات المصنعة لأسواقنا.
وكانت أسواق الاتحاد السوفييتي مفتوحة أمام منتجاتنا وبعد خسارة تلك الأسواق، أصيب الصناعيون والحرفيون بالإرباكات والإحباطات لعدم قدرة أسواقنا على استيعاب المنتجات الوطنية بسبب عدم توفر السيولة لدى المستهلكين، وبدأ المنتجون يبحثون إفرادياً عن أسواق خارجية لتصريف الفائض من الإنتاج وكم تمنى المنتجون أن تقوم وزارة الاقتصاد بإيجاد أسواق خارجية لتصريف المنتجات السورية، ولكن ماجرى على أرض الواقع هو عكس ذلك تماماً حيث فتحت أسواقنا للبضائع الأجنبية بموجب القرار 2303 والذي أصاب المنتجين بالذهول والحيرة لأنهم يدركون مدى انعكاس ذلك على مستقبل الاقتصاد الوطني ومستقبل أسرهم.
والسؤال الكبير الذي يطرح نفسه: لماذا هذا القرار ولمصلحة من ومن المستفيد من وراء ذلك، ولماذا في هذا الوقت بالذات؟
كلنا يعلم أن سورية تجابه أشرس مخطط من قبل الإمبريالية الأمريكية والصهيونية وحكام إسرائيل وعملائهم في المنطقة وفي الداخل تحت مايسمى مخطط الشرق الأوسط الكبير، هذا المخطط الذي يستهدف تفكيك الدولة والمجتمع ويبدأ بضرب وإضعاف الاقتصاد الوطني، وجعله اقتصاداً عاجزاً عن مواجهة المؤامرات والضغوط التي تتعرض لها سورية، ومن هنا نرى أن على وزارة الاقتصاد حماية الاقتصاد الوطني ورفع سويته، وتوفير فرص العمل لمليون ونصف عاطل عن العمل ومحاربة التهريب للبضائع الأجنبية ابتداء من الدخان المهرب الذي يباع على مرأى الجميع في الشوارع والساحات ولاندري من أين مصادره.
فالمواطن يدفع الضريبة لرجال الجمارك لحماية الحدود وليس من أجل تمرير البضائع المخالفة للأنظمة والقوانين.
وإن قرار السماح باستيراد الألبسة والأحذية سوف يساهم في السنوات القليلة القادمة بإغلاق أكثر من مئة وعشرين ألف منشأة حرفية وصناعية وسوف يساهم بتسريح أكثر من 38% من الطبقة العاملة في هذه الصناعات ويقدر عددهم حوالي سبعمائة ألف عامل بما يزيد البطالة في السوق ويساهم بزيادة الجريمة والفساد الاجتماعي.
وينعكس سلباً على النمو الاقتصادي، بتحويلنا من مجتمع إنتاجي إلى مجتمع استهلاكي ويساهم بزيادة خط الفقر والاحتقان الداخلي وإن المستفيد منه أولاً وأخيراً أعداء الوطن في الخارج والداخل.
وللعلم إن البضائع الأجنبية وخاصة التي تأتي من جنوب شرق آسيا تستطيع المنافسة والمزاحمة للمنتجات الوطنية، بالنوعية والأسعار والسيطرة على أسواقنا لأسباب عديدة نذكر منها على سبيل المثال:
1. المستوردون للمواد الأولية ومستلزمات الإنتاج يعدون حوالي مئة وخمسون تاجراً يتحكمون بالأسواق ويستوردون البضائع من النخب الثاني والثالث التي تعطيهم أعلى نسب الأرباح والتي لاتقل عن 30% كحد أدنى بحيث يبيعونها لتجار نصف الجملة.
2. وتجار نصف الجملة يبيعونها إلى المصنعين بنسبة ربح لاتقل كذلك عن 30% وكلهم لايعطون أي فواتير نظامية لا بالسعر ولا بالكمية ولا بالمصدر أو التركيب.
3. وتجار المفرق من بائعي الألبسة الجاهزة والأحذية وغيرها لايقبلون نسبة ربح أقل من 40% كحد أدنى علماً أنه لايوجد أي رقابة على الأٍسعار.
4. وهنا يقع الصناعيون والحرفيون بين فكي كماشة من قبل تجار نصف الجملة للمواد الأولية، وبين أصحاب المحلات بائعي المفرق في السوق إضافة لمعاناتهم الكبيرة من الضرائب المفروضة عليهم من المالية إلى رسم النظافة، والتأمينات الاجتماعية وضريبة الرواتب والأجور وأسعار الكهرباء التي تجلدهم عند دفع فواتيرها.
كل ذلك جعل ثمن التكلفة للمنتج كبيرة جداً بحيث لايستطيع المنتج الوطني المنافسة أمام البضائع الآتية من الخارج إن كانت هذه البضائع مهربة أو نظامية آتية من دول التعاون العربي تحت مايسمى صنع في دول الخليح معفاة من الرسوم الجمركية.
مع العلم أن هناك العديد من المنتجات الوطنية الجيدة وتحمل المواصفات والمقاييس الصحيحة ولكن سعرها مرتفع ولاتستطيع المنافسة، كما أنه وللأسف توجد في أسواقنا منتجات لاتحمل حتى الحد الأدنى من المواصفات والمقاييس لابالمواد الأولية ولا بالتصنيع وتحمل للأسف علامة الجودة رقم 1 ومنها على سبيل المثال ألبسة أبناء المدارس وغيرها العديد؟
لذلك يجب على وزارة الصناعة تحمل المسؤولية عن ذلك وخاصة هيئة المواصفات والمقاييس السورية التابعة لها. والتي هي من أولى هيئات المواصفات والمقاييس العربية. ولكنها حبراً على ورق، وليس لها أي دور بضبط المواصفات، حماية للمنتج الجيد على حد سواء، لذلك فإن القرار المذكور هو لمصلحة كبار التجار الذين سوف يستوردون البضائع المصنعة الجاهزة وبدلاً عن استيراد المواد الأولية ليساهموا بإخراج القطع النادر من أوسع الأبواب ضمن النظام والقانون مما يدفع رؤوس الأموال للهروب من المشاريع الإنتاجية وتوظيفها بالمشاريع الريعية لجني أعلى الأرباح على حساب المنتجين ومما تقدم وانطلاقاً من حرصنا على مصلحة الوطن بالدرجة الأولى ومصلحة أبناء شعبنا ومصلحة المنتجين بشكل خاص وجعل اقتصادنا اقتصاد مواجهة لتقوية وتعزيز الموقف الوطني المشرف لمجابهة المؤامرات والمخططات الاستعمارية تحت مايسمى الشرق الأوسط الكبير لذلك نطالب بإلغاء القرار المذكور).