أين المحافظة من مشاكل «الأحياء» على سفوح قاسيون؟!
لطالما عانت الأحياء السكنيّة المتراصّة على أكتاف جبل قاسيون من الإهمال الحكومي، وما من مبرّر يرفع اللّوم عن عاتق المحافظة.. ولا من مجيب. فمن المهاجرين غرباً وصولاً إلى وادي السّْفيرة في الشرق، تتشابه المشاكل المتراكمة (كهرباء ـ ماء ـ شبكات هاتف ـ تنظيفات...)، ولعل حارة الأربعين في أعلى حي (الشيخ خالد) تعدّ أكثر النماذج الفاضحة لممارسات المسؤولين الاستهتارية بمصالح المواطن، بل وربما كانت خير مثال لكشف سياسة الكيل بمكيالين (داخليّاً) التي تمارسها بعض الجهات المسؤولة في البلد، والتي يمكن تلخيص مظاهرها بالاعتناء بالأحياء الغنية (المالكي ـ أبو رمانة ـ الشعلان...) وإهمال شؤون الأحياء الفقيرة (المهاجرين ـ ركن الدين (أكراد) ـ الشيخ خالد...).
ففي حارة «الحواشنة» الملاصقة للسفوح الخالية من الجبل، يتكرر انقطاع التيار الكهربائي (بعيداً عن التقنين وأخواته) بسبب اهتراء الكابلات وتداخلها مع بعضها وسوء نوعية الموجود منها، مما يؤذي السكان في ناحيتي الإنارة والتدفئة، ناهيك عن تعرض بعضهم لمخاطر الانصعاقات الكهربائية نتيجة انكشاف بعض الأسلاك ودنوّها من المارّة. ولا ننسى مشاكل أسلاك الهاتف المتقطّعة والمتناثرة كشباك العنكبوت على الجدران، والتي تعبث بها يدُ العابثين، مما يسهّل عمل لصوص المكالمات الدولية (بعيداً عن طوابع شركة الاتصالات ورسوم الإيدز على الهاتف)! فأين جهود ورشات الإصلاح في هذا الصدد، وأين المحافظة من مشاكل هذه الأحياء؟! أم أن تأهيل المناطق الأخرى (كفرسوسة مثلاً) لاستقطاب الاستثمارات الطفيلية هي الهاجس الوحيد لأعمال الإصلاح ونشاطات المحافظة؟!
ومن جانب آخر، تعاني جميع أحياء قاسيون من سوء تصريف مياه الأمطار نتيجة اهتراء مجارير الصرف الصحي التي تساهم هي الأخرى بتشكيل السيول (الآسنة) في كثير من الأحيان..! فعند اشتداد المطر تتحول شوارع هذه الأحياء وحاراتها (الضيقة جداً) إلى أنهار وأودية سيليّة غزيرة مليئة بالحصى والأوحال، فتعيق مرور الناس وتسهل اجتياح المياه للبيوت (بما يعنيه ذلك من ضرر مباشر وغير مباشر ينذر بانهيار البيوت على رؤوس قاطنيها ما لم يُمنح هؤلاء تعويضاً مناسباً يسمح لهم بترميم بيوتهم قبل حلول شتاء جديد). وعند غياب الأمطار، فإن الدور يأتي على المجارير لتذكّر السكان بمشاكل سوء التصريف، و(كرنفالات) سيول الأمراض والروائح! فأيُّ «صيانة» هذه التي تقوم بها ورشات الصيانة (إن وجدت)، وأيُّ «محافظة» على الصحة العامة والمصلحة العامة تلك التي تمارسها المحافظة؟! أم أن الاكتفاء بهدم الإنشاءات الجديدة (أو الارتشاء للسماح بها)، ومنع رخص الترميم عن السكان المتضررين هي الأشكال (الصيانوية) الوحيدة التي تعلمتها الجهات المختصة على مدار العقود الماضية؟!
أما عن القمامة وتراكمها في المنعطفات وعلى الأرصفة الوهمية (التي لا تتسع لغير شخص واحد)، فحدِّثْ ولا حَرج! وإذا كان المبرر هو صعوبة وصول سيارات تجميع القمامة إلى أعالي الجبال فنقول إن هذا مبرر واهٍ، لأن المشكلة الأساسية، دون شكّ، تكمن في عدم تخصيص عدد كاف من عمال التنظيفات للاعتناء بهذه الأحياء، وكأنها أحياء خارج السرب أو الحدود الإقليمية التي تشملها خطط لجان العمل في دوائر الخدمات في محافظة دمشق، والأمر الذي لا يحتاج لنقاش كي نثبته أو نحذّر من مخاطره، هو الآثار السلبية صحيّاً ونفسياً نتيجة تراكم القمامة في الأحياء المكتظة بالسكان، والتي بطبيعة الحال لا يجد أبناؤها مرافق خدمية تبعدهم عن الأزقة المليئة بالأوساخ والأمراض...الخ! وعليه، أين وظّفتْ (هدايا الشعوب الصديقة) المتمثلة بسيارات القمامة، هل وظّفتْ خارج المدينة وأحيائها، أم أنها ما تزال مركونة في مستودعات المحافظة ولا وظيفة لها سوى التعرض للصدأ؟!
ربما كان تأمين فرص عمل، جديدة- متجددة، عبر إتاحة المجال لعمال النظافة غير النظاميين (جامعي البلاستيك والخردة) هو حجة أخرى قد تلجأ إليها المحافظة والجهات المختصة لتبرير هذا النقص في التخديم! وإلا فأين نحن وأين المحافظة من واجباتها؟!.