من خبايا الذَّاكرة
على أثر توزيع نشرات في الحسكة أواخر 1952، تندد بحكم الدكتاتور «ذيبو الشيشكلي» كما كان يسمى في الجزيرة، جرى اعتقال كثيرين، وبعد 13 يوماً من التعذيب الوحشي، ساقونا نحن - الطلاب الخمسة - إلى سجن المزة العسكري بدمشق.
وكان وزير العدل آنذاك، المحامي عبد العزيز حسن بك من القامشلي، قد استصدر قانوناً يقضي بحكم من ينتسب إلى الحزب الشيوعي السوري ثلاث سنوات سجن..
بعد خمسة أشهر، نقلونا من سجن المزة إلى سجن القلعة ليقدمونا إلى القضاء، وهنا تذكرت الرسالة الداخلية التي عممتها القيادة لكافة الرفاق حول موقف المحاكَم، فحواها أن الاعتراف بالانتماء إلى الحزب الشيوعي، يعرض المعتقل إلى استصدار الحكم بحقه، وإنكاره لمبادئه التي يؤمن بها فيه نقيصة، لذلك يجب الرد على سؤال: «هل أنت شيوعي»؟ بأن «هذا سؤال يدخل في حرية معتقدي التي يصونها الدستور، لذلك لا أجيب عليه»..
اتفقنا خمستنا: عبد الأحد كوركي، الياس مرحو، حنا عبدو، أديب أمين، وأنا، على هذا الموقف الذي نفذناه واحد تلو الأخر أما قاضي التحقيق فقد أرغى وأزبد، وهدد باللجوء مجدداً إلى التعذيب، وقد ضربني أنا بمسطرة كانت بيده على وجهي لكن دون جدوى، وهكذا حافظنا على موقفنا الصامد أثناء التعذيب بتنفيذ تعليمات القيادة في رسالتها الداخلية، وبعد أكثر من سبعة أشهر في سجني المزة والقلعة حولونا إلى قضاء الحسكة الذي أطلق سراحنا بكفالات مالية، ففقدت بذلك سنة دراسية، حيث كنت حينها في صف البكالوريا /علمي.
ولا أكتم هنا بأننا تألمنا كثيراً وقتها، لأن الحزب لم يجر معنا أي اتصال أو زيارة..