من الصحافة المحلية: انتقاادات شديدة لأداء الحكومة
مَن المسؤول؟
• محمد سماق
تعاني حياتنا العامة بعضاً من مظاهر الخلل في العديد من جوانبها: في الكهرباء والماء والمرور... وغيرها, فمَن المسؤول عما آلت إليه أوضاع تلك القطاعات؟ الكهرباء تقطع فترات زمنية طويلة تؤثر على الفرد في حياته اليومية وعلى الاقتصاد في حركته وأدائه. الأسباب المعلنة لم تكن مفاجئة وليست مستعصية على الحل, فمثلاً يقال عن تنامٍ كبير للطلب على الطاقة الكهربائية يتراوح بين (8- 10%) سنوياً. فلماذا لم نحاول الإعداد لذلك من خلال التوسع في محطات توليد الطاقة وتركيب استطاعات جديدة, ويتم الحديث أيضاً عن قِدم شبكات النقل والتوزيع فلماذا لم نقم بصيانتها أو استبدالها أو توسيعها وفق ما هو متعارف عليه عالمياً؟ والأغرب من كل ذلك شكوى مسؤولي قطاع الكهرباء عن النسبة الكبيرة في الفاقد والاستجرار غير النظامي المقدر بما يزيد على 30% من الطاقة المولدة, والسؤال هنا لمن هذه الشكوى؟
هل هي للمواطن وإذا كان الأمر كذلك فهل في قدرة المواطن أو من مهامه قمع المخالفات وتحسين عامل الاستطاعة في الشبكة والتخفيف من الهدر والفاقد.. وغير ذلك من الإجراءات المألوفة في حالات كهذه؟
المياه تقنن أيضاً لساعات عديدة يومياً وفي بعض المناطق لأيام, التبرير الرسمي المعلن لذلك هو عدم توفر الكميات الكافية والسؤال هنا هل تعتبر سورية من دول العوز المائي؟ لم يقل بذلك - وفق ما أعلم - أحد حتى الآن من خبراء الداخل أو الخارج. ثم ماذا عن المناطق الغنية بموارد المياه والمعروفة بأمطارها الوفيرة ففي بعض بلدات وقرى الساحل تنقطع المياه لأكثر من عشرين ساعة وأحياناً لأيام, فلماذا؟ علماً بأن هذه المناطق - كما هو معروف - لا تشكو من قلة الأمطار أو مصادر المياه الأخرى.
الأغرب من ذلك هو ظاهرة تلوث مياه الشرب في بعض المناطق, ففي مدينة السلمية حدثتنا وسائل الإعلام عن تلوث جرثومي ثم بشرت بمحاسبة المسؤول المحلي عن المياه ومعالجة ذلك, بعدها بأيام زف إلينا الإعلام أيضاً خبراً آخر وهو الانتقال من مرحلة التلوث الجرثومي إلى مرحلة مختلفة نوعياً وهي مرحلة التلوث الكيماوي حيث اختلطت مياه الشرب بالمحروقات (مازوت أو غيره..)!!
أما شوارعنا فقد تحولت بالفوضى والمنبهات الصوتية مع تدافع وتداخل المشاة ووسائط النقل إلى مشهد سريالي يصعب حتى على أصحاب المواهب من الفنانين فهمه أو رسم لوحة شبيهة به, لقد تحول المرور في شوارعنا إلى حرب شوارع ضحاياها تعد بالآلاف سنوياً!!
لكن بعيداً عن تلك التفصيلات نعود إلى البدء لنستوضح مَن المسؤول عن ذلك وغيره؟ مهما كانت التفسيرات المعلنة مثل: عدم توريد قطع تبديلية مع بعض الشركات العالمية لمحطات توليد الطاقة, أو عدم تنفيذ بعض العقود لإنشاء محطات توليد جديدة, قلة الهطولات المطرية وانخفاض منسوب بحيرة الأسد على سد الفرات بسبب قلة المياه الواردة من تركيا, الازدياد الكبير في عدد وسائط النقل مع ازدياد أعداد القادمين لسورية استضافة أو سياحة أو غير ذلك.
