دير الزور.. ملل من الألم
ها نحن نقترب من عامين للحصار على دير الزور، من قبل داعش الارهابي، والأوضاع تزداد سوءاً يوماً عن يوم، مع جشع قوى النهب والفساد وتجار الأزمة، وما تزال تبريرات الحكومة والمسؤولين تحاول أن تغطي الشمس بالغربال..
لولا مظلات المساعدات التي تلقيها الطائرات الروسية لهلك أهالي دير الزور المحاصرين جميعاً، حيث وبرغم الفساد والنهب بالتعاون مع تجار الأزمة، ما زالت تسد جزءاً من رمق البقاء على قيد الحياة، وتبقي بعضاً من رمق الحياء عند البعض..
حديث وزير التربية!
نشرت إحدى القنوات التلفزيونية المحلية منذ أيام خبراً على لسان وزير التربية مفاده: أن جميع الكتب المدرسية متوفرة في جميع المحافظات .
ومع بدء العام الدراسي يتساءل أهالي مدينة دير الزور: هل طلبة دير الزور المحاصرون ضمن حسابات وزارة التربية.؟
فطلاب دير الزور لم يستفيدوا من الدورة التكميلية للمرحلة الأساسية، حيث لم تنفذ، والكتب ليست متوفرة في دير الزور، وتعديلات المنهاج والكتب الجديدة لم تصل إليها منذ عامين!.
وكنا نتمنى أن تقوم وزارة التربية بإسقاط الكتب والمستلزمات الأخرى، من أقلام ودفاتر وحقائب وأدوات هندسية، وغيرها من مستلزمات الطالب جواً، كونها غير متوفرة في المحافظة، ولا قدرة للأهالي على شرائها من التجار فأسعارها خيالية، وذلك ليس بالصعب ويمكن أن يتم بالتنسيق مع المنظمات المانحة مثل اليونيسيف، ومع الجهات المعنية الأخرى، خاصة وقد أعلن عن مساعدات مقدمة من اليونيسيف للطلاب تتمثل بحقيبة مع دفاتر وقرطاسية.
وخاصة أيضاً أن اليونيسيف، بالتعاون مع وزارة التربية، كانت قد أرسلت رسائل نصية على الجوالات قبل بدء العام الدراسي تقول بالعامية المحكية: «بدي ولادي وولاد حارتي كلن يتعلموا. سجل في المدرسة الآن. وزارة التربية».
فالدفتر ذا 20 صفحة يباع بـ 500 ليرة، وذا 50 صفحة سلك بـ 1200، وأرخص قلم جاف بـ 150 ليرة، وقلم الرصاص ذا الخراطيش الصغيرة بـ 700 ليرة، ولا يوجد غير هذه القرطاسية، فالحقائب غير متوفرة، وقد أصبحت حقائب العديد من الطلاب عبارة عن أكياس الرز الفارغة من أكياس المساعدات.. وبقية الدفاتر وأدوات الهندسة والألوان وأقلام الرصاص العادية والمحايات والبرايات غير متوفرة.
الهلال الأحمر يحطم سعر السكر
يقول ناشطون ومتطوعون في الهلال الأحمر، وصل سعر السكر إلى 5000 ل.س، وعندما قمنا بتوزيع حصة السكر انكسر سعره في الأسواق، وفعلاً وصل سعر الكغ إلى 2500 ل.س.
علماً أن هذا يتناقض مع قول محافظ دير الزور على إحدى القنوات المحلية سابقاً بأن سعر كغ السكر 200 ليرة!.
من جهة أخرى تباع بأسواق الأحياء المحاصرة علب تونا، من ماركة معينة، منتهية الصلاحية منذ خمسة أشهر، بعد محو تاريخ الإنتاج وتاريخ انتهاء الصلاحية، بغياب تام لأجهزة الرقابة المعنية، وعلى عينك يا مسؤول..!
قرارات مريبة!
يضيف الأهالي: صدرت قرارات مريبة تستدعي القلق وتقرع الأجراس لمحاسبة من يقف وراءها، وهي:
- تخفيض حصص الأفران من الدقيق من 2 طن إلى 700 كغ.
بعد أن تكاتف بعض الأهالي وجهدوا بالعمل على استقرار رغيف الخبز في المحافظة، حيث وصل سعر الربطة إلى 200 ليرة سورية، ويحتاج المواطن لنصف يومٍ حتى يحصل عليها.
فهل هذا القرار جاء لزعزعة استقرار الرغيف ونسف الجهود التي بُذلت لجعل الرغيف متوفراً!؟.
