أخيار وأشرار «الإعلام»
في كل مرة وأنا أتابع الشارع إعلامياً يستحضرني قول غوبلز (وزير البروباغاندا -الإعلام- النازي) : «اكذبوا ثم اكذبوا ثم اكذبوا» ، وأنا أتابع المشهد الإعلامي السوري في أغلب الأحيان.. ولا أقول ذلك من باب الشماتة لأنني كما غيري نريده أعلاماً حقيقياً صادقاً معبراً عن مصالحنا جميعاً، والمصلحة الوطنية على رأس هذه المصالح، وبلا أدنى شك أن سورية اليوم في قلب العاصفة.
يمكن القول بصدق إن ما تواجهه سورية اليوم أصعب بكثير مما عرفته خلال كل العقود السابقة، بما في ذلك حرب حزيران 67 وحرب تشرين 73 واجتياح بيروت، لكن السؤال الذي يتداعى إلى الذهن هو: هل لدينا إعلام بحجم هذه الأزمة؟ الوقائع تشير إلى عكس ذلك، لأننا أصبحنا أمام إعلام لا يحسد على موقفه من جهة تزايد عدد القتلى والمعتقلين الذين أصبحوا بالآلاف، ومازال إعلامنا يصور هؤلاء على إنهم بضع مئات من المتظاهرين في كل أنحاء سورية، الأمر الذي أدى إلى تحديد التصنيف غير المرغوب به لأبناء سورية بالأخيار والأشرار، كما كان الرئيس الأمريكي السابق يستخدمها في تصنيف العالم كله أي «من ليس معنا فهو ضدنا»، لنرى أن الإعلام ينجرف في هذه التصنيفات التي لا تستند إلى الحقائق على مبدأ «لا صوت يعلو فوق صوت أعلامنا الحكومي»، ولنجد أنفسنا في خانة يا «أبيض يا أسود» أو «مع أو ضد»، ثم ها نحن مرة أخرى أمام تلك الثنائيات الوهمية «معارضة ونظام، ومندس و شبيح، وحكومة وشعب».
إن المحزن حقاً كيف أن بعض الأمهات عبرن عبر هذا الإعلام بأنهن استطعن تسليم أبنائهم إلى بعض الجهات لكي لا ينجرفوا بتلك الاحتجاجات بعد أن وجدوا بحوزتهم حبوب الهلوسة وغيرها، أي سريالية في هذا المشهد الإعلامي الخطير وأي موضوعية هذه؟.
هناك فعلاً أسئلة تفرض نفسها ونحن على أثير إعلامنا المسموع والمقروء والمرئي والالكتروني... فكيف لهذا الإعلام بعد أن فقد هذا الكم الهائل من المصداقية أن يستطيع مجاراة الآلة الإعلامية العالمية العملاقة الموجهة للتحريض والطائفية في سورية للنيل من وحدتها. يبدو أننا مطالبون بإعادة النظر في كلامنا عن الأعلام من حيث أنه السلطة الرابعة، لأنه اليوم بات يلعب دور السلطة الرئيسية سواء كان في الغرب أو الشرق، والخاسر الأول والأخير في هذه المعركة هو الشعب السوري والوطن برمته.