نقول كل تلك التفسيرات يصعب أن تتحول لمبررات, بمعنى تفسير مقنع للمواطن فمعظمها إن لم يكن كلها مكرر يتم الحديث عنها سنوياً لكن دون أن نستعد بما يكفي لمواجهتها أو التعامل معها.
ربما كان التفسير الأكثر إقناعاً لكل ذلك هو عجز دوائر القرار المسؤولة في تلك القطاعات عن اتخاذ القرار المناسب في الزمن المناسب مما أهدر الوقت وفاقم المشاكل.
هنا يلح بالتداعي على الذهن سؤال آخر عن مشروعية استمرار المسؤول في موقعه مع عجزه عن التعامل مع قضايا ومشاكل القطاع الذي يخضع لولاياته وإيجاد الحلول المناسبة لها في الزمن المناسب؟ مع التشديد على أهمية الزمن فالزمن ليس ملكاً لنا وحدنا هو لنا ولغيرنا.
الأمم الحية تدرك طبيعة الزمن لذلك لا تنتظر طويلاً... إنها تدرك بأن الزمن لا ينتظر العاجزين.
الأرقام المرعبة !!
• أسعد عبود
التريليون يساوي ألف مليار أو ألف بليون, بمعنى أنه واحد وأمامه دزينة أصفار (12 صفراً). نحن لم نصل في سورية الى هذا الرقم.. ووصوله من أي زاوية أو في أي مجال, أمر يبعث على الفرح الشديد والخوف المريب.. لماذا؟.. من ناحية الفرح.. فلا شك أن القول بأن المشاريع الاستثمارية في سورية في ثلاث سنوات وصلت الى هذا الرقم الفلكي -بالنسبة لنا- وهذا ما صرح به الأستاذ عبد الله الدردري, أمر يبعث على الفرح في ظل الهيبة للرقم المذهل هذا.. ألف مليار ليرة.. يالطيف..
أما من ناحية الخوف المريب.. فمصدره أمران:
الأول, خلبية الرقم.. يعني أن تكون أرقام بلا حقائق مجسدة على الأرض.. وأن نعتمد على أرقام خلبية في طرح حالنا وشرح شؤوننا هو أمر مرعب بجد.. كفانا تشدقاً بأرقام وهمية, نصغر فيها مشاكلنا (البطالة.. الفقر.. التضخم) ونكبر فيها انجازاتنا كالاستثمار ومعدل النمو والناتج المحلي وغيره. أنا أرى أن أرقامنا الحقيقية ليست مدعاة خجل كي نهرب منها الى أرقام فلكية وهمية, فلنواجه الواقع كما هو..
طبعاً الأستاذ الدردري لم تفته هذه القضية, وشعر وهو يطرح الرقم بخطورة القول فتابع قائلاً حسب الاعلام: (لكن علينا أن نركز على تقنية التنفيذ وتحويل المشاريع من مشاريع على الورق الى مشاريع على أرض الواقع..)
إذن هو كان يتحدث عن تريليون المشاريع المشملة بالقانون 10 لتشجيع الاستثمار.. وهذا التشميل جعجعة فأين الطحين؟.. وقد سبق لي أن طالبت بالتراجع عن التعامل مع أرقام التشميل نهائياً وحتى إعلامياً.. والاستعاضة عنه بأرقام التنفيذ الفعلي مهما تباين الرقمان.. وللذين لايدركون معنى (تشميل) فهو يعني موافقة نظرية على مشاريع نظرية ليس ثمة ما يلزمها بالتحول الى واقعية عملية.
الأمر الثاني المخيف في هذا الرقم.. أن يقرأه أصحاب مدارس الفساد الذين جنوا المليارات -وأحمد الله أن معظمهم لا يجيد القراءة- فإن قرؤوه, سيكون هدفهم القادم؟!! هل ثمة ما يخيف أكثر من ذلك.. ويا أرض اشتدّي.