تصاعد العنف ضد المرأة

تقدر الإحصاءات العالمية أن نحو /130/ مليون امرأة في شتى أنحاء العالم تتعرض للعنف سنوياً، وهذا رقم كارثي، له أسبابه الموضوعية التي فرضها المجتمع الرأسمالي، وأسباب ذاتية حسب خصوصية كل بلد وكل ثقافة، وفي العموم فإن العنف الأسري والعنف ضد المرأة بالتحديد، هو ظاهرة كونية ومشكلة عالمية منتشرة بنسب مختلفة في كل أنحاء العالم وفي مختلف المجتمعات والطبقات الاجتماعية، بغض النظر عن الحضارات والمعارف والأديان، ولكنها في سورية آخذة بالتزايد لأسباب مختلفة..

 

فالعنف الأسري تعريفاً، هو كل أذى أو عنف بدني أو جنسي أو نفسي يحدث في إطار الأسرة نتيجة تعدي الرجل على المرآة، وفي بلدنا يدفع إليه استمرار التسلط الذكوري تجاه النساء، وهذا ما يشكل عائقاً كبيراً أمام تطور المجتمع ويؤدي إلى استمرار استشراء هذه الظاهرة البشعة في المجتمع، ولا يفسح لها المجال لنقاش مشكلاته بصورة سليمة، وإبقائها ضمن زوايا ضيقة ومحدودة دون الغوص في أعماقها والنظر إلى أسبابها الرئيسية..

ويلعب الفقر والتمييز الواضح بين الرجل والمرأة وجهل المرأة بحقوقها والعوامل التاريخية والاقتصادية والتربوية أدواراً مختلفة في حدوث العنف، لتبقى المرأة أسيرة الأفكار التي تصادر حقوقها وحريتها ومنعها من أداء دورها الكامل في المجتمع.. وتأتي الأنظمة والقوانين لتزيد الأمور تعقيداً خصوصاً مع الغياب شبه التام لفاعلية الجمعيات الخاصة بحماية حقوق المرآة.

وللعنف الأسري عدة أشكال ويحدث ضمن عدة مجالات أهمها:

مجال الزوجية، ويشمل كل أشكال العنف ضد النساء في إطار العلاقة الزوجية.

خارج إطار العلاقة الزوجية، ويشمل كل أشكال العنف الممارس ضد المرأة من طرف أشخاص تربطها بهم علاقة مختلفة كالأصدقاء والزملاء والجيران.

والمجال العائلي وهو العنف الذي يختلف بأشكاله الممارس من الأخ والأب والعم...إلخ.

المجال الاجتماعي- العملي، ويشمل كل أشكال العنف ضد المرأة من أصحاب العمل.

المجال المؤسساتي حيث تتقدم المرأة المتعرضة للعنف بشكوى ولا تجد أية استجابة من الجهات المختصة.

ويكتسب العنف ضد المرآة أربعة أشكال، هي العنف الجسدي كالضرب والصفع، والعنف النفسي كالتعذيب والشتائم والحرمان من الحرية والدراسة، والعنف الجنسي كالتحرش الجنسي والاغتصاب، والعنف القانوني ويقع من الدولة وذلك بعدم إنصاف الدولة للمرأة ومنعها عن حقوقها وتركها نقطة على هامش الحياة..

وبالنظر لهذه الأشكال نجد أن العنف الزوجي يتربع على الصدارة، ويكتسب حماية القانون كحرمان المرآة من الحرية أو الإنفاق، ثم يليه العنف الجسدي كالضرب من الزوج أو الأخوة، واللافت للنظر هنا أن معظم حالات العنف الجسدي أو الجنسي تتم ضمن إطار الزوجية.

كل ذلك ينعكس على المرأة سلبياً، ويترك لديها آثاراً نفسية خطيرة، ويعرضها للاكتئاب، ويؤثر على دورها في المجتمع وفي الأسرة وفي تربية أولادها، وهذه الانعكاسات السلبية كلها لا تجد أدنى اهتمام من جانب الدولة ومنظمات حقوق المرآة والمؤسسات الاجتماعية، فهذه الجهات لا تدرك حتى الآن معنى هذا الوضع بعمق، وغالباً ما تتجاهله، أو تكتفي بالكلام والجمل والشعارات الرنانة الجوفاء، دون أن تقوم بأي فعل لمنع العنف من الحدوث..

إن تفاقم هذه الظاهرة يتطلب من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، والاتحاد النسائي، والمنظمات والجمعيات المدنية، محاولة اقتلاع العنف تجاه المرأة من جذوره، وإزالة كل أشكال التمييز الجنسي ضد المرآة، كما يتطلب تحديث القوانين وإعطاء المرأة كامل حقوقها المدنية، والاهتمام بتعليمها وتوعيتها وتوفير فرص عمل لائقة لها.. وهذا يحتاج إلى نضال مشترك بين المرأة الرجل وتعاون جميع قوى المجتمع لإنجازه..

 

آخر تعديل على الإثنين, 25 تموز/يوليو 2016 12:29