جرمانا.. مدينة الأحلام أم الأوهام؟
ثمة أوهام كثيرة عن مدينة جرمانا في ريف دمشق، تورّط حاملها بأن هذه المدينة الواقعة في قلب الغوطة هي مدينة الأحلام.. ولكن هل هذه هي الحقيقة فعلاً؟
يقول أحد الغارقين السابقين في هذا الوهم، والذين استفاقوا منه تحت قسوة الواقع:
«اشتريت شقة في أحد أحياء المدينة بعدة ملايين في مبنى واقع على مفترق طرق له مدخلان، على أمل أن مستقبلها سيكون عظيماً، فالشقة لها شرفتان، واحدة ذات إطلالة على الغرب، ما فتئت تشرف على مزبلة دون أن تتغير هذه الحال منذ عدة سنوات، وأخرى تطل على الشرق مشرفة على محضر سكني ينتظر التشييد، وهو، ريثما يشاد البناء، مملوء بالنفايات والأوساخ والأتربة والوحول!! وهكذا ما انفكت الروائح «العطرة» المنبثقة من أكياس القمامة تعبق في كل مكان، ومازلت أنتظر أن يتبدل هذا الواقع».
هذا ما يعانيه أغلب سكان جرمانا، وخصوصاً سكان الحي الواقع في نهاية شارع البعث بين حيي كرم الصمادي والبعث أو طريق النهر الذي سقفته البلدية بعد حادثة غرق الطفلين منذ بضع سنوات، فقد خسر الناس الهواء العليل منذ سنوات، وراحوا يستنشقون روائح تضني العقل والقلب والرئتين، إذ لا توجد من حولهم سوى القمامة وأكياس الزبالة المتراكمة على جانبي الشارع غير المزفت، ملاصقةً للأبنية الحديثة. فعمال النظافة لا يزورون هذه المنطقة إلا ما ندر، وسيارات البلدية لا تستطيع الوصول إلى هذه الحارات إلا بشق الأنفس، لذلك لا تدخل الحي إلا مرة واحدة كل أسبوع. وبعد مطالبات الأهالي المتعددة بوضع حاويات في الشارع، استجابت البلدية بتخصيص حاوية واحدة من القياس الصغير لتستوعب قمامة أربع حارات!! والغريب أن الحاوية وضعت تحت خط التوتر العالي بكل ما قد يسبب ذلك من مخاطر، ومنذ بضعة أيام شب حريق في أكوام القمامة المتراكمة تحت التوتر مما عرّض الحي بأكمله للخطر الشديد، ولولا أن سكان الحي سارعوا لإخماد الحريق لحدثت كارثة!!
الأهالي قدموا شكوى لرئيس البلدية حول الموضوع، فأوعز لمن يلزم للقيام بحملة نظافة في المنطقة، لكن عناصر (البعثة) تشاجروا فيما بينهم، وانتهى الأمر بأن تركوا كل شيء على حاله وعادوا أدراجهم!؟
تحدثنا إلى سائق تكسي من أبناء الحي فقال: لولا أنني أسكن هنا لما دخلت إلى هذه الحارات مطلقاً حتى لو أعطوني مليون ليرة، لأن (الفوتة) إلى هنا مصيبة، فكل شهر أدفع تقريباً 2000 ل.س لدوزان السيارة، فإن تجنبت حفرة، أقع في غيرها لأن الطريق مليء بالحفر.
قام أهل الحي بتقديم طلب إلى رئاسة البلدية من أجل تعبيد الطريق وتزفيت الحارات، فكان الجواب: «لا توجد ميزانية»، عندئذ أراد أهل الحي أو البعض منهم تعبيد الشارع على نفقتهم الخاصة، ولكن عندما سألوا عن التكلفة، وكان الجواب بأن نقلة الزفت مع المدحلة تكلف 4500 ل.س رغم أن المسافة لا تزيد عن 50 متراً، ألغيت الفكرة من أساسها.
أحد المواطنين فكّر بردم حفرة أمام محله لأنها تشكل مستنقعاً آسناً، فوجهت له البلدية تهديدات بالمخالفة 5000 ل.س وحجز سيارة الردم إن فعل ذلك، لأن هذا يتنافى مع القانون!
كدنا نيأس من كثرة المطالبة.. فقد جفت حلوقنا من تكرار النداء دون أن يسمعنا أو يسعفنا أحد.. فأين المعنيون بالأمر من تحمل مسوؤلياتهم؟؟
■ عبير عبيد