مذكرات مخبر عتيق (4)

تحدثت في العدد السابق عن افتتاح المؤتمر، وبدء أعماله بإقرار جدول الأعمال المؤلف من عدة موضوعات، وهي كما قال الأمين العام لإتحاد المرتشين:

1 - المرتشون والأمم المتحدة.

2 - المرتشون ومنظمة الشفافية العالمية

3 - المداخلات وما يستجد من أمور.

لخص الأمين العام المشكلة مع الأمم المتحدة على الشكل التالي:

بدأت في الآونة الأخيرة حركة من بعض الأفراد الذين دفعوا دولهم بسبب الرشوة وأثرها على الأخلاق، وعلى التنمية والثروة، وكذلك على تعطيل أجهزة الدولة، وبالطبع فإن كل هذا هراء، فالرشوة تساعد على الإسراع في إنجاز المشاريع، وتتجاوز البيروقراطيين والروتين، أما على الصعيد الأخلاقي فنحن لسنا مسؤولين عن تربية البشر، خاصة بوجود البيت والمدرسة والجامعة، وهذه كلها مؤسسات تربوية تحض على الأخلاق، بما في ذلك الديانات السماوية، والراشي لايجبر أحداً، بل على العكس تسود بين الراشي والمرتشي علاقة حميمية، بعد أن يكون الراشي قد مهد السبيل لهذه العلاقة، التي تقوم على أساس من الصداقة والوفاء والمصالح المشتركة، وبالتالي المصير المشترك، المهم أن هذه الدول دفعت بمشروع أصبح اتفاقية لمكافحة الفساد والرشوة، إذ أن الفساد لايقتصر على الرشوة فهناك استغلال النفوذ، والسكوت على الباطل، والسماح لخوف يعتري إنسان (ما) بالسماح لعمليات غير قانونية بالمرور، دون أن يلفت النظر إليها، إما لخوف، أو لتعفف جبان، أو لغاية في نفس يعقوب، أي أن مثل هذا المرء مستعد للرشوة، وكأنما به يقول الأرض ممهدة فلماذا لاتشركوني بالغنيمة.

فمقدمة الاتفاقية تعبر عن قلق الدول لخطورة مايطرحه الفساد من مشاكل ومخاطر على استقرار المجتمعات وأمنها، ويقوض المؤسسات الديمقراطية وقيمها الأخلاقية والعدالة، ويعرض التنمية المستدامة وسيادة القانون للخطر، ويغلفها أيضاً علاقة الفساد بالجريمة المنظمة، والجريمة الاقتصادية، بما في ذلك غسل الأموال، وهي بذلك تهدد استقرار الدول.

ولما كان الفساد يشكل ظاهرة عالمية تمس كل المجتمعات والاقتصادات بجعل التعاون الدولي ضرورياً لمنعه ومكافحته. على هذا الأساس فإن إتباع منهج شامل ومتعدد الجوانب هو أمر لازم لمنع الفساد ومكافحته، إذ أن منع الفساد هو مسؤولية تقع على عاتق جميع الدول، فإلى جانب القطاع العام يجب أن تساهم المنظمات النقابية والمجتمع المدني في منع الفساد.

كل ذلك أنتج صكوكاً قانونية لمواجهة الفساد، مثل اتفاقية البلدان الأمريكية التي اعتمدتها منظمة الدول الأمريكية في 29 /آذار/ 1996، واتفاقية مكافحة الفساد بين موظفي الجماعات الأوربية أو موظفي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي والتي اعتمدتها الدول الأوربية في 21 /ت2/ 1979، وكذلك اتفاقية القانون الجنائي بشأن الفساد، واتفاقية القانون المدني، واتفاقية الاتحاد الإفريقي لمنع الفساد التي اعتمدها رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي في 12/تموز/ 2003 حركة دولية واضحة وتهدد مصالحنا، إذ أن أغراض هذه الاتفاقية تتمثل بما يلي:

1 – ترويج وتدعيم التدابير الرامية، ومكافحة الفساد وبصورة أكفأ وأنجع.

2 - ترويج وتيسير ودعم التعاون الدولي والمساعدة التقنية في مجال منع ومكافحة الفساد بما في ذلك استرداد الموجودات.

3 – تعزيز النزاهة والمساءلة والإدارة السليمة للشؤون العامة والممتلكات العامة .

ومن المسائل المهمة في هذه الاتفاقية، تعريف المصطلحات، مثل الموظف العمومي، والموظف العمومي الأجنبي، وموظف المؤسسات الدولية، والممتلكات بكل أنواعها، والعائدات الإجرامية، والمصادرة والتجميد، أو الحجز، والسماح لشحنات غير مشروعة أو مشبوهة بالخروج من إقليم دولة إلى أخرى أو المرور وبعلم السلطات المعنية.

والأنكى من ذلك كله أنها تحض على منع الفساد، بل التحري عنه وعن مرتكبيه، وعلى تجميد وحجز وإرجاع العائدات المتأتية من الأفعال المحرمة وفقاً لهذه الاتفاقية.

إنها حرب عالمية ضدنا نحن المرتشين الذين ساهمنا بتسيير أعمال الشركات، وساعدنا في إنجاز المشاريع بالسرعة المطلوبة، على الرغم من العيوب البسيطة، مثل زيادة الأسعار إلى الضعف، من أجل دفعها للذين يوافقون وينفذون هذه المشاريع.

إنها معركة ضروس يشنها أفراد ومؤسسات، والآن دولٌ، تحاول أن تؤسس لأخلاقية جديدة في عالمنا، وهذا يضر بحركة المرتشين، ويعود بها إلى الوراء، وتتقدم حركة النزاهة والاستقامة، وأنهم أجبن من أن يعيشوا، المغامرة والمجازفة التي تعطي للحياة معنى، فيه توتر، وقلق، ويقظة، وحسابات دقيقة، ومعرفة بواقع القوى الموجودة في أي بلد، إذاً الرشوة، أو الراشي، أو المرتشي يمارسون وجوداً خاصاً على الصعيد النفسي والاجتماعي، ومن هنا كان شعار «أنا أرشي إذاً أنا موجود» يعبر عن حقيقة الحالة النفسية العظيمة.

في الحلقة القادمة أتابع معكم تقرير منظمة المرتشين الدولي.

■ فؤاد بلاط

آخر تعديل على الجمعة, 11 تشرين2/نوفمبر 2016 14:19