تجاوزات اللجان الإقليمية الاستثنائية في القامشلي.. الحدائق تصبح مكاتب سيارات، ورياض الأطفال مساكن، والمستوصفات دكاكين!!
أصبحت اللجان الإقليمية الاستثنائية ستاراً يتوارى خلفه الفاسدون لتحويل الصفات التنظيمية الواردة في المخططات التنظيمية لمدن وبلدات محافظة الحسكة، وبالأخص ما يجري من تعديلات على المخطط التنظيمي لمدينة القامشلي كي يستفيدوا من هذا التحويل أموالا طائلة تدخل جيوبهم من تجار العقارات والمستفيدين من هذه التحويلات.
علما بأن اللجان الإقليمية الاستثنائية ليس من صلاحيتها ولا من اختصاصها تحويل أية صفة تنظيمية لموقع خاص مملوك من المواطنين فقد نص المرسوم التشريعي رقم 5 لعام 1982 وتعديلاته بالقانون رقم 41 لعام 2002 في المادة رقم (8) الفقرة د «للمحافظ رئيس المكتب أن يستثني اقتراح إدخال التعديلات على أراضي البلدية أو أملاك الدولة أو لتنفيذ مشروع حيوي ذي نفع عام من شرط المدة المقررة في هذه المادة»، وبذلك يكون المرسوم قد حدد الأعمال التي يمكن إنجازها في اللجان الإقليمية الاستثنائية، وفيما يلي نص المرسوم المتعلق بهذا الخصوص:
مادة 8- فيما لا يتعارض من أسس التخطيط العمراني والبرنامج التخطيطي يجوز تعديل المخطط التنظيمي والتفصيلي وأنظمة البناء المصدقة وفق المواعيد والإجراءات التالية :
أ- يعلن المخطط أو نظام البناء بعد مرور عام واحد على إصداره لأول مرة وتقبل الاعتراضات عليه
ب- يعلن المخطط ونظام البناء مرة بعد ذلك كل ثلاث سنوات وتقبل الاعتراضات
ج- للجهة الإدارية اقتراح إدخال التعديلات التي تقتضيها المصلحة العامة على المخطط أو نظام البناء في المواعيد المحددة في هذا المرسوم التشريعي
د- للمحافظ رئيس المكتب التنفيذي أن يستثني اقتراح التعديلات على أراضي البلدية أو أملاك الدولة أو لتنفيذ مشروع حيوي ذي نفع عام على شرط المدة المقررة في هذه المادة
ه – يبت بالاعتراضات والاقتراحات المشار إليها في هذه المادة وفق أحكام هذا المرسوم التشريعي.
ولوجود الفاسدين في كل مكان وفي كل موقع فقد استغل البعض من ذوي النفوس الجشعة هذا المرسوم وعبثوا بالمخططات التنظيمية للمدن، فتحولت الحدائق إلى مكاتب تجارية ومكاتب للسيارات، والروضات إلى مساكن، والمستوصفات إلى دكاكين وذلك بمخالفة صريحة للمرسوم الذي يشير في نصه إلى أن اللجان الإقليمية الاستثنائية هي لمعالجة المخطط التنظيمي لناحية «إدخال التعديلات على أراضي البلدية وأملاك الدولة أو لتنفيذ مشروع حيوي ذي نفع عام».. ونعرض هنا بعض النماذج لما حدث في هذا المجال من تجاوزات، وهي جزء بسيط مما يتم تحويله في القرى والأراضي الزراعية في محافظة الحسكة بشكل عام، وطبعا كل شيءله ثمن ....
