وللفقراء صوت أيضاً: (هنا السويداء)..!

وللفقراء صوت أيضاً: (هنا السويداء)..!

تستمر السياسات الرسمية في استفزاز المواطن، وإشعاره بشكل دائم أنه على شفير الهاوية، وأن رقبته بأيديهم وأن كلمته غير مسموعة، وهو منسي كما همومه ومعاناته ومطالبه.

ولعل الهدف هو تدريب الناس على التأقلم مع الإجراءات السلبية المتراكمة التي تطال حياتهم مباشرة، وذلك بالحدود الدنيا من ردود الأفعال الرافضة لهذا النوع من التأقلم، وبالتالي تجهيزهم نفسياً للقادم الأعظم كي يتلقوه بأكبر قدر ممكن من الرضى والتسليم بقضاء الله وقدره.

اعتصام أمام كازية المحروقات 

منذ أيام اعتصم السائقون الموجودون عند الكازية التابعة لفرع المحروقات في السويداء، حيث أغلقت السيارات التي تنتظر دورها في تعبئة البنزين، كل الطرق المؤدية للسويداء وصولاً حتى مشارف قرية عتيل، وقام السائقون بقطع الطريق العام الواصل بين السويداء ودمشق ومنع السيارات من المرور، مطالبين بإعادة النت المقطوع منذ أيام تحت ذريعة الإصلاح، كي يتمكنوا من تعبئة البنزين من خلال البطاقة الذكية الممنوحة لهم من قبل الجهات المعنية في السويداء، لتنظيم توزيع البنزين، وما هي إلا ساعتان حتى عاد النت المقطوع دون إنذار مسبق أو مبرر.

أثناء توجه قاسيون إلى مكان الاعتصام شاهدنا أرتالاً طويلة من السيارات المتوقفة على الكازيات وهي: (الشهباء_ سرايا_ بلان_ الفلاحين_ المحروقات) وجميع هذه الكازيات متوقفة عن توزيع البنزين بسبب انقطاع شبكة النت، الأمر الذي أدى بدوره لتعطيل البطاقة الذكية، وقد التقت قاسيون بعض المعتصمين أمام كازية المحروقات، حيث قال أبو سعيد مبتسماً: «كنا نعبي بنزين لنعمل مشوار ولا سيران، اليوم بدنا نعمل مية مشوار وسيران لنعبي بنزين الله يفرجها علينا».

السويداء حقل تجارب والنتائج غير مرضية 

علق فراس: «بس خبرني ليه نحنا المحافظة الوحيدة بسورية يلي حقل تجارب، ابتداء من قسائم المازوت والغاز، يلي أخذوا عليها من كل أسرة 200 ل.س واخترعوها لحل الأزمة، ومضي الشتى وبعد في حارات كاملة ما أخذت المازوت المخصص للتدفئة، واليوم طلعوا علينا بفكرة البطاقة الذكية، كما أسموها، لتوزيع البنزين بعد ما طلعت ريحة السرقات من خلال ألاف القسائم المزورة من قبل بعض مسؤولي المحافظة وأصحاب الكازيات».

فيما عقب أبو عهد: «مثل ما أنت شايف الأزمة هي ذاتها وزادت أكثر مع وجود البطاقة الذكية، وبدك بنزين موجود وموفر بس بالسعر الحر 500 ل.س وساعة ما بدك.. يا رجال ملينا من هالحالة.. خليها لربك يا مواطن».

قسائم مزورة وفساد علني

 

ويعلّق أحد السائقين: «إنه الفساد، لا يمكن لمحطات البنزين أن تسرق المادة وتحتكرها دون اقتسام الغنائم مع من هم موكلون بالرقابة في الدولة، ببساطة جهاز الدولة في السويداء مازال قوياً وأهالي المحافظة يساندونه ويدعمونه، والتدقيق الأمني يشمل مفاصل حياتنا كلها، ونحن نقبل به حفاظاً على أمننا وسلامة بلدنا، فكيف أن الجهة ذاتها التي تتحكم بتفاصيل المحافظة كلها وبرضى الناس وقبولها، تعجز عن ضبط احتكار البنزين.. دود الخل منّه وفيه ولا يمكن إقناع أي مواطن بغير ذلك».

