زراعة البوكمال إلى أين
تشكل مساحة الأراضي الزراعية في البوكمال 40% من مجموع المساحة الزراعية في محافظة دير الزور أي ما يقارب النصف، وتبلغ كميات إنتاج المحاصيل الإستراتيجية على النحو التالي: 65000 طن قمح، 25000طن قطن، 22000 طن شوندر سكري، و12000 طن ذرة صفراء. فضلاً عن إنتاج الخضار والفواكه التي يتم تصدير الكثير منها إلى المحافظات الأخرى. هذا في الشق النباتي، أما في الشق الحيواني، فمدينة البوكمال تنتج من الحليب البقري كميات كبيرة جداً، وهناك عدد من معامل الألبان الخاصة التي تنتج جميع أنواع الجبن وباقي مشتقات الحليب.
أمام هذا الواقع نجد وزارة الزراعة متجاهلةً ذلك من خلال عدم وجود الكادر العلمي الكافي، من مهندسين ومراقبين زراعيين، فلا يوجد سوى 12 مهندساً زراعياً، و13 مراقباً، رغم ضخامة حجم العمل، فهناك خمسة شعب زراعية خارجية، وست شعب داخلية، وست عشرة وحدة إرشادية داعمة، ومظلة أسماك ومخفر حراجي، وكلها تابعة لمديرية الزراعة في البوكمال فكم من الكوادر تحتاج؟ علماً أن الثانوية الزراعية قد بلغ عدد خريجيها 700 خريج، وهناك 75 خريجاً، يحملون شهادة المعهد الزراعي، بمعنى أنه توجد الكفاءات المطلوبة، لكن يتم التعيين خارج مدينة البوكمال.
والأسوأ من ذلك، عدم وجود وحدة بيطرية متنقلة، أسوة بمدينة الميادين، حيث تبلغ مساحة البادية التابعة إدارياً لمديرية الزراعة في البوكمال 85كم طولاً و60 كم عرضاً، وهي مساحة شاسعة وكبيرة، وتعتبر مدينة البوكمال إحدى المدن السورية التي تساهم بتصدير الأغنام، خارج القطر وداخله، والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة، أمام هذه الكميات المنتجة، سواءً زراعية أم حيوانية: ألا يستدعي ذلك من وزارة الصناعة إقامة بعض المعامل التي تعتمد على الإنتاج المحلي للمواد الأولية؟! مثل مطحنة قمح، معمل ألبان أو معمل أعلاف؟ مما يؤدي بالنهاية إلى الحد من البطالة المستفحلة! ويكون مورداً ورافداً آخر من روافد الاقتصاد الوطني. وهذا يدخل من مشروع تنمية المنطقة الشرقية، التي عند «تطبيل وتزمير الحكومة» تسمع جعجعةً ولا ترى طحيناً. كثيرة هي المشاريع الاستثمارية، التي تُعرقَل في هذه الدائرة أو تلك، ولنا عودة إلى هذا الموضوع. وبالعودة إلى الوضع الزراعي في البوكمال فإننا نضم صوتنا إلى أصوات الأخوة الفلاحين والمزارعين، ونطالب بتوفير الكوادر اللازمة والتوظيف في المدينة، من أبناء المدينة، لا من خارجها، وخاصة الذين يحملون شهادتي الثانوية الزراعية والمعهد الزراعي، قبل أن يأتينا اليوم الذي نبحث فيه عن حبة قمح أو شتلة بندورة، وذلك صوناً لكرامة الوطن والمواطن، التي هي فوق كل اعتبار.