1-عقدت لجنة إقليمية استثنائية وصدر عنها القرار رقم 175تاريخ 442005 وحصلت فيها التجاوزات التالية :
- تحويل أملاك البلدية الواقعة على شارع زكي الأرسوزي خلف سوق الصاغة والذي كانت صفته بالمخطط التنظيمي موقع تجاري ولكن ورد في القرار إن صفة الموقع سكني وذلك إمعاناً في التمويه إلى أبنية اجتماعية وإدارية وذلك من أجل نفع المتعهد الذي رسا عليه عقد تعهد العقار وكل ذلك كي يبني الوجيبة الخلفية لأن المباني الاجتماعية والإدارية تخضع للدراسة التفصيلية ، وتاريخ التحويل وتاريخ رسو العقد متقاربان جدا وهذا يدل إن القرار كان لصالح المتعهد، طبعا هذا التبديل الحق الضرر البالغ بالبلدية لأن الموقع التجاري له قيمة وثمن أكثر من الموقع الإداري كما أن الموقع التجاري يمكن استخدامه لأكثر من غاية أما الموقع إذا أصبح مباني إدارية واجتماعية فلا يمكن استخدامه إلا وفق ما تم التحويل له فقط ، والدليل عدم إمكان إكمال المشروع حيث لا يمكن بناء فندق أو أي مشروع فوق السطح بسبب هذا التعديل حيث بقي العقار طابقين بدل أربعة طوابق
- مبادلة موقع مركز المدينة على الأملاك الخاصة إلى موقع أملاك الدولة ، علما بان المخطط يظهر بأن مركز المدينة يمتد أصلاً على الأملاك الخاصة وأملاك الدولة كما إن أملاك الدولة متوضع عليها من مواطنين ، وهنا تنتفي حجة أن البلدية لا تستطيع استملاك الأراضي الخاصة لأنها أصلاً ستدفع تعويضا للمتوضعين، وهذا القرار لم يخدم المدينة بل خدم تجار البناء (المختار كريكور كالو) والفاسدين من الجهات الإدارية (البلدية، الخدمات الفنية، مندوب الوزارة) الذين دخلت جيوبهم الملايين نتيجة رفع أسعار هذه العقارات بعد تحويلها، حيث كان سعر المتر المربع لهذه العقارات قبل تحويل صفتها باللجنة الإقليمية 1000 ل.س للمتر المربع وقد بيعت فور تحويل صفتها بمبلغ 3500 ليرة للمتر المربع ومن ثم 6500 ليرة للمتر المربع، وصولاً إلى 8000 ليرة للمترالمربع .
2- عقدت لجنة إقليمية استثنائية وصدر عنها القرار 142 تاريخ 642006 وحصلت فيها التجاوزات التالية :
- التعديلات من الرقم 1 إلى الرقم 5: لا تخدم المخطط التنظيمي، بل تخدم مصالح تجار البناء، حيث تم تحويل مواقع سكنية إلى مواقع تجارية بشكل لا ينسجم مع المخطط التنظيمي بل مع مصالح تجار البناء حصراً.
- التعديل رقم 7: تم تحويل جزء من مدرسة الأرمن الخاصة إلى موقع تجاري تبنى عليه المحلات..
3-عقدت لجنة إقليمية استثنائية وصدر عنها القرار رقم 1850 تاريخ 2262006، وحصلت فيها التجاوزات التالية:
- التعديل رقم 2: تحويل أملاك الأوقاف الإسلامية من صفة حديقة مطلة على نهر إلى صفة تجارة وأسواق.
- التعديل رقم 3: تحويل جزء من مدرسة الكلدان إلى موقع تجاري بشكل عشوائي غير منسجم مع المخطط التنظيمي والواقع الديموغرافي، (فقد تم تحويل الجزء الجنوبي من شارع الحكمة، ولم يحول الجزء الشمالي من الشارع نفسه. كما تم تحويل الجزء الشمالي من شارع النعمان، ولم يتم تحويل الجزء الجنوبي منه.. والكثير من البلوكات السكنية بشكل عشوائي).
- التعديل رقم 10: وهنا تكمن المشكلة الأكبر، حيث ورد في القرار أن الأملاك هي لطائفة السريان الأرثوذكس، بينما هي على الواقع أملاك مجلس المدينة، تم الحصول عليها نتيجة إفراز العقارات المملوكة من عائلات (دولي، عطا الله، مالول)..
4-عقدت لجنة إقليمية عادية وصدر عنها القرار 79 تاريخ 1132008، ورغم أنها دورة عادية وليست استثنائية، ومن مهامها دراسة طلبات المواطنين بشكل عام، إلا أنها ومن خلال مراجعة محضر انعقاد اللجنة رقم 9113ح تاريخ 3082007 رفضت أغلب طلبات المواطنين، ولم توافق اللجنة إلا على الطلبات الخاصة التي تخدم مصالح تجار العقارات على الشكل التالي:
- التعديل رقم 1: يقلص مساحات الفراغ بين الأبنية وبالتالي المناطق الخضراء كي يستفيد تجار البناء
- التعديل رقم 3: إلغاء مواقف الباصات من شوارع المدينة لتقديم فائدة لأصحاب العقارات بدلاً من إيجاد مواقف جديدة للباصات في الشوارع لحل أزمة السير التي تتفاقم يوماً بعد يوم.
- التعديل رقم 4: نُفّذ بشكل يشوه المنظر العام بحيث لم تقم البلدية بمراقبة الطوابق الجملونية بحسب ما ورد في قرار اللجنة الإقليمية.
