مطبات بطل من هذا الزمان... ومسلسل الغلاء
انتهت مع انتهاء شهر رمضان حمى الدراما التلفزيونية الموسمية، ليعود المواطن السوري ويغرق في أطول المسلسلات، وأخطرها على الوطن والمواطن, بما فيهم الأطفال الرضع, وحتى أجيال المستقبل, وهو مسلسل (الغلاء) المستمر منذ أكثر من عدة سنوات!!
هذا المسلسل كتبه: كل من صندوق النقد والبنك الدوليين، السيناريو, والحوار, والإخراج لرجل واحد هو النائب الاقتصادي, وهو من إنتاج كبار التجار، والفاسدين والمتنفذين. ويشارك في التمثيل، أعضاء الطاقم الاقتصادي بأدوار رئيسة، والتصوير كان كله باللون الأسود, واستخدمت فيه أحدث تقنيات التخريب والنهب للمجتمع والدولة معاً، وساهم عدد من الكومبارس بأدوار ثانوية وهؤلاء من أنصار الليبرالية الجديدة.
استخدم المخرج عدداً من الأساليب الفنية، والحيل والخدع السينمائية، وعمد إلى تغيير واسع للمسميات والمصطلحات لخداع الجمهور، لكن الجمهور اكتشف ذلك بسرعة, وخرج من الصالة, وهو يشتم ويسب سوء التمثيل، والأساليب الفتاكة، والمناظر الوحشية الرأسمالية, على الطريقة الهوليولودية, ومنها:
1 – طريقة الخطف خلفاً (الفلاش باك)، وقام بهذا الدور وزير المالية، بفرض على الفقراء والمستضعفين في الوطن، بأثر رجعي لسنوات خلت.
2 – الخيال والفنتازيات، وقام بهذا الدور وزير الاقتصاد والتجارة، وذلك بتحرير الأسعار التي حلقت ما وراء النجوم، وبات المشاهد يرى نجوم الظهر، ولا يراها؟! واستورد كل شيء، لكنه نسي أن يستورد لنا هواء معلباً غنيا بالأكسجين، لاعتقاده أن المواطن قادر على التأقلم مع أسوأ أنواع التلوث، وهذا يكسبه مناعة مؤقتة من الموت!!
3- التمويه والتضليل، بأرقام نمو وهمية, وبمسميات غير حقيقية كـ(إعادة توزيع الدعم لمستحقيه)، والخصخصة باسم الاستثمار، وبيع لمواقع التمثيل كالمصانع والشركات وغيرها.
4- استخدام أسلوب الصدمات والحرب الخاطفة مثل: رفع سعر المازوت 357 %..
5- زراعة الخوف والرعب بمشاهد من البطالة والجريمة الوحشية، وقامت بهذا الدور وزيرة العمل والشؤون، وهي العنصر النسائي الأساس في المسلسل. وعاونها وزير الزراعة بمحاربته للمحاصيل الاستراتيجية كالقمح والقطن.
بالإضافة لأساليب وتقنيات غير مكشوفة ولا يمكن إدراكها إلا للمختصين وبعض المسئولين، من ذوي الحظوة.
لقد حقق مسلسل (الغلاء) عائدات كبيرة للتجار والمتنفذين المشتركين معهم، ولا تزال العروض مستمرة حتى هذه اللحظة. وقد بلغت الأسعار ذروتها في الحلقة الأخيرة من الجزء الأول من هذا المسلسل في هذا الشهر، حيث اجتمعت على المواطن المسكين ثلاثة أحمال ثقيلة، وهي مستلزمات المدارس، وشهر رمضان، ومستلزمات العيد، فقد بلغت زيادات هذا الشهر، حوالي 35 %. وقد تساءل كثير من المواطنين وبعض المسؤولين المشاهدين: متى ينتهي عرض هذا المسلسل البغيض والسيئ؟؟ وقد أجاب بعض المهتمين بالأمر:
إن هذا المسلسل لن ينتهي طالما أن مسدس البطل يطلق النار، وينهب الذهب والليرات والدولارات, ويمكن أن ينتهي، عندما يصحو بعض المشاهدين والنقاد الذين يغفون في صالات العرض المكيفة، ويخرج جمهور المشاهدين إلى الشارع احتجاجاً على هذا المسلسل وأبطاله ومخرجه ومنتجيه والهتاف: آخر أيامك يا دردري.. ارحل عنا يا دردري!!
والله يستر من الجزء الثاني من هذا المسلسل..