مدرّسون بلا رواتب

مدرسو الساعات في وزارة التربية لا يتقاضون أجورهم إلا بعد ستة أو سبعة أشهر، بالرغم من الصعوبات التي يعاني منها خريجو الجامعات بأقسامها وفروعها المتعددة في سورية، والمتمثلة في صعوبة إيجاد فرص العمل التي تتناسب مع شهاداتهم الجامعية وإمكاناتهم العلمية والعملية.

لا أن بعض الخريجين تمكنوا من الحصول بعد عناءٍ كبير على ما يمكن أن تسميه أشباه فرص، وخاصة ممن تخرجوا من أقسام وفروع تربوية، تؤهلهم ليكونوا معلمين ومعلمات في مختلف المراحل التعليمية الأساسية والثانوية.

ومن المعروف أن تعيين المعلمين والمعلمات في وزارة التربية يأخذ عدة أشكال، أهمها مسابقات التعيين النادرة أصلاً والتي تدخل فيها المحسوبيات في قبول المعلمين لا الكفاءة، والشكل الثاني تعيين كوكيل بديل في حال وجود شاغر مؤقت، وينتهي تعيينه مع عودة المعلم الأصيل.

أما الشكل الثالث فهو المعلم الذي يعيَّن بنظام الحصص في عدة مدارس متجاورة، وهذه الفئة من المعلمين يعانون من صعوبات جمة، أقلها توزيع حصصهم في عدة مدارس مما يترتب على ذلك تنقله بينها في اليوم الواحد.

أما المشكلة الأكبر التي تواجهها هذه الفئة من المعلمين فتتمثل في آلية صرف رواتبهم، فمعلمو الحصص أو الساعات قد لا يتقاضون رواتبهم إلا بعد خمسة أو ستة أشهر من تعيينهم في حال وجود الميزانية التي كثيراً ما يلقي محاسبو مديريات التربية المسؤولية عليها بحجة عدم وجود ميزانية، أي أن وزارة التربية لم تصرف رواتب معلمي الساعات. ليظل المعلم في حالة ذهاب وإياب متكررة على مديرية التربية ليتسول راتبه الذي ذاق الأمرين للحصول عليه خلال ستة أشهر.

هذه هي الحال في مديرية تربية القنيطرة، فكلما ذهب المعلم أو المعلمة ليسأل عن راتبه واجه الجواب نفسه: «لا يوجد رواتب، الوزارة لم تصرف الميزانية المخصصة بنظام تعيين الساعات».

هذا ما سمعته إحدى المعلمات في كل مرة قصدت فيها مديرية تربية القنيطرة، وتضيف أن المسؤولين عن وزارة التربية يعتقدون بأننا نتكبد عناء الدراسة لأعوام طويلة ونُحمِّل أهلنا النفقات التي تحتاجها دراستنا حتى نصل إلى منصب معلم، فقط بطراً ولكي نملأ وقت فراغنا.

فنحن كما يظن مسؤولونا لسنا بحاجة لرواتبنا، فالكنوز التي نرقد عليها تكفينا عمرين بدل العمر الواحد، وهذه المشكلة لا تقتصر على مديرية تربية القنيطرة فقط، بل تنتشر في معظم مديريات التربية في المحافظات.

وهنا لابد أن نسأل المعنيين عن وزارة التربية: أما آن الأوان بعد لإيجاد حل لهذه المشكلة، وإعطائها الاهتمام اللازم في خططهم التطويرية التي كثيراً ما يصرحون بها؟! ألا يفترض أن تُسنَّ قوانين جديدة تنصف المعلم وتؤمن له الحياة الكريمة والراحة النفسية حتى يتمكن من تقديم أفضل ما لديه في سبيل بناء أجيال واعدة تكون عماد هذا المجتمع؟! أما آن الأوان بعد لنفهم أن أية محاولة للتطوير في مجال التعليم والمجالات الأخرى تبدأ من تطوير الإنسان نفسه أولاً؟!

قطاع التعليم يعتبر البنية الأولى في عملية التطوير والنهوض بالمجتمع، كما أن كل محاولات التطوير في قطاع التعليم ستبوء بالفشل ما دام معلم الرياضيات يعمل عتالاً في سوق الهال. ومعلم التربية الرياضية يعمل سائقاً على ميكروباص بحجة عدم وجود مسابقات للتعيين.

والسؤال الأهم: هل يعاني أبناء من يتجاهلوننا الذين تخرجوا من الجامعات المصاعب نفسها التي نعانيها؟! أم أنه يكتب لهم أن يولدوا موظفين سلفاً وفي أرفع الوظائف؟!!! 

ماهر عدنان فرج

آخر تعديل على الإثنين, 25 تموز/يوليو 2016 14:40