نزار عادلة نزار عادلة

ضرب مستمر للحزام الأخضر في صفقات فساد!! تزوير في العقود والاستيلاء على أرض زراعية في «جدوعة» السلمية

منذ أشهر وأهالي قرية «جدوعة» الواقعة شرق السلمية يشكلون الوفود لشرح ما أصابهم جراء صفقات فساد معلنة وواضحة، استمع لهم المحافظ وأمين فرع الحزب ورئيس اتحاد الفلاحين ووزير الزراعة ووزير الإدارة المحلية والجهات الأمنية، ولكن أحداً لم يتخذ أي قرار لوقف ما حدث، أو ما سيحدث.
قبل «جدوعة» حدثت المشكلة في «منطقة البركان»، وقبلها في قرية «عقارب» وكانت نتائجها غلياناً شعبياً واقتتالاً بين الأهالي، وقبل ذلك حدث توتر في قرية «معرشحور» أدى إلى قتلى وجرحى.
فهل هنالك قوى تعمل على توتير الوضع الاجتماعي في سورية لأهداف وغايات مرسومة؟! ولماذا تقف الجهات الوصائية عاجزة عن اتخاذ قرار؟!

 تفاصيل المشكلة

بدأت أعمال التجميل وإزالة الشيوع في قرية «جدوعة» منذ عام 1993 ولم تنته حتى الآن.
عُقدت جلسة أولى بين القاضي العقاري وأهالي القرية وتم الاتفاق على المحافظة على وضع اليد بالمكان حسب ملكية كل شخص، تحت الزيادة أو النقصان، وهذا الاتفاق موثق في محضر الجلسة الأولى، وبناء على ذلك تم تشكيل لجنة لتمثيل الأهالي، ولكن فوجئ الفلاحون بتحويل عملية التجميل إلى ما سمي «التصنيف» الذي ألغى قرار التحسين العقاري، وأدى ذلك إلى خلاف بين اللجنة الأهلية والقاضي والخبير على أعمال التصنيف، التي من شأنها الإضرار بمصالح الفلاحين وإرغامهم على بيع أراضيهم بعد أن جُزِّئت إلى مساحات يصعب عليهم استثمارها، علماً أنها مصدر رزقهم الوحيد. ونتيجة للاعتراضات المقدمة من الفلاحين ليس في قرية «جدوعة» فقط وإنما في قرى «بركان» و«عقارب» وقرى أخرى. وبعد توتر واحتجاجات واشتباكات اتُّخِذ قرارٌ بعزل القاضي العقاري وعُين قاضٍ آخر، ولكن هذا الآخر استمر بالعمل على نفس عمل القاضي السابق بل وارتكب أخطاء أكبر بحق الفلاحين، منها:
ـ إقصاء اللجنة الأهلية للتفرد بعملية التصنيف والتوزيع مع الخبير دون مراعاة وجود طرف من المصالح العقارية. حيث خص الخبير نفسه وأقرباءه وبعض المتنفذين بأفضل الأراضي من حيث الموقع والصنف، مثل:
التلاعب وتغيير تصنيف مساحات كبيرة من الأراضي بما يخالف واقعها الأساسي في الصنف، كما حدث مع كل من «محمد ق ح ح، وإسماعيل ح، وإسماعيل هـ».
عدم مراعاة القوانين وخرق اتفاق وضع اليد وعقود البيع والشراء من حيث مكانها وإبدالها من دونمات إلى أسهم، كما هو محدد بالعقود، ورفض تنفيذ بعض العقود الأخرى، وعدم التقيد بالقوانين الناظمة لمشروع الحزام الأخضر الذي عمره 25 عاماً، والآبار المرخصة والأراضي المروية والأعمال الصناعية ذات التكلفة المرتفعة «شلالات، وسائل ري حديثة» وبموجب القانون أشير لها أن تبقى ملكاً لأصحابها.
عملية التجميل ذات صفة زراعية وفق قانون التجميل وليست تجارية كما حدث في القرية.
تمت زيادة عدد الطرق الزراعية المحاذية لأراضي بعض المتنفذين وتوسيعها ليصل عرض بعضها إلى 16 متراً علماً أن الطريق الرئيسية المعبدة في القرية لا يتجاوز عرضها 10 أمتار، وذلك ليتم ضم التوسع إلى أراضيهم بعد انتهاء التجميل.
قام الخبير بجمع أموال من أهالي القرية لمصلحة التجميل مع العلم أن التجميل مجاني وعلى نفقة الدولة.

