أحداث من خبايا الذاكرة
خاضت منظمة الحزب الشيوعي السوري في الجزيرة معارك لا تحصى دفاعاً عن حقوق الفلاحين المضطهدين ضد بقايا الإقطاع. ومن القرى المشهورة بمعاركها، قرية «أبو راسين» (15 كم جنوب غرب القامشلي)، فمعاركها بدأت منذ خمسينات القرن الماضي، واستمرت تلتهب بين فترة وأخرى، حتى أواسط الستينات. وأكبرها كانت في عهد الانفصال، حين حاول الإقطاعيون ضرب مكتسبات الفلاحين من قانون الإصلاح الزراعي الأول، فجرت صدامات مع أزلام الإقطاع وقوى الشرطة المؤازرة لهم، أدت إلى جروح بين الطرفين، واعتقل العشرات من رجال ونساء، وتعرضوا للتعذيب وسيقوا إلى المحاكم، فاستغلت إذاعة صوت العرب القاهرية هذه المعركة، ونسبتها إلى القوى الوحدوية المعارضة للانفصال، وأذاعتها لعدة أيام.
فلاحو قرية أبو راسين، وبقيادة الرفيقين المناضلين: رفاعي وخليل حبو. حافظوا على مكتسباتهم وانتصروا على بقايا الإقطاع بتضامنهم القوي، وكانوا من رموز النضال الطبقي في المنطقة، وبعد حركة آذار 1963 التي أدت إلى ملاحقة الشيوعيين وسجنهم، متّن آغا (أبو راسين) علاقته بالأجهزة الأمنية، وأخذ يركب سياراتهم ويدلهم على بيوت الشيوعيين في قريته والقرى المجاورة تنفيساً لحقده عليهم، مثيراً بتصرفه موجة استياء في المنطقة، فهاجمه الشيوعيون في شوارع القامشلي، وضربوه ضرباً مبرحاً دون جروح، فاعتقلت قوى الأمن عشرة منهم، وعذبتهم لمدة تزيد عن الأسبوع، ثم أطلقت سراحهم، فعادوا إلى قريتهم مرفوعي الرأس، بينما انطلقت سيارات الأمن تجوب القرى، وتهدد الفلاحين الشيوعيين الذين يضربون أعداءهم.
تحية إكبار لنضال فلاحي قرية أبو راسين، ولذكرى قائديهم البطلين الرفيقين الراحلين رفاعي، وخليل حبو.