أحداث المالكية (جرس إنذار) للجميع
لايهم هنا الدخول في تفاصيل الجانب الجنائي في القضية فهذه مهمة القضاء الذي نتمنى أن يكون عادلا، بل المهم هو الوقوف عند تداعيات القضية ولماذا أخذت هذه الأبعاد الخطيرة والسلوكيات الغريبة عن قيم وتقاليد الشعب السوري عموما، وأبناء هذه المدينة تحديدا المعروفة بتنوعها الديني والقومي..
إننا نعتقد أن ظهور العصبيات الدينية والقومية هو نتاج السياسات المتبعة في البلاد في الجانب الاقتصادي الاجتماعي والديمقراطي، وما تمخض عنها من بطالة وفقر وإحساس بالقهر والظلم الاجتماعي الذي يأخذ في بعض الأحيان لبوسا دينيا وقوميا، وغياب سلطة القانون نتيجة تفسخ السلطة القضائية، الأمر الذي يعني غياب الدولة بمعناها الحقيقي، ولما تكون الدولة غائبة، فإنها موضوعيا تفتح المجال لكل أشكال العصبيات البدائية التي تعود إلى ما قبل الدولة والتي يراها المواطن في هذه الحالة إنها ملاذه الوحيد... وما نود تأكيده هنا إن لجوء الدولة إلى قوة القبضة الأمنية وحدها لاتجدي نفعا في مثل هذه الظروف بل تزيد الأمور تعقيدا، ولا يمكن لهذه القبضة أن تكون حلا حقيقيا.. والحل كما أكدنا في أكثر من مناسبة هو في معالجة الأسباب العميقة الكامنة خلف مثل هذا الهيجان الشعبي إثر حادثة هي بالأصل خلاف شخصي بين شابين.
-وما يزيد الأمور تعقيدا هو حالة القلق والترقب القائمة بسبب تداعيات الوضع الإقليمي والخوف من القادم، والدفق الإعلامي ذو الصبغة الدينية أو القوموية، وشحن الغرائز، وثقافة الغرف المغلقة، وازدواجية الخطاب الذي يمارسها البعض هنا وهناك، وغياب التأثير الجدي والفاعل للقوى السياسية.
-إننا إذ نسجل التقدير والاحترام لكل الجهود الخيرة من مختلف القوى السياسية، والفعاليات الدينية والاجتماعية، وتأكيد الجميع على ضرورة إبقاء المشكلة في إطارها الجنائي، ونبذ كل أشكال الإساءة إلى أي مكوّن من مكونات شعبنا، نؤكد على الدور الرائع لذوي المغدور في محاولة إخماد نار الفتنة وصرخة الأم البطلة: (لا تجعلوا من مقتل ولدي سببا للفتنة)، هي لسان حال لكل القوى الشريفة والواعية في البلاد، وهي صدى للضمير الحي، والنزعة الإنسانية لدى شعبنا السوري .
-إن المشكلة يجب أن تكون جرس إنذار لكل من يهمّه مصير البلاد والعباد للعمل من أجل إصلاح وطني حقيقي شامل ومتكامل، يحل كل الاحتقاناتـ،، ويعيد الاعتبار لدور الدولة لتكون الضامن لتنفيذ القانون، وبالتالي تحصين الوطن ضد جميع المخاطر الداخلية والخارجية التي يتعرض لها.. وستبقى ديريك رمزا لأخوة أبناء الجزيرة عربا وكردا وآشوريين وأرمن..
■ المالكية – مكتب قاسيون