الميت لا يحمل ميتاً
نصت مراسيم الربح للشركات العامة الإنشائية رقم (167—168---169)، إلى ربح الشركات الإنشائية حسب أعمالها واختصاصاتها، وكأن الهدف من الربح، حسب رأى الحكومة، معالجة الوضع المتردي لهذا القطاع وخصوصا بالجانب المالي. ومن يتابع أوضاع هذه الشركات، وما تعانيه من صعوبات ومشاكل تراكمت عبر السنين، والتي من أبرزها نقص السيولة النقدية، والتشابكات المالية مع القطاعات والوزارات المختلفة والمديونية الهائلة التي يرزح تحتها، وقِدَم الآليات والمعدات، والنقص في جبهات العمل، والمنافسة غير المتكافئة مع القطاع الخاص.
محاولات الحكومة لمعالجة هذه المشاكل والصعوبات لم ترق إلى المستوى المأمول، وليس في نيتها العمل على معالجة وحل مشاكل هذا القطاع. الآن وبعد مضي أكثر من خمس سنوات، ازدادت الصعوبات وتضاعفت المديونية، واللجان التي شكلت لتصفية الشركات المدمجة وحل التشابكات المالية، لم تنهِ أعمالها حتى الآن، علماً أن مراسيم الدمج حددت مدة لجان التصفية بسنتين.
يعاني عمال هذا القطاع صعوبات كبيرة، بجانب مشاكل شركاتهم، وأهمها تأخر استلام رواتبهم وتعويضاتهم، وفي بعض الشركات، قد يكون هناك تراكم رواتب وتعويضات أكثر من شهرين، إلى جانب تآكل الحقوق التي اكتسبوها بفضل نضالاتهم ونضالات التنظيم النقابي عبر سنين طويلة، وساهم في ذلك أيضاً، عدم تنفيذ ما نص عليه القانون الأساسي للعاملين بالدولة رقم 50 لعام 2004 من مكاسب، وخصوصا التعويضات، وعدم تخصيص وتوفير الاعتمادات المالية اللازمة لتطبيق أحكام هذا القانون، وأقترح بخصوص رواتب وتعويضات العاملين في هذا القطاع، أن تقوم الوزارات التابعة لها هذه الشركات، بإعطاء سلفة مالية تخصص لرواتب العمال، وتحسم من كشوف أعمال هذلشخصية، نظام الطوائف الدينية، الذي أصدره المفوض السامي الفرنسي «دي مارتيل»، عام 1936، والذي مازلنا نعمل بهديه على ما يبدو، بعد أكثر من 60 عاماً من الاستقلال!
مادام من المستحيل أن نجعل قانون الأحوال الشخصية، القائم على الفقه الإسلامي، سارياً على كل الشعب السوري، بكل غناه وتنوعه الحضاري والديني، ومادام من غير المعقول أن نقبل بانقسام الشعب السوري إلى طوائف وملل في أحواله الشخصية، فالحل الوحيد هو قانون أحوال شخصية علماني واحد موحد، يشمل الشعب السوري بأكمله. ولكنني لن أجرؤ على قول هذا، تجنباً لغضب سيدنا قدري باشا، وخلفائه المعاصرين!
وللإجابة على السؤال الأساسي، الذي افتتحنا به هذا المقال: هل خرج العثمانيون حقا من سورية؟!
الإجابة هي أنهم مازالوا موجودين بيننا، بل ويتمتعون بنفوذ قوي، يمكّنهم من التحكم برقابنا.
■ س. كيالي