 القاضي فاضي

القاضي الحالي يلقي مسؤولية الأخطاء على القاضي السابق أو على البلدية، ويصر على فرض التجميل بما فيه من أخطاء كأمر واقع، بل ويمارس الإرهاب تجاه الفلاحين من خلال حديثه الدائم عن نفسه بأنه السلطة المطلقة غير القابلة للنقاش. ويهدد البعض بالسجن ويتوعد آخرين بالعقاب.
مدير عام المصالح العقارية بدمشق يقول: «إن اللجنة الأهلية هي المسؤولة، والمفوضة بكل الأعمال نيابة عن الأهالي».
ولكن اللجنة استقالت، ونص الاستقالة يقول: «نحن أعضاء لجنة تجميل وإزالة الشيوع في قرية «جدوعة» لم يكن لنا أي دور أو رأي أو مشاركة في عملية توزيع الأرض، لا على الواقع ولا على المصورات، بحجة أن القاضي قال للخبير: (التوزيع حصراً بيدك فقط) مع العلم أن القاضي أنكر ما قاله الخبير، ما أدى إلى أخطاء كبيرة جداً أثناء تقسيم الملكيات، وكانت هناك نسبة ضرر تقدر بحوالي 75%. ووُقِّع الكتاب من اللجنة».
 
اجتماعات بلا جدوى

في 24/6/2009 عقد اجتماع في القرية برئاسة القاضي العقاري الجديد بهدف إعلام الأهالي المالكين بإنهاء أعمال التحديد والتجميل في القرية، ومع بداية الاجتماع جرت مشادات ومشاجرات وجرحى وتم توقيف بعض الفلاحين وملاحقة آخرين من قبل رجال الشرطة، وتم تأجيل الاجتماع ساعتين، بقي متواجداً 10 مواطنين فقط فطلب القاضي منهم التوقيع على محضر الاجتماع المذكور إشعاراً بإنهاء أعمال التجميل.
بعض الأهالي لهم ملكيات ولم يتملكوا وهناك تزوير في عقود لأشخاص من خارج القرية.
يقول القاضي إن كافة الأعمال تمت وفق الاتفاق مع الأهالي من خلال اللجنة، ولكن اللجنة استقالت وما جرى يخالف المرسوم /166/ لعام 1967 وتعديلاته الذي يقول: لا يحق توزيع الآبار أو إعطائها لآخرين وقد وزعت.
ادعى الأهالي على الخبير الذي جمع الأموال لصالح التجميل دون مسوغ قانوني، والدعوى بجرم احتيال، والمبلغ الذي جُمِع مليون و600 ألف ل.س من أهالي القرية وهم دون خط الفقر أمام التصحر العام.
تم اقتلاع العشرات من أراضيهم والقضاء على مشاريع قائمة مثل الحزام الأخضر الذي كلف الدولة مئات الملايين.
تقول المصالح العقارية في حماة إن الأخطاء موجودة، وهي أخطاء مساحية، ونفى القاضي عملية جمع الأموال من أهالي القرية، فأقاموا دعوى قضائية.

