من يأخذ «بحيف» الناس المهددين بمائهم؟!

يبدو أن كل شيء أصبح «مستباحاً» ليس لدى الطاقم الاقتصادي فقط، بل لدى كل تفرعاته، وأنّى اتجهنا نتعرض نحن – المواطنين- للتشليح والنهب والسلب دون رادع يردع أحداً!! وآخر هذه (الاستباحات) ما فعلته وزارة الإسكان والتعمير التي أصدرت القرار 1028 تاريخ 27/9/2007، الذي لم تظهر آثاره إلا هذا الشهر، بعد أن صدرت الفاتورة الأخيرة للمياه عن الشهرين 11 و12 لعام 2007، حيث ارتفع سعر المياه ثلاثة أضعاف ونصف بنسبة 350 % أي بنسبة تقارب رفع سعر المازوت (357 %). هذه الحكومة، ومن يساند من التجار.. والفجار، لم تعد تكتفي بنسب مئوية ومتواليات عددية، وإنما تتبع سياسة «المضاعفات» بمتواليات هندسية، وبالتالي مواجهتها تتطلب أن ترتفع «المواقف» أيضاً إلى «المضاعفات» لرفع «الحيف» عن المواطنين.

بيانات الشجب، والاستنكار، والاحتجاج، الصامت، والمكتوب كتلك البيانات التي تصدرها الأنظمة الرسمية العربية، لم تعد كافية، ولم تعد تقنع، أو تخدع أحداً.. فمن يأخذ بحيفنا نحن الفقراء والمستضعفين؟! يقول المثل: «ما حكّ جلدك، مثل ظفرك» وإليكم ما فعله وزير الإسكان والتعمير: أصدر القرار 1028 بناءً على المرسوم التشريعي رقم 70 لعام 2003 وعلى أحكام التشريع المائي رقم 31 لعام 2005، وعلى قرارنا (هو وليس نحن) رقم 528 لعام 2005 المتضمن نظام «الاستثمار» الموحد، وعلى كتاب رئيس مجلس الوزراء رقم 7198 تاريخ 20/9/2007 المتضمن الموافقة على «توصية» اللجنة الاقتصادية بجلستها رقم 31 تاريخ 3/9/2007:

المادة 1: تحدد أسعار «تعرفة» المتر المكعب من مياه الشرب حسب الشرائح التالية: 

المادة 2: يتم احتساب المتر المكعب لكافة الشرائح بـ22 ل.س في حال تجاوز الاستهلاك 40م3 شهرياً.

المادة 3: يتم احتساب المتر المكعب لكافة الشرائح بـ30ل.س في حال تجاوز الاستهلاك 60م3 شهرياً.

المادة 4: تطبق التعرفة المشار إليها في المادة (1) اعتباراً من 1/11/2007.

المادة 5: ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية ويبلغ من يلزم تنفيذه.

دمشق 27/9/2007

* في الحيثيات: يبدو هذا القرار أنه «كله بالقانون» النهب والتشريح للمواطن (كله بالقانون) وفق التسلسل مرسوم/ تشريع/ كتاب/ توصيات/ وأخيراً قرار، توصيات اللجنة الاقتصادية أصبحت «ملزمة»، وهذه اللجنة تهتم باقتصاد الوطن، والمواطن، وهي «حريصة» ألاّ يبقى في جيبه شيء من دخله، إلا وتأخذه في ظل القاعدة «من أين لك هذا.. أيها المواطن؟!».

.. إن أبسط الحقوق «الطبيعية» لأي كائن «حي» إنسان أو حيوان أو نبات هي: الأكل، والشرب. وهذه الحقوق تتحكم بها التوصيات؟؟ أما التعليم، والتعبير عن الرأي للإنسان.. وغيرها «انسَ»؟!

* في المواد (أ) المادة 1: في الشرائح المنزلية الكميات تزداد بنسب مئوية الأولى 15، الثانية تزيدها بـ10 أي حوالي 7.3 % بينما الأسعار بالمضاعفات 2.5، 7، 15، (وهذا مبدئياً غير متناسب) لأن زيادتها يجب أن تكون بالنسب كذلك، أي 2.5 يجب أن تكون 4 ونيف.. وليس 7، وهكذا.

(ب) في «الدوائر» ذات الهدر الكبير 14ل.س للمتر .. يا بلاش؟!

(ج) ـ في التجاري والصناعي: السعر 30 ل.س وبدون شرائح، وهذه أمام حلّين لا ثالث لهما: إما أن تضيف زيادة سعر الماء على المواطن, وهذا الذي سيحدث كالعادة، لأنه الحلقة «الأضعف» وإما عليها أن تغلق أبوابها، والأمران أحلاهما «مر».

المادة 2: يتم احتساب المتر لكافة الشرائح بـ22ل.س إذ تجاوز الاستهلاك 40م3 شهرياً. هذه المادة تبطل عملياً المادة الأولى هذا أولاً، وثانياً تقول «شهرياً»ومؤشري العدادات، والفواتير تحسب على أساس شهرين، وهذا تناقض واضح، ولو قبلنا بالمادة الأولى وحسبناها على طريقة زاوية (تعا نحسبها) أو الحسابة بتحسب على طريقة عادل إمام إذا كانت الأسرة تستهلك 40م3 في الشهر.

الشريحة الأولى: 15 × 2.5 = 37.5 ل.س

الشريحة الثانية: 10 × 7 = 70 ل.س

الشريحة الثالثة: 15 × 15 = 325

المجموع 432.5ل.س

أما في شهرين 40 × 2 = 80 متراً مكعباً

80 × 30 = 2400 ل.س أي أكثر من خمسة أضعاف؟!، أي أكثر أيضاً من 350 %؟؟

المادة 3: الشريحة الخامسة أكثر من 61 متر بـ30ل.س نفس المادة الثانية.

المادة 4: تطبيق التعرفة المشار إليها في «المادة 1» اعتباراً من 1/11/2007 وهذا يعني أنها لا تشمل المادتين 2 و3؟!

* في الحكم: القرار «باطل» شكلاً ومضموناً ويخالف المراسيم والتشريعات، ودستور الطبيعة، والدستور الوضعي، والدستور السماوي، ألم يأت في القرآن الكريم «وجعلنا من الماء كل شيء حي»؟ وهذا القرار «المائي» يؤدي إلى هلاك المواطن. والرسول الكريم قال: الناس «شركاء» في ثلاث: الماء، والكلأ، والنار.. لقد استولت الحكومة على الماء، والكلأ، مع إطلاق النار علينا باستمرار، نار الأسعار، بالتعاون مع التجار.. والفجار، مع سابق التصميم، والترصد.. فأين الشراكة.. بالاشتراكية؟! فمن يأخذ «بحيفنا»؟!

نقول كل ذلك من على ضفاف نهر الفرات نيابة عن العطاش والفقراء الذين يتعرضون في هذا الصيف الجاف للعجاج بشكل يومي تقريباً، مما يزيد من حاجتهم للماء، ويزيد من كارثتهم بأسعاره وأرقام فواتيره..

■ زهير مشعان

آخر تعديل على الثلاثاء, 29 تشرين2/نوفمبر 2016 22:21