التوجيه الاختصاصي والتربوي بين معايير وزارة التربية والواقع
جرت العادة سابقاً أن تعيّن مديريات التربية الموجهين الاختصاصيين والتربويين تبعاً لحاجتها، ووفقاً لشروط معينة، نذكر منها أن لا يقل قدم المرشحين لهذه المسؤولية عن /10/ سنوات، وشروط أخرى مهنية وغير مهنية. ولكن في هذه المرة طلبت وزارة التربية من مديرية تربية ريف دمشق تقديم أسماء المدرسين الحائزين على دبلوم التأهيل التربوي، لترشيحهم لكي يصبحوا موجهين اختصاصين، وعلى أثر ذلك تم الاجتماع مع هؤلاء الزملاء من قبل معاوني وزير التربية مباشرة بتاريخ 19/7/2008، ومما يميز هذه المقابلات أنها تمت بإشراف مباشر من وزارة التربية، وبأعلى مستوى أكاديمي، ونعتقد أن هذا التطور هو بالاتجاه الصحيح.
ومن خلال نظرة سريعة على واقع مديرية تربية ريف دمشق، ولاسيما دائرة التوجيه، نجد أن الكثير من الاختصاصات التدريسية لا تحوي سوى موجه واحد، فكيف سيتم تحسين أداء المدرسين فيها؟ إذا أخذنا بالاعتبار أن مهمة التوجيه تحسين أداء المدرسين، من خلال دروس المشاهدة، والزيارات الميدانية والتبادلية بين المدارس، والدورات التدريبية.
نعتقد أن في تنفيذ هذه المهات صعوبات كثيرة، وهي لا تتحقق ضمن المستوى المطلوب الذي يخدم تطوير أداء المدرس، فكلنا نعلم أن الخبرة التي يكتسبها الزملاء هي من الجهود الذاتية بالدرجة الأولى، وتختلف هذه الخبرات من مدرس إلى آخر، بحسب حبه للمادة والتدريس وإبداعه المستمر، فإذاً التوجيه لا يلعب الدور المطلوب منه، خاصة أن الإمكانات لا تسمح بذلك، ففي مديرية مثل مديرية تربية ريف دمشق، ذات الحجم الكبير بعدد المدارس، والمسافات الشاسعة التي تفصل بين تلك المدارس، من الصعوبة بمكان على أي موجه تنفيذ المهمات التي تؤدي إلى تحسين أداء المدرسين
وفيما يخص معايير اختيار الموجهين الاختصاصين والتربويين:
1ـ أن لا يقل القدم عن /10/ سنوات، وهذا يعني أن القدم يعطي الخبرة في الاختصاص، وهذا صحيح نوعاً ما، ولكن هل القدم يعطي الكفاءة؟ وبالتالي فهذا الشرط غير موضوعي حتماً، فقد نجد زملاء لم يمض على قدمهم /5/ سنوات ويتمتعون بكفاءة عالية، وذلك نتيجة لقدارتهم الفردية وحبهم للتدريس.
2ـ بالنسبة للوائح التوجيهية، وأخص بالذكر آخر لائحتين، فمن المعلوم لدى معظم المدرسين أن العديد من الموجهين الاختصاصين والتربويين يتصرفون في وضع الملاحظات وتسجيلها في تلك اللوائح بمزاجية أحيانا،ً وبالتالي فإن هذه اللوائح قد لاتكون دقيقة، في بعض الأحيان على الأقل.
3ـ أما شرط الحصول على دبلوم التأهيل التربوي، فهو شرط ضروري للموجه الاختصاصي، حيث يحدُّ هذا الشرط قدر الإمكان من تدخل المحسوبيات وما شابه ذلك.
أما عن معاناة التوجيه الاختصاصي والتربوي، فلابد من التذكير بعدة أمور:
1ـ نقص الحوافز الذي ينعكس سلباً على أداء الموجه في متابعة سير عمل المدرسين، وخاصة في ظل تدهور الوضع الاقتصادي، كارتفاع الأسعار، وتدني المستوى المعيشي.
2ـ تدخل المدراء في وضع البرامج المدرسية دون الرجوع إلى الموجه الاختصاصي.
3ـ النقص في أعداد المدرسين، وعدم وتأمين مدرسين بدلاء لسد الشواغر، فكثير من المدارس تبقى دون مدرس اختصاصي حتى نهاية العام.
4ـ عدم وجود قوانين من شأنها محاسبة المكلفين الذين ينقطعون عن الدوام المقرر، وبالتالي سيكون الضحية الطالب والموجه الاختصاصي.
ونتساءل في النهاية: هل الزيادة في عدد الموجهين الاختصاصيين والتربويين ستؤدي إلى تحسين أداء المدرسين، وبالتالي تطوير العملية التربوية والتعليمية؟