- التعديل رقم 7: تحويل حدائق إلى سكن فيلات بحجة وجود بناء قائم (علماً بأن هذا البناء الذي يخص كريكور كالو يقع في الشريط الأخضر بحسب المخطط التنظيمي، كما أن وجود بناء قائم لا يمنع من استملاكه أصولاً وتحويله إلى حديقة، فعندما تم تنفيذ المتحلق كانت هناك الكثير من الأبنية القائمة وتم هدمها واستملاكها، ما فائدة قانون استملاك الأراضي الواقعة ضمن المخططات التنظيمية للمدن، وللعلم فإن صاحب العقار دفع الكثير كي يحصل على هذه الصفة لعقاره.
- التعديل رقم 8: تحويل موقع من صفة روضة أطفال إلى سكن بحجة وجود رياض أطفال كافية.. فهل هناك دراسة وتنسيق مع الاتحاد النسائي المعني برياض الأطفال بخصوص كفاية الرياض، أم أن الفاسدين المستفيدين من هذا التبديل في الصفة، يقررون ويخططون حسب استفادتهم واستفادة تجار البناء والعقارات؟؟ إن هذا الموقع حيوي جداً، ويقع على شارع الحسكة بالقرب من محطة محروقات السياحي.
- التعديل رقم 12: تحويل صفة موقع مملوك للأوقاف من مناطق خضراء إلى تجاري.
- التعديلان 2021: إلغاء صفة رياض أطفال وتحويلها إلى مواقع تجارية وسكنية.
5-عقدت لجنة إقليمية استثنائية وصدر عنها القرار رقم 429+ 430 تاريخ 1252010، وحصلت فيها التجاوزات التالية:
- التعديل رقم واحد: قلص الفراغات بين الأبنية التي حددتها أسس تنظيم وعمران المدن، وبالتالي خلق كثافة سكانية عالية والقضاء على المساحات الخضراء.
- تعديل رقم 2: تحويل من سكن إلى مشفى، وبالأصل كان الموقع له صفة مركز مدينة حوّل سابقاً.
- التعديل رقم 3: تحويل من سكن إلى سياحي: (يلاحظ التناقض في الحجج فعندما يناسب الفاسدون التحويل من مناطق خضراء إلى سكن، تكون حجتهم أزمة السكن، وعندما يصبح من مصلحتهم تحويل المناطق السكنية إلى مواقع سياحية تنتهي أزمة السكن)!! علما بأن الموقع مبنى والأنظمة والقوانين لا تبيح تحويل الصفات التنظيمية للأبنية القائمة.. والموقع هو مطعم هافانا الكائن على الزاوية الشمالية الشرقية لدوار الباسل.
- التعديل رقم 4: تحويل السكني إلى تجاري كي يستفيد الفاسدون وتجار البناء، وهنا أيضاً لا وجود لأزمة سكن!!.
- التعديل رقم 8: تحويل روضة أطفال إلى سكن.
6- لجنة إقليمية استثنائية عقدت، وصدر عنها القرار 471 تاريخ 1962010، وثبتت فيها التجاوزات السابقة:
ومما سبق نلاحظ أنه خلال مدة لا تتجاوز خمسة أعوام عقدت ست لجان إقليمية، خمس منها استثنائية وواحدة عادية، علماً بان المرسوم الناظم لعمل اللجان الإقليمية وتعديل المخططات التنفيذية يفيد بعقد لجنة عادية كل ثلاث سنوات أو استثنائية لوجود ضرورة تخص مشروع حيوي، فإما إن مدينة القامشلي هي من المدن التي تتوسع بشكل هائل أكبر من المدن السورية الكبرى، وبالتالي تحتاج إلى لجنة إقليمية دائمة تعمل على إدخال التعديلات بشكل مستمر على مخططاتها، أو من يعمل في مجال التخطيط العمراني في بلدية القامشلي وفي دائرة الخدمات الفنية بالحسكة لا يفقه شيئاً من أسس التخطيط العمراني والأصول المتبعة في إدخال التعديلات على المخططات التنظيمية فقط جل اهتمامه ما يدخل إلى جيبه وجيوب تجار البناء وأصحاب العقارات نتيجة استفادتهم من هذه التحويلات، التي لا تخدم إلا الفاسدين والمفسدين، وتلحق الضرر البالغ بالمساحات الخضراء ورياض الأطفال ومساحات النور والهواء التي هي من حق المواطن، ولا علاقة لها بخدمة المدينة وأبنائها، فهذا ما لم نتعود عليه من بلدية القامشلي...