جرمانا.. الفوضى العارمة!
جرمانا، البلدة المدينة، ترزح مثل غيرها، تحت الكثير من الضغوط الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والخدمية.
ففي شوارعها، وحتى الواسعة منها، يستحيل السير أو التسوق أو الانتقال من محل إلى آخر دون أن تصطدم بعشرات الأكتاف أو تتعثر بضعفيها من الأرجل، وذلك بسبب الازدحام الذي سببه الوافدون إليها بأعداد كبيرة (الأخوة العراقيين)، الذين تم الترحيب بهم من أهل البلدة بشكل كبير، ولكن السلطات المختصة لم تتخذ أي إجراء وقائي، أو تضع قانوناً رادعاً لتماسيح السوق الذين جيّروا قانون العرض والطلب لخدمة مصالحهم الخاصة، واستغلوا زيادة الاستهلاك في المواد التموينية اليومية، برفع أسعارها أضعافاً مضاعفة. وهذا لا يذكر أمام الجنون المتزايد في أسعار العقارات (شراءً أو إيجاراً)، فقد أصبح من المستحيل على ذوي الدخل المحدود، وهم يشكلون السواد الأعظم من أهل البلدة، إيجاد مأوى بسعر معقول، مهما كانت الشروط متهاودة. وأصبح سعر شقة عادية، كسعر شقة فاخرة في باريس أو روما، وما من رادع. أما عن السيارات التي تملأ الشوارع، والازدحام الجنوني الذي تسببه، فيكفي أن نقول إنه يلزم المرء ليقطع الشارع الرئيسي طولاً، وهو طريق لا يزيد طوله عن 1كم، يشق المدينة مناصفة من الغرب إلى الشرق، ما بين نصف الساعة إلى 45 دقيقة، وقد يصل أحياناً إلى الساعة. كل ذلك ظاهر للعيان، وما من أحد أوعز لتركيب إشارات مرور ضوئية، إن كان على المفارق الهامة، أو على ساحات التقاطعات الرئيسية. فدائماً نرى السيارات، عند ساحة الرئيس، تدخل الدوار مع بعضها، ومن الجهات الأربع سوية. وتعلق في ازدحام شائك، ولوقت طويل. ويقف شرطي المرور حائراً غاضباً، وغالباً ما يرفع قبعته ويضربها أرضاً من شدة الغيظ، ملوحاً بيديه مطلقاً كل أنواع السباب والشتائم لسائق لم يتعلم قاعدة قيادة السيارات التي تقول: (القيادة فن وذوق وأخلاق)، وقد يشد شعره بكلتي يديه في أغلب الأحيان..
جرمانا، هذه البلدة اللطيفة الوادعة، الكريمة المضيافة، تعاني، وتنتظر ناظماً لأسعار مستلزمات قوتها اليومي (البندورة، الخيار، البطاطا... الخ)، وإشارات مرور لشوارعها الرئيسية.
■ يوسف البني