يضيف أدهم: «كل فترة يتم إغلاق كازية بسبب مخالفة ما، ويستمر إرسال طلبات البنزين إليها رغم إغلاقها لتباع الكمية المرسلة في السوق السوداء وعلى عينك يا تاجر، ولاد الحرام ما خلوا ...».

أبو شادي تكلم بيأس عن المفارقات التي يراها: «على طريق دمشق- السويداء هناك محطة محروقات اسمها مرجانة، وهي تبعد مسافة 5 كلم قبل حدود المحافظة، يتوافر فيها البنزين على مدار الساعة ونادراً ما تعاني من أزمة، إلا إن كان طريق دمشق- حمص مقطوعاً، فهل اذا الطريق آمن من دمشق وحتى تلك المحطة، ثم يصبح الوضع خطيراً وتتقطع الطرقات حتى لا يصل البنزين إلاّ نادراً إلى السويداء؟، لا يمكن لعاقل أن يفهم كيف تتوافر المادة في دمشق وريفها وحتى حدود محافظة السويداء، ثم تختفي عندنا».

ويعلّق بحسرة: «حتماً لا أتمنى لمدينتي المعاناة التي يعانيها الناس في المحافظات الأخرى بسبب الأوضاع الأمنية الرديئة، لكن يصعب عليّ تفسير كيف أن المدينة التي ينعم فيها جهاز الدولة بالوقت والإمكانات والطمأنينة كلها لضبط النهب والفساد، وهي المدينة التي تعاني من أكبر معدّلات السرقة وانفلات الأسعار واحتكار المواد».

الأزمات مفتعلة.. ماذا بعد؟

وقد علمت قاسيون من بعض المصادر أن عدد طلبات البنزين التي تصل المحافظة هي 7 طلبات، علماً أن حاجة المحافظة 14 طلباً، وأنه قد تمّ تخفيض عدد ليترات البنزين للسيارات العمومي بمقدار 40 ليتر، والكمية الباقية لا تكفي السائق للعمل خارج المدينة، يضاف إلى ذلك ارتفاع ساعات تقنين التيار الكهربائي من 10 إلى 12 ساعة يومياً. 

عانت السويداء وتعاني من أزمات مطلبية معاشية حادة منذ بداية الأزمة وحتى اليوم، أزمة البنزين والطوابير الخانقة، إضافة لفلتان الأسعار الجنوني وغياب الرقابة على التجّار، لدرجة أن أسعار المواد الغذائية الأساسية والاستهلاكية في السويداء هي أغلى من دمشق وريفها ودرعا وحمص، إضافة إلى أزمات سوء الخبز وتأمين الأدوية، ناهيك عن الواقع الأمني العام وتداعياته على الناس.

من يسمع صوت الشعب الفقير؟

فليسمع السيد المحافظ الجديد، وجميع المسؤولين الموكلين بحماية لقمة الشعب الفقير وأمنه وكرامته، ليسمعوا صوت هذا الفقير والمعتر الذي يقترح عليهم حلاً بسيطا يمكن أن يأتي على المحافظة وأهلها بالهدوء والأمان عبر التوقف عن إرضاء الحرامية والفاسدين، الذين ينهبون أمواله ولقمة عيشه، والذين أثروا من التلاعب بأسعار البنزين والمازوت والغاز والطحين والتحكم ببقية البضائع والسلع والخدمات في ظل الأزمة، فهؤلاء من أكملوا وظيفة ومهمة الإرهابيين على الأرض، فمن رخّص الدم السوري هو ذاته من رفع الأسعار وتاجر بلقمة عيش كل السوريين، والواقع أثبت أن إغضاب هؤلاء أسهل من إرضائهم بكثير، إذ لا حدود لجشعهم وشراهتهم، ولو على حساب أمننا ومعيشتنا ودمنا.