في قدسيا حصار ومستفيدون
بتاريخ 9/8/2016 تداولت بعض صفحات التواصل الاجتماعي خبراً يقول: «المجموعات المسلحة في قدسيا تختطف ثلاثة شبان بتهمة التعامل مع الدولة وتقديم معلومات، وقد تم إطلاق سراح اثنين من هؤلاء فقط، مع مهلة للخروج من المدينة».
هذا الخبر يعيد إلى الأذهان حوادث أخرى مشابهة، حيث في قدسيا ما زالت بعض الحوادث ذات الصبغة «الأمنية أو العسكرية» هي السبب المعلن عن استمرار حصار الأهالي هناك، كما أصبح واضحاً بالنسبة للأهالي، المحاصرين منذ أكثر من عام، أن المتسبب الأساسي في استمرار هذا الحصار والمتحكم فيه هم القلة المستفيدة منه بشكل أساسي، وهم يتمثلون من الناحية العملية بتجار الأزمة في الطرفين، والذين يفتعلون الأزمات بين الحين والآخر من أجل استمرار استفادتهم عبر الإبقاء على واقع الحصار ومبرراته.
حتى المساعدات التي تدخل المدينة بين الحين والآخر يضطر الأهالي لشرائها من الأسواق، حيث سرعان ما تصل هذه المساعدات إلى السوق من أجل الإتجار بها عبر بعض المستفيدين والمتنفذين من حملة السلاح أو المقربين منهم والمحسوبين عليهم، الذين يضعون يدهم على هذه المساعدات عبر سطوة السلاح والترهيب به، على الرغم من قلة عددهم، حسب الأهالي.
كما أصبح من الجلي أن واقع المعاناة من الحصار تتباين حسب تباين الملاءة المالية للأهالي، باعتبار أن جزءاً هاماً من هذه المعاناة تحل عبر النقود، لهذه الجهة أو تلك، سواء بالدخول والخروج، أو بإدخال المواد والسلع والحاجيات، وحتى على مستوى الحصول على التداوي والعلاج، بمعنى آخر أن غالبية الأهالي من الفقراء والمعترين هم من تطبق عليهم معايير الحصار المرتفعة، وتخفض هذه المعايير حسب الدفع، سواء على مستوى الدخول والخروج أو على مستوى تأمين الحاجيات ومتطلبات الحياة المعيشية الأساسية، وما يزيد من معاناة الحصار هو تدني الخدمات العامة من ماء وكهرباء وصحة وتعليم وغيرها، بالإضافة إلى واقع ممارسات الإذلال والابتزاز بحق الأهالي، من قبل المتحكمين والمتنفذين على طرفي الصراع.
الأهالي الذين بات الأمر مفضوحاً بالنسبة إليهم، يتساءلون: إلى متى يستمر غض الطرف عن المتسبب الحقيقي في استمرار حصارهم؟ والذي يتمثل بالشريحة المستفيدة من هذا الحصار ليزيد ثراءها على حساب معاناتهم واستمرار مأساتهم وفقرهم وجوعهم، بما ينسجم مع توجهات معرقلي الحل السياسي على المستويات كافة، داخلاً وخارجاً، وبما يحقق جزءاً من غاياتهم.