- وقف الدعم عن معمل اللبن /الخاثر/ الوحيد في دير الزور، حيث يعتبر داعماً رئيسياً للعوائل المحاصرة وأطفالهم.
فهل هذا القرار جاء دعماً لمن يبيع كغ اللبن بـ 1300 ولمصلحة التجار والسماسرة، أم لتجويع المواطن؟.
فساد وتحكم تجار.!
ما زالت ممارسات ما بعد الحصار، من الفاسدين الكبار والتجار مستمرة وأهمها احتكار المواد، وارتفاع أسعارها بينما مؤسسة الخزن لم يعد لها وجود، حيث منذ عام تقريباً لم توزع أي مادة سوى بعض المواد القليلة المصادرة من المهربين وبأسعار السوق، أما أحد التجار الكبار فقد نزّل في الأسواق ما يسمى وجبة وهي مؤلفة من: (1كغ معكرونة، و1 كغ فول يابس، وعلبة مرتديلا وزن 200غ، وعلبتي تونا وزن 200 غ، و400 غ حليب مجفف، ونصف كغ زعتر، و200 غ شاي) بقيمة 15 ألف ليرة سورية، بينما قيمتها الفعلية لا تتجاوز 3000 ليرة، وهذه الوجبة لا تكفي أسرة من خمسة أشخاص إلا يوماً أو يومين في أحسن الأحوال.
والسؤال الذي يطرح نفسه كيف يتم النقل الجوي لهذا التاجر ولا يتم النقل لمؤسسة الخزن، وكيف يستطيع المواطن المحاصر أن يشتري ذلك وراتبه لا يساوي وجبتين من وجبات هذا التاجر !؟.
مواد مفقودة وأخرى نادرة
المواد الغذائية الأخرى الموجودة نادراً في الأسواق أسعارها في ارتفاع مستمر، فكغ الباذنجان 3500 ليرة والفليفلة 7000 والباميا 4500 والفواكه وغالبية الخضار واللحمة مفقودة من الأسواق منذ أشهر، وقد بيع كغ من لحم حصان أصيب بشظية بـ10000 ليرة سورية مؤخراً، حسب ما فاد به بعض الأهالي في المدينة.
ارتفاع نسبة
الوفيات بين الأطفال
زادت معدلات الوفيات بين الأطفال في المدينة بنتيجة تدهور الواقع الاقتصادي والمعاشي للأسر تحت الحصار، حيث تم تسجيل العديد من حالات نقص التغذية والجفاف والجوع بين الأطفال، كما سجلت حالات من الموت بنتيجة هذه الأسباب مؤخراً، ناهيك عن الكثير من الأمراض التي تصيب الأطفال دون أن يجد الأهالي فرصة لعلاجها، وذلك بسبب تراجع إمكانات القطاع الصحي بالمدينة، سواء على مستوى الكادر الطبي أو على مستوى تأمين الأدوية والعلاجات المناسبة، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الأدوية، بحال توفرها، ما انعكس بشكل سلبي على الطفولة بشكل خاص.
الاتحاد النسائي
بديلاً عن جامعة الفرات!
قامت رئيسة الاتحاد النسائي بتقديم باص لنقل طلبة جامعة الفرات مجاناً، كون جامعة الفرات «كسرت يدها» ولم تعمل على تأمين وسيلة نقل لطلبة الكليات من المدينة للجامعة وبالعكس.
ولا يخفى على أحد أن انخفاض الوارد الغذائي يؤثر سلباً على مقدرة الإنسان في المشي، وبخاصة تحت الشمس الحارقة، فما بالنا باحتياجات الطلبة من توفير عائدات هذا الوارد الغذائي المتدني من أجل متابعة تحصيلهم العلمي.
«أنقذوا دير الزور»
أطلق مجموعة من الناشطين عبر صفحاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي «فيسبوك» حملة بعنوان «أنقذوا دير الزور»، وذلك منذ فترة من الزمن، في مسعى من أجل تسليط الأضواء على معاناة المحاصرين في المدينة، حيث ما زال الحصار الداعشي قائماً من الخارج، مع تصاعد في القصف على الأحياء المحاصرة من قبل هذا التنظيم الإرهابي، وفي كل يوم تسجل أعداد جديدة من الشهداء والمصابين بين أوساط المدنيين.
كما ما زالت ممارسات وتداعيات الحصار، من قبل الفاسدين الكبار والتجار والسماسرة، بالداخل تفعل فعلها على حساب المواطنين الذين ملوا من ألمهم.