 أمام اليأس

أغلقت جميع الأبواب في وجوه أهالي القرية وسط احتقان ويأس عام، فوجهوا مذكرة إلى رئيس الجمهورية جاء فيها: «نحن أهالي قرية «جدوعة» نعرض لكم ما يلي: تجري حالياً في القرية عملية تجميل وتحسين لأراضي القرية استناداً للمرسوم التشريعي /166/ لعام 1967 وتعديلاته، وإلى مجموعة من الاتفاقيات الأهلية، لكن الذي حصل من خلال الأعمال المنفذة لتاريخه، أننا فوجئنا بمخالفات عديدة، وحاولنا بكل الوسائل المتاحة تداركها وبالتنسيق الكامل مع شعبة الحزب في السلمية، ومع أمين فرع الحزب بحماة والمحافظ ومختلف الفعاليات الحزبية والرسمية والشعبية في المحافظة وخارجها، لكن دون نتيجة، حيث كان رد القاضي العقاري بأن التجميل يسير وفق المرسوم التشريعي وتعديلاته، ووفق الاتفاقيات الأهلية.
الناس يعبرون عن سعادتهم وسرورهم نظراً لقرب الانتهاء من عمليات التجميل في القرية، ولكن بما أن معظم الفلاحين المالكين لم يحصلوا على حقوقهم كما وعد القاضي العقاري، وخشية تكرار ما حصل في الاجتماع المنعقد في 25/6/2009 في مقر الفرقة الحزبية بالقرية، نرجو من مقامكم الكريم التدخل الشخصي لحل تلك المخالفات والإشكالات والوقوف عليها بكل صدق وشفافية، ومن أهم المخالفات التي نود إيضاحها هي:
1ـ مخالفة محضر ضبط القاضي العقاري رقم /133/ ص.ق تاريخ 27/6/2006 والذي ينص على مراعاة وضع اليد وإعطاء كل مالك نصيبه في كل قسم، وفي حال الزيادة عن ملكية واضع اليد يتم تسويتها بالمبادلة مع الغير، لكن الذي نُفِّذ فعلياً كان انتقائياً ولم يتح للمالكين المبادلة مع الغير.
2ـ تغيير التصنيف في بعض المواقع من قبل الخبير ولجنة الفرز والتجميل، خلافاً لرأي لجنة التصنيف ونطلب دعوة لجنة التصنيف للإدلاء بشهادتها حول هذا الموضوع.
3ـ قيام بعض المالكين المتنفذين بانتقاء أفضل المواقع على الخريطة وانتزاعها من واضع اليد الذي له فيها أتعاب لا تقدر بثمن (أشجار، آبار، دور سكن.. إلخ) رغم وجود صك ملكية يتيح له إبقاءهافي ملكيته.
4ـ الإفراط في التجزئة وتشتيت الأراضي وعدم الالتزام بتوصيات المالكين بضرورة إبقاء الآباء والأخوة جنباً إلى جنب، ما خلق حالة من تشتيت الملكية جعل العديد من الأراضي خارج الاستثمار الزراعي، خلافاً للمرسوم التشريعي /166/ وتعديلاته، ولاتفاقيات القسمة بالتراضي، حيث جرى تنفيذ تجزئة لبعض المالكين بطريقة كيدية وانتقامية.
5ـ عدم الالتزام بتنفيذ المرسوم التشريعي رقم /5/ لعام 1982 المتضمن حماية الأشجار والمناطق المرورية ومناطق أشجار الحزام الأخضر، حيث وزعت بطريقة جرى فيها تغيير صفة الأراضي الزراعية المروية والمشجرة.
6ـ قام بعض المالكين بإجراء عقود بيع وشراء لأراضيهم (أراض زراعية، بيوت سكنية) وكل صكوك البيع والشراء محددة المساحة والمكان، ومسلمة لأصحابها منذ القديم، وأكد البائعون والمشترون حين افتتاح أعمال التجميل على أن يتم تنفيذ هذه العقود وفقاً لمكانها ومساحتها، لكن القاضي العقاري تجاهل رغبة البائعين والمشترين خدمة لبعض أصحاب نفوذ.
7ـ الكيفية التي تصرفت على أساسها لجنة الفرز والتجميل بتوزيع الأقنية القديمة وخطوط الري ومجاري السيول، واعتبارها أملاكاً خاصة خلافاً للقانون، وكذلك المزاجية في ترسيم الطرق الزراعية والتي تتجاوز الطرق المعبدة في بعض الأحيان رغم أن القانون حددها تماماً.
إن جميع المالكين حريصون على أن تتم أعمال التجميل بكل أمانة وصدق وشفافية، والجميع متفقون على أنه لا يجوز لأحد أن يكون فوق القانون، مستغلاً وصايته ونفوذه، لذلك جئنا بطلبنا هذا راجين من سيادتكم الوقوف على الحقيقة بتشكيل لجنة محايدة للإطلاع على الواقع ومحاسبة المسيئين، بتطبيق القانون وإحالتهم إلى القضاء، مشيرين إلى أن معالجة هذه التجاوزات تجنبنا الاحتقان الأهالي الذي لا يمكن التكهن بنتائجه.
 إنجاز أُجهِض
التجميل والتحديد وإزالة الشيوع، عملية حضارية تجري في أكثر دول العالم، وتتم هذه العملية بالاتفاق مع المالكين من خلال لجنة أهلية منتخبة، وقد استقالت اللجنة كما رأينا، ورغم ذلك أصر القاضي العقاري والخبير وبعض المتنفذين على المضي في صفقات الفساد، ألا يحق لهذه المشكلة أن تنتهي بعد الذي جرى في مناطق عديدة، وأسفر عنه اقتتال واعتقال وتوتر؟! الحل يكون بالقضاء على الفساد أولاً